تقرير | الإفقار والتجويع.. سياسة حوثية ممنهجة لإخضاع اليمنيين تُعيد شبح الجوع إلى كل بيت يمني

     
بران برس             عدد المشاهدات : 573 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
تقرير | الإفقار والتجويع.. سياسة حوثية ممنهجة لإخضاع اليمنيين تُعيد شبح الجوع إلى كل بيت يمني

لم تعد أزمة الجوع في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي تقتصر على الفقراء ومن فقدوا أعمالهم ومصادر رزقهم، بل امتدت لتطال حتى الفئات المتوسطة والدوائر القريبة من مراكز النفوذ داخل الجماعة.

في الأيام الأخيرة، ضجَّت منصات التواصل الاجتماعي بتسجيلات مصوّرة ونداءات استغاثة لفنانين وإعلاميين جلّهم ممن كانوا داعمين للجماعة، يشكون الجوع وضيق الحال. والبعض عرض بيع أعضائه في محاولة يائسة للنجاة من الهلاك جوعًا.

وكان لافتًا ظهور انتقادات من داخل الجماعة نفسها، أبرزها تسجيل القيادي عصام العنوة، عضو لجنة الحوثيين الثورية بمحافظة عمران، الذي كشف حجم فساد المشرفين والقيادات الحوثية العليا وتسببها في الانهيار المعيشي.

القيادي الحوثي قال إن عمران أصبحت بعد 11 عامًا من حكم الجماعة “مرتعًا للفاسدين والظالمين”، ساخرًا من المبررات المتكررة التي تلقي باللوم على “العدوان” الخارجي. كما تساءل بمرارة عن الفائدة التي لمسها المواطن منذ الانقلاب.

تزامن ذلك مع مشاهد صادمة ومؤلمة قادمة من العاصمة صنعاء، تظهر نساءً وفتيات ورجال يبحثون في براميل القمامة عما يسد رمقهم وأطفالهم، وسط تجاهل حوثي تام لمعاناة السكان المتصاعدة.

منهجية إفقار شاملة

تعليقًا على ما سبق، يرى الصحفي حسن عناب، أن هذا يؤكد أن “الفقر والجوع لم يعد محصوراً على عامة الناس، بل وصل إلى الميسورين وحتى الذين دعموا الجماعة وروّجوا لها”. كما يشير إلى “منهجية إفقار شاملة”.

وأكد الصحفي عناب، في حديثه لـ“برَّان برس” أن الجماعة “أوصلت الفقر والجوع إلى كل بيت عبر سياسات ممنهجة” تهدف إجمالًا إلى احتكار السلطة والثروة في يد سلالة معيّنة على حساب عموم الشعب.

وقال إن الجماعة عمدت منذ انقلابها على “احتكار موارد الدولة لكبار قياداتها ومشرفيها، وإيقاف المرتبات، وتعطيل الخدمات، وفرض جبايات وإتاوات دورية على التجار والمستثمرين والمزارعين والمواطنين باسم المجهود الحربي والمناسبات الخاصة، ومنع وصول المساعدات إلى المحتاجين والمستحقين”.

وبالتوازي، قال إنها استهدفت القطاع الخاص بفرض القيود والإتاوات الجائرة لتدفع بمئات الآلاف من الموظفين والعاملين إلى البطالة. كما احتكرت استيراد السلع الأساسية والمشتقات النفطية ورفعت الأسعار، وافتعلت أزمات الوقود والغاز المنزلي لجني الأرباح من الأسواق السوداء. 

بالإضافة إلى ذلك، يقول "عناب" إن الجماعة المدعومة إيرانيًا “انتهجت سياسات نقدية كارثية تسببت في انقسام نقدي حاد وانهيار العملة، مما أثر سلباً على القدرة الشرائية لكل يمني”. 

ليس نتيجة طبيعية للحرب 

الصحفي والحقوقي همدان العليي، قال إن “ما يحدث في اليمن من جوع وفقر ليس نتيجة طبيعية للحرب؛ لأنه فوق النتيجة الطبيعية هناك سياسة ممنهجة للتجويع”. ولهذا قال إنه “من الطبيعي أن تصل اليمن إلى مستويات عالية جدًا من الجوع، ويصل ترتيبها بين دول العالم إلى هذا المستوى الصعب”.

وأضاف العليي لـ“برَّان برس”، أن “هذا الأمر نتيجة طبيعية لسياسة التجويع ولعدم الاستقرار”. موضحًا أن “هناك دول كثيرة تعيش حربًا، لكن عندنا حرب وسياسة تجويع في نفس الوقت وهذا يجعل الأوضاع أكثر صعوبة”. 

واتفق الصحفي عناب، بأن “المجاعة الحالية نتيجة لتظافر الحرب مع ثقافة متجذرة في تكوين جماعة الحوثي وسلوكها”. مضيفًا: “لا يمكن إنكار أن الحرب المستمرة والانهيار الاقتصادي عوامل أساسية في خلق الأزمة الإنسانية الشاملة، لكن الممارسات الحوثية تذهب لأبعد من مجرد سوء إدارة في زمن الحرب”.

أما الباحث في الشؤون اليمنية والخليجية الدكتور عمر منصر، فقال إن “سياسة التجويع والإفقار التي تنتهجها جماعة الحوثي تُعد امتدادًا واضحًا لنهج الأئمة في تاريخ اليمن، إذ ارتبط حكمهم عبر العصور بانتشار الفقر والجهل والمرض”.

لماذا التجويع؟

منذ انقلابها أواخر عام 2014، ساد الحديث عن استخدام الجماعة الحوثية “التجويع” كسلاح لتركيع اليمنيين وإخضاعهم لفكرها ومشروعها الممول إيرانيًا. وأضاف عناب، أنها تستخدمه أيضًا “كأداة للقمع وإعادة هندسة للمجتمع”.

وقال إن الجماعة تعتقد أن “إفقار الشعب اليمني يجعله أكثر هشاشة، وأكثر اعتماداً عليها وخضوعًا لها”. موضحًا أن “تحويل المواطنين إلى فقراء وعاطلين، وخاصة الشباب، يجعلهم وقودًا لحروبها بعدما تصبح الجبهات مصدرًا وحيدًا للدخل”.

وإضافة إلى ذلك، قال إن “الإفقار يضمن إشغال الشعب اليمني بلقمة العيش، ويجعله عاجزًا عن المقاومة أو الاحتجاج أو التفكير في خيارات سياسية أخرى. فالشعب الجائع لا يثور إلا نادراً، بل يصبح خاضعاً”.

ومن الأهداف البعيدة لهذه السياسة “الممنهجة”، ذكر أنها تمكّن الجماعة من “إعادة توزيع ثروة البلاد من عامة الناس إلى القيادات السلالية، وتكريس طبقة سائدة جديدة”. وكذا “إعادة توزيع الأراضي والثروة على الأتباع والمشرفين لخلق طبقة اقتصادية واجتماعية موالية كقاعدة صلبة للحكم، وإفقار وتهميش باقي المكونات الاجتماعية”.

أبعاد سياسة التجويع

يرى الباحث منصر، فإن سياسة التجويع والإفقار لدى جماعة الحوثية تتجلى في أربعة أبعاد رئيسية أولها: “البُعد التقليدي”، أي “التجويع كأداة ولاء وسيطرة اجتماعية”. وهذا يرتبط “بالنظرية الإمامية القديمة القائمة على مقولة: جَوِّع القبيلي يتبعك”، وتعني أن “إفقار الناس وتجريدهم من سبل العيش الكريم يضمن ولاءهم”.

وأكد الباحث أن الجماعة توظف هذا النهج في “إخضاع القبائل وكسب ولاء مشايخها عبر منح امتيازات محدودة أو رواتب رمزية للشباب الذين يُدفعون للقتال بعد أن تتدهور أوضاعهم المعيشية”.

والبُعد الثاني، وفقًا للباحث، فهو “تعبوي”، ويتمثل في استخدام التجويع “كأداة دعائية وتعبئة أيديولوجية”، موضحًا أن الجماعة تستخدم خطاب “الحصار السعودي” لتعبئة الرأي العام، وإقناع السكان بأن الخارج هو سبب تدهور أوضاعهم ونهب مواردهم، مما يتيح لها التهرب من مسؤوليتها المباشرة عن الأزمات الاقتصادية. وبهذا، قال: “تتحول معاناة المواطنين إلى أداة تعبئة سياسية تُغذي سردية المظلومية وتُعيد إنتاج شرعية الحرب”.

وأما البُعد الثالث فهو “سياسي” أي أن “التجويع كنتيجة للانقلاب والحروب المتكررة“. وهنا يرى الدكتور منصر، أن مغامرات الجماعة السياسية والعسكرية منذ انقلابها “المشؤوم”، ورفضها المستمر لأي تسوية سلمية أو شراكة وطنية أدت إلى “تدمير وانهيار مؤسسات الدولة واستنزاف الموارد الاقتصادية”. 

وأكد أن “هذه السياسات أفرزت واقعًا من الفوضى والانقسامات، ودفعت رؤوس الأموال المحلية والأجنبية إلى الهروب، ما ضاعف حدة الأزمة المعيشية عامًا بعد عام”.

ويتمثل البُعد الأخير في الجانب الإداري “التجويع كنتاج للفساد وسوء إدارة الموارد”. ووفق الباحث فإن “أحد أبرز أوجه التجويع يعود إلى سوء إدارة الموارد المحلية مثل الزكاة والضرائب والجمارك، خصوصًا عائدات ميناء الحديدة، حيث يتم توجيه معظمها لتمويل المجهود الحربي، وشراء الأسلحة بدلاً من دفع رواتب الموظفين وتمويل الخدمات العامة”. لافتًا إلى التقارير التي تُظهر أن الجماعة “تنفق مليارات الريالات على صفقات سلاح يتم تهريبها من عدة دول خصوصاً من إيران”، مؤكدًا أن هذه المبالغ “كفيلة بتغطية رواتب موظفي الدولة لسنوات”.

أكذوبة الحصار

الصحفي عناب، لفت إلى تصاعد حالة الجوع في مناطق سيطرة الحوثيين منذ إعلان الهدنة الإنسانية مطلع العام 2022، معتبرًا هذا مؤشر على أن “المشكلة داخلية وليس كما تزعم الجماعة نتيجة العدوان أو الحصار”.

وبينما سمحت الهدنة بدخول السلع والمشتقات النفطية “بكثافة” عبر ميناء الحديدة، وتشغيل مطار صنعاء، قال إن الجماعة نشطت في جباية الرسوم الجمركية والضريبية على عشرات السفن والتي تقدرت بمئات المليارات، لكنها لم تدفع مرتبات الموظفين وفق الاتفاق، وهذا “يفضح أكذوبة الحصار ويوضح السبب الحقيقي للأزمة”. 

وأكد عناب، أن “الأزمة الاقتصادية، وتصاعد الجوع هو نتاج قرارات وإجراءات الجماعة نفسها، بما في ذلك الفساد، والاحتكار، والجبايات، ومنع المرتبات والخدمات”.

وفوق هذا، قال إن الجماعة تصر على حرمان المواطنين من المساعدة من خلال التضييق على المنظمات الدولية، ومنعها من توزيع المساعدات الإغاثية باستقلالية، ونهب معظم المعونات وبيعها في الأسواق بأسعار مرتفعة، وتحوّيل الفتات منها إلى أداة لإخضاع المواطنين وتجنيدهم في صفوفها. إضافة إلى استخدام الملف الإنساني كورقة ضغط وابتزاز للحكومة وللأمم المتحدة والمجتمع الدولي على حساب حياة ملايين اليمنيين.

 

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

توتر في عدن عقب إصرار الانتقالي على رفع علم الانفصال والمحافظ يرفض

الموقع بوست | 1104 قراءة 

مشرف حوثي يعدم أسرة كاملة بدم بارد في صنعاء

حشد نت | 1029 قراءة 

زلزال في وادي حضرموت... بيان قبلي مفاجئ يقطع "شريان الحياة" عن إخوان اليمن

الناقد برس | 885 قراءة 

عاجل:وفاة ابرز واكبر القيادات الجنوبية

كريتر سكاي | 737 قراءة 

الطيران الحربي يغزو أجواء حضرموت.. وهذا ما يحدث اليوم

المشهد اليمني | 720 قراءة 

دعوة للزحف نحو غيل بن يمين.. حلف قبائل حضرموت يستعد لهذا الأمر

موقع الأول | 702 قراءة 

أول رد من سلطنة عمان على تصريحات عيدروس الزبيدي: صرفيت ليست فكرة في خطاب بل أرض عُمانية ذات سيادة كاملة ولن نقبل أي تطاول من الانتقالي.. عاجل

مأرب برس | 698 قراءة 

عاجل:محافظ حضرموت يتحدث عن رحيل قوات الانتقالي

كريتر سكاي | 660 قراءة 

وثيقة رسمية تضع عيدروس الزبيدي في خانة التمرد المسلح.. وخبير عسكري يعلق: القرار واضح

المشهد اليمني | 619 قراءة 

السعودية تنفذ حكم الإعدام بحق قاتل قائد قوات التحالف في وادي حضرموت

بوابتي | 569 قراءة