تداول رواد منصات التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة مشاهد على نطاق واسع زعموا أنها توثق حشودا عسكرية ضخمة تتجه نحو محافظة مأرب ومناطق أخرى باليمن، مما يشير إلى تصعيد عسكري محتمل بين الأطراف المتنازعة في البلاد.
وادعت حسابات على فيسبوك وإكس أن هذه الحشود جزء من"الدعم اللوجستي" الذي وصل مؤخرا إلى مأرب التي تلعب دورا اقتصاديا حيويا في البلاد بفضل الثروات النفطية والغاز الطبيعي وخطوط التماس مع جماعة أنصار الله "الحوثيين".
وأحدثت الصور، انقساما في الآراء بين مُطالب بحل الأزمة اليمنية، وآخر يحذر من توترات ومواجهات وشيكة، مما ساعد في انتشارها على المنصات الرقمية دون التأكد من حقيقتها.
دعم عسكري نحو مأرب
في 18 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، نشرت حسابات موثقة على منصة إكس صورا زعموا أنها توثق وصول رتل عسكري إلى مأرب في إطار الدعم اللوجستي للمدينة.
وانتشرت الصور على منصة فيسبوك (مؤرشفة) مصحوبة بعبارة جرى تداولها على نطاق واسع: "قلنا لكم في ساعة فقط ستكون صنعاء جمهورية، قريبا نجتمع في ميدان السبعين بالعاصمة بإذن الله".
لكن فريق "الجزيرة تحقق" وجد الحقيقة مغايرة تماما للرواية المتداولة، فقد كشفت تقنيات البحث العكسي أن الصور نفسها تداولتها صفحات مصرية على فيسبوك في 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري على أنها من مدينة شرم الشيخ في مصر.
وأجرى فريقنا تحليلا بصريا للصور المتداولة، ليتبين أنها التقطت قبل أيام بالفعل من شرم الشيخ ضمن الاستعدادات الأمنية لانعقاد قمة شرم الشيخ للسلام، ولا علاقة لها باليمن من قريب أو بعيد.
وتظهر مطابقة عناصر الصور المنشورة بأخرى منشورة على الحساب الرسمي لمحافظة جنوب سيناء تطابقا في بعض العناصر، مثل شعار وهوية المحافظة، وأعمدة الإنارة، واللافتات على جانبي الطريق، مما يؤكد أنها التقطت في مصر.
وكانت صفحات ذكرت آنذاك أن مصر نشرت أنظمة دفاع جوية روسية في شرم الشيخ قبيل انعقاد قمة السلام، لكن هذه المعلومات لم تنشرها وسائل إعلام موثوقة، ولم تؤكد السلطات طبيعة أو شكل الإجراءات الأمنية المتبعة خلال القمة.
وتمكن فريقنا من الوصول للمصدر الأصلي لنشر الصور على موقع فيسبوك (مؤرشفة)، وتبين أنها التقطت بواسطة شاب يدعى "أحمد عاطف" الذي يعرّف نفسه على حسابه الشخصي بأنه مقيم في شرم الشيخ.
قوات النخبة في شبوة
وتداول رواد منصات التواصل فيديو آخر زعموا أنه يوثق وصول وحدات من قوات النخبة الحضرمية المدعومة إماراتيا والموجودة في محافظة شبوة إلى خطوط التماس في جبهة الضالع جنوبي صنعاء.
لكن البحث العكسي كشف عن نسخة قديمة للفيديو نفسه منشورة في 15 أغسطس/آب 2022 على فيسبوك تحمل اسم "المركز الإعلامي الجنوبي"، مرفقا بعنوان "الدفع بتعزيزات من ألوية العمالقة الجنوبية لحسم معارك العبر"، مما يؤكد أن المقطع لا علاقة له بأية أحداث جديدة في اليمن.
ونشر حساب آخر على منصة إكس مقطع فيديو زعم أنه يوثق لحظة استهداف مجموعة مسلحة في جبهة مأرب اليمنية.
لكن تبين بعد البحث أن الفيديو قديم وليس من اليمن، إذ تداوله ناشطون في سبتمبر/أيلول 2020 على أنه لاستهداف مسلحين سوريين في أذربيجان، وتداوله آخرون من زاوية أخرى في 13 مايو/أيار من العام نفسه على أنه من أفغانستان.
انقسام وأزمة إنسانية
ومنذ بداية الحرب في أواخر 2014، شهدت اليمن حالة من الانقسام بين الحكومة المعترف بها دوليا، وجماعة الحوثيين، والمجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المشتركة، بالإضافة إلى وجود تنظيمات مثل الدولة الإسلامية والقاعدة.
ويواجه اليمن منذ نحو عقد حربا مدمرة بين القوات الحكومية والحوثيين خلفت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وسط نقص حاد في تمويل برامج الإغاثة الدولية.
وقالت أكثر من 30 منظمة دولية ومحلية عاملة في اليمن منتصف أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إن اليمن يشهد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، إذ يواجه نصف السكان الجوع ويعاني نصف الأطفال دون سن الخامسة من سوء تغذية مزمن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news