بشرى العامري:
سؤال مهم، لأن ما تفعله ميليشيات الحوثي من قتلٍ واختطافٍ لليمنيات واليمنيين لم يسبق له مثيل. سلطة غاشمة عنصرية ترفع لواء المذهب برؤية منغلقة، وترى كل من هم خارج دائرتها العنصرية مجرد كائنات غير آدمية.
لقد أصبحت القبضة الأمنية للحوثيين في صنعاء ومناطق نفوذهم أكثر نازيةً من أي سلطة عرفها اليمن بل والمنطقة.
لكن، ومع كل هذا الجور، هناك من هم أشد حقارة منهم، وأقصد هنا المتحوثين؛ أولئك الذين يسيرون في “الطريق الثالث” تحت غطاء الإعلام أو العمل الإنساني، والدبلوماسي ،ويؤدّون مهمتين أساسيتين:
الأولى: الدفاع المستميت عن مسيرة الميليشيات الحوثية بكل وسيلة ممكنة، وبالذات الطريقه الناعمة من رفع الصوت بالمعاناة، او تشويه الطرف الآخر .
الثانية: تشويه كل خصوم الحوثيين وتدمير صورة كل من يعارضهم، وتضخيم اي خطأ لخصوم الحوثي وبالذات الحكومة الشرعية.
تراهم مثلاً صحافيين في وسائل مؤثرة مثل قناة الجزيرة، أو رؤساء تحرير في صحف تصف نفسها بالمستقلة، أو كتّاباً وشعراء من صنعاء أو القاهرة، يتسابقون في الهجوم العنيف على أي إجراء تتخذه السلطات الشرعية ضد أحد المتهمين المنتمين للحوثيين، كما حدث مؤخراً مع توقيف أحد المسافرين عبر مطار عدن.
وفجأة يتحول الخطاب إلى حملة تقول: إن مطار عدن غير آمن!
وكأن الأمن لا يوجد إلا في صنعاء، حيث عشرات الآلاف من اليمنيين مغيّبون في أقبية الخوف!.
يتناسون أن سلطات الحوثي مارست وتمارس أبشع الجرائم، وسلخت عشرات الآلاف من أبناء المناطق الأخرى فقط لأنهم من خارج “شمال الشمال”.
هل نطق هؤلاء بكلمة واحدة عن زملائهم المختطفين في صنعاء؟
هل سمعوا بما حدث لشاعر رقيق مثل أوراس الإرياني؟
هل تحدثوا عن اختطاف موظفي المنظمات الإنسانية هناك؟
صمت هؤلاء “المحايدين” لعشر سنوات وهم يشاهدون قتل الأبرياء من النساء والرجال، يرون الإعلاميين يُسحلون، والأساتذة يُعذَّبون، وأحكام الإعدام تصدر بحق الأبرياء، فلا ينطقون، بل يبررون ويصفقون.
لكن، حين تقوم سلطات عدن بتوقيف شخص واحد تحوم حوله شبهات، تقوم قيامتهم، ويقلبون الدنيا على الشرعية.
هذا الجيش من “الناعمين والناعمات”، المتلوّنين الذين يقبضون من الجميع ويخدمون الميليشيات تحت شعارات براقة، هو في الحقيقة أسوأ من الحوثي نفسه.
إن عبدالملك الحوثي، بكل فاشيته وخطابه الممجوج، منسجم مع ذاته: قاتلٌ متباهٍ بجرائمه، ومن حوله من أبوالحاكم إلى نصر عامر نماذج لفاشيين صغار واضحين.
لكن حين يكون الصحفي أو المثقف أو الشاعر شاهد زور، يصمت عن الجرائم اليومية ضد شعبه، ثم يهاجم من يقاوم الميليشيات، فذلك هو القاع الأخلاقي الذي لا يُحتمل.
نعم، نكره الحوثي، لكننا نحتقر المتحوث أكثر بكثير مما يتخيلون هم انفسهم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news