قالت مصادر حقوقية يمنية، إن ميليشيات الحوثي تواصل حصارها المسلّح المفروض على مجمّع تابع للأمم المتحدة لليوم الثالث جنوب غربي العاصمة اليمنية صنعاء، بعد اقتحامه السبت الماضي، وإخضاع المسؤولين والموظفين بداخله لإجراءات تفتيش دقيقة.
استجابة عملية
وذكرت المصادر، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن وحدات أمنية تابعة لـ"جهاز الأمن والمخابرات" الحوثية، ما زالت حتى اليوم الاثنين، تطوّق المبنى الأممي الواقع في حيّ حدّة، محتجزة بداخله عشرات الموظفين المحليين ونحو 15 موظفا أمميا من جنسيات مختلفة.
مشيرة إلى أن الممثلين المقيمين لمنظمة "يونيسف" بريطاني الجنسية، ونائبه ياباني الجنسية، والممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورئيس عمليات السلامة والأمن، من لبنان ومصر، إلى جانب 11 موظفاً من جنسيات أخرى، جميعهم محاصرون داخل المجمّع السكني، إلى جانب يمنيين آخرين، في تصعيد غير مسبوق من قبل الحوثيين.
وتأتي هذه الخطوة كاستجابة عملية للتحريضات العلنية التي أطلقها زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي الخميس الماضي، حين اتهم منظمات أممية بتنفيذ "أنشطة تجسس" أسهمت في استهداف إسرائيل لموقع اجتماع حكومة الميليشيا ومقتل رئيسها وعدد من وزرائه.
وفيما عبّرت الأمم المتحدة عن رفضها للاتهامات "الخطيرة وغير المقبولة"، حذّرت الحكومة اليمنية ومنظمات محلية من تداعيات واسعة لخطاب الحوثيين المتصاعد وانتهاكاتهم التعسفية ضد المنظمات الأممية، تؤدي إلى اتساع رقعة الجوع بين أوساط اليمنيين الذين يعتمد نحو 19 مليون شخص منهم على المساعدات الخارجية.
وضع خطير
وقال المنسّق العام للجنة العليا للإغاثة في اليمن، الدكتور جمال بلفقيه، إن الوضع الإنساني في البلد وصل إلى مراحل غير مسبوقة ارتفعت على إثره معدلات المجاعة وانعدام الأمن الغذائي إلى مستويات قياسية، خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، شمالي اليمن.
وذكر بلفقيه في حديثه، لـ"إرم نيوز"، أن سلوكيات الحوثيين التعسفية وغير المبررة وانتهاكاتهم المتواصلة ضد الموظفين الأمميين وتقيد حرياتهم، وقيامهم مؤخراً باقتحام مقرات المنظمة الدولية بصنعاء، يقود البلد إلى كارثة كبرى ويضاعف من حجم معاناة المدنيين؛ إذ قد تؤدي هذه الممارسات إلى تعليق المساعدات الإنسانية أو تقليصها، وبالتالي يؤثر ذلك على حياة الملايين.
مضيفاً أن هذه الممارسات القمعية تؤكد على ضرورة اتخاذ المنظمات الدولية قرار انتقالها بشكل عاجل وفوري من مناطق الحوثيين إلى عاصمة البلاد المؤقتة عدن، وأن التباطؤ أو التلكؤ يضيف مزيداً من التعقيدات.
وقالت منظمة "سام" للحقوق والحريات، إن تصعيد الحوثيين الخطير والمتنامي "قد يمهّد لمرحلة جديدة من استهداف العمل الإنساني، وينذر بتقويض بيئة العمل الإنساني في اليمن".
وفي سياق الحملة ضد المنظمات الأممية، أعلن الحوثيون اعتزامهم إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة مع المنظمات الدولية العاملة في مناطق سيطرتهم وتعديلها، على نحو "يُسهم في ترسيخ وتثبيت أمن واستقرار وسيادة اليمن"، حسب بيان نائب وزير خارجية الحوثيين.
مراجعة الاتفاقيات
واعتبر رئيس "الشبكة اليمنية" للحقوق والحريات، محمد العمدة، حديث الحوثيين عن إعادة النظر في الاتفاقيات، يأتي في سياق تصعيد خطير ومستمر ضد العمل الإنساني والإغاثي في اليمن، ويمثّل تهديداً مباشراً لمبادئ القانون الدولي الإنساني.
وقال العمدة، لـ"إرم نيوز"، إن هذه الخطوة تعني في جوهرها "إلغاء الضمانات القانونية والإنسانية التي تحكم عمل المنظمات الدولية في اليمن، مما قد يؤدي إلى تعطيل المساعدات وحرمان الملايين من الغذاء والدواء والإغاثة، خاصة في مناطق سيطرتهم التي يعاني السكان فيها أسوأ الأوضاع الإنسانية في العالم.
وأشار إلى أن حصار المبنى واحتجاز موظفين أجانب بداخله، يعدّ سابقة خطيرة في تاريخ العمل الإنساني باليمن، ورسالة واضحة بأن الميليشيات تجاوزت كل الخطوط الحمراء، ولم تعد تعير أي احترام للاتفاقيات أو المواثيق الدولية التي تضمن الحماية للعاملين في المجال الإنساني والإغاثي.
ووصف اتهامات زعيم الحوثيين بأنها "تعكس ذهنية المؤامرة والتضليل التي تحكم هذه الجماعة، وهي محاولة يائسة لتبرير فشلها العسكري والسياسي والإنساني عبر تحميل الآخرين مسؤولية جرائمها المتكررة".
وبيّن العمدة أن هذه التصريحات الخطيرة "تؤسس لمزيد من العنف والتحريض، وقد تُعرض حياة الموظفين الدوليين والمحليين للخطر المباشر".
داعياً المجتمع الدولي والدول المانحة إلى عدم الرضوخ للابتزاز الحوثي، وعدم السماح بتحويل العمل الإنساني إلى أداة تمويل وتسويق لـ"المشروع الطائفي المسلح، وأن يقفوا بوضوح إلى جانب مبادئ الإنسانية والحياد والاستقلالية التي قامت عليها كل الجهود الإغاثية في اليمن"
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news