أدى العقيد "مايكل راندريانرينا"، قائد الانقلاب العسكري في مدغشقر، اليمين الدستورية بعد تنصيبه رئيساً للبلاد، وهي الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي، ويبلغ عدد سكانها نحو 30 مليون نسمة، وتقع قبالة الساحل الشرقي لإفريقيا.
وجاء تنصيب “راندريانييرينا” بعد 3 أيام فقط من الإطاحة بالرئيس السابق أندري راجولينا، الذي فرّ إلى الخارج عقب أسابيع من احتجاجات شعبية واسعة قادها شباب من الجيل الجديد، احتجاجا على نقص المياه والكهرباء وتدهور الأوضاع المعيشية.
وفي أول خطاب له بعد التنصيب، وعد الرئيس الجديد بـ"تغيير عميق" في البلاد، مؤكدا أن المرحلة المقبلة ستكون انتقالية تمتد من 18 شهرا إلى عامين، تنتهي بإجراء انتخابات وطنية.
وكان الرئيس السابق أندري راجولينا قد فرّ الثلاثاء الماضي بعد أسابيع من التظاهرات الشعبية الحاشدة، والتي يقودها في المقام الأول الجيل Z وهم (الأشخاص المولودون بين منتصف التسعينيات وأوائل العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين)، الذين يعبرون عن عدم رضاهم عن حكوماتهم.
وقد أعلن العقيد، الذي يقود وحدة عسكرية نخبوية، حل جميع المؤسسات باستثناء الجمعية الوطنية، في خطوة أثارت انتقادات دولية واسعة، ومخاوف من دخول البلاد في مرحلة جديدة من الاضطرابات السياسية.
إدانات دولية
فقد دانت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي الانقلاب، وأعلنت الأخيرة تعليق عضوية مدغشقر حتى استعادة النظام الدستوري.
من جهته، رفض الرئيس السابق راجولينا الاعتراف بشرعية الانقلاب، رغم تصويت البرلمان على عزله، واعتبر ما حدث "انتهاكا للديمقراطية"، حسب تصريحات نُقلت عنه في وسائل إعلام دولية.
وأعلن الجيش المدغشقري، الثلاثاء الماضي، سيطرته على مقاليد الحكم في البلاد، بعد قرار البرلمان عزل الرئيس أندري راجولينا، في أعقاب أسابيع من الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي عمّت المدن الرئيسية.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن قائد وحدة النخبة العقيد مايكل راندريانرينا أعلن حينها وقف العمل بالدستور وتعليق الحكومة وبعض مؤسسات الدولة مؤقتًا، في خطوة وُصفت بأنها بداية انقلاب عسكري منظم.
وكان الرئيس راجولينا قد أعلن صباح اليوم نفسه حلّ البرلمان، لكنّ النواب ردوا بعزله فورًا، في تصعيد غير مسبوق للأزمة السياسية.
وفي خضم الفوضى، ادعت الإذاعة الفرنسية "أر إف آي" أن الرئيس المخلوع غادر البلاد سرًا على متن طائرة تابعة للجيش الفرنسي، بينما لم يصدر أي إعلان رسمي حول مكان تواجده حتى الآن.
من جانبها، دعت المحكمة الدستورية العليا العقيد راندريانرينا لتولي منصب الرئيس المؤقت، مبررة القرار بضرورة "تجنب الفراغ الدستوري".
تصاعد الأحداث
وتأتي هذه التطورات في ظل احتجاجات متصاعدة منذ أسابيع بدأت بسبب انقطاع الكهرباء والمياه، قبل أن تتحول إلى مظاهرات مناهضة للحكومة شارك فيها بعض عناصر الجيش، ما أسفر عن مقتل 22 شخصًا وإصابة المئات.
وتعكس الأزمة الحالية تصدعات داخل المؤسسة العسكرية وتراجع ثقة المواطنين في النخب السياسية، بعد سنوات من الفساد والركود الاقتصادي.
ويُتوقع أن تواجه السلطات الجديدة ضغوطًا داخلية وخارجية متزايدة، خصوصًا أن مدغشقر تعتمد بشكل كبير على المساعدات الدولية، وقد يؤدي استمرار الحكم العسكري إلى تجميد الدعم الخارجي وفرض عقوبات.
وقال دبلوماسي أوروبي في أنتاناناريفو إن "الانقلاب يضع البلاد في موقف صعب أمام شركائها الدوليين"، مضيفًا أن "الاعتراف بأي حكومة جديدة سيظل مشروطًا بإعادة العملية الديمقراطية خلال فترة وجيزة".
تسود حالة من الترقب في أوساط الشباب بمدغشقر بعد تنصيب العقيد ميخائيل راندريانيرينا رئيسًا جديدًا للبلاد، وسط وعود بالإصلاح ومخاوف من عودة الفساد القديم.
وبحسب مجلة "جون أفريك" الفرنسية، فإن جيل "زد" الذي قاد الاحتجاجات الأخيرة يعيش اليوم بين الأمل في التغيير والقلق من أن يُهمَّش مجددًا في المشهد السياسي.
تخوف الشباب
طبقاً لوسائل إعلام دولية، غاب عن حفل التنصيب في العاصمة أنتاناناريفو، الحضور الشبابي، رغم دورهم المحوري في الإطاحة بالحكومة السابقة، ما أثار استياءهم، فيما وعد الرئيس الجديد بالاستماع إلى مطالبهم وتنفيذ إصلاحات اقتصادية واجتماعية لصالحهم.
لكن كثيرين من الشباب شككوا في جدية تلك الوعود، معتبرين أن وجوه النظام القديم بدأت بالعودة إلى الواجهة، فيما يتنافس السياسيون على المناصب الحكومية.
وترى مجلة "جون أفريك" الفرنسية، أن الرئيس الجديد، يواجه اختبارًا صعبًا في الموازنة بين ضغوط النخب السياسية وطموحات جيلٍ شابٍّ يطالب بتمثيل حقيقي وإصلاحات ملموسة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news