هناك مدن تبهرك بناطحاتها، وأخرى تسحرك بتراثها، لكن قليل منها يجعلك تعيش أكثر من حياة في يوم واحد. أبوظبي واحدة من تلك المدن النادرة. في كل جزيرة منها حكاية، وفي كل زاوية تجربة مختلفة تمامًا. أردت أن أهرب من صخب الأسبوع الطويل، فقررت أن أبدأ عطلة نهاية الأسبوع برحلة قصيرة عبر 3 مناطق تجمع بين الطاقة، الخيال، والسكينة: ياس، وارنر براذرز، والسعديات.
النكهة الأولى: الأدرينالين في جزيرة ياس
كانت البداية صباح الجمعة، حين اتجهت نحو جزيرة ياس — الجزيرة التي تنبض بطاقة لا تشبه أي مكان آخر.
بمجرد عبور الجسر المؤدي إليها، تشعر أن الإيقاع يتسارع، كأن نبض المدينة يرتفع. من بعيد، تظهر الواجهة الزجاجية لمضمار
ياس مارينا،
وصوت محركات السيارات الرياضية يملأ الأفق كأنها سيمفونية من السرعة.
قررت أن أبدأ مغامرتي في عالم فيراري، أول مدينة ترفيهية تحمل علامة فيراري في العالم. هناك، لا يمكنك أن تبقى متفرجًا؛ كل شيء يدعوك لتجربة القوة. جلست في مقعد “فورمولا روسا”، أسرع أفعوانية في العالم، وربطت الحزام بإحساس مختلط من الحماس والرهبة. في ثوانٍ، انطلقت بسرعة جعلت الهواء يصفع وجهي كصفحة جديدة من الحياة. كان صراخي يمتزج بضحكات من حولي، ولم أدرِ إن كنت أصرخ خوفًا أم فرحًا — لكنني أدركت أنني أعيش اللحظة حقًا.
بعد جولة مليئة بالأدرينالين، وجدت نفسي أتجول بين متاجر ياس مول المجاورة، حيث تعود المدينة لتُظهر وجهها العصري الأنيق. المقاهي، الماركات العالمية، ورائحة القهوة الطازجة أعادتني إلى إيقاع أكثر هدوءًا. هناك التقيت أصدقاء جاؤوا من دبي، وقررنا أن نُكمل اليوم بطابع أكثر خياليًا في وجهتنا التالية: عالم وارنر براذرز أبوظبي.
النكهة الثانية: خيال وطفولة في وارنر براذرز أبوظبي
عالم وارنر براذرز
ليس مجرد مدينة ألعاب — إنها بوابة إلى الذاكرة. ما إن تدخل القبة العملاقة، حتى تشعر أنك خرجت من الواقع تمامًا. الألوان، الموسيقى، الشخصيات التي كبرت معها على شاشة التلفزيون، كلها هنا: باغز باني، توم وجيري، سوبرمان، وباتمان.
تجولت بين شوارع “متروبوليس” المضيئة و”غوثام سيتي” الغامضة، بينما تتبدل الإضاءة والمشاهد وكأنك في فيلم ضخم الإنتاج. ركبت لعبة ” الدوران مع ذا ريدلر “، وانغمست في تجربة تجمع بين التقنية والحركة والخيال. لم أعد مجرد زائر؛ كنت جزءًا من الحكاية.
ثم جلست أتناول الغداء في مطعم مستوحى من أجواء كرتونية مرحة. أطباق ملونة، ضحكات الأطفال، وصوت أغنية من لوني تونز في الخلفية جعلت كل شيء يبدو وكأنه مشهد من فيلم طفولي سعيد.
في تلك اللحظة أدركت أن هذا المكان لا يخص الصغار وحدهم — إنه مساحة للبالغين أيضًا كي يتصالحوا مع الطفل الذي بداخلهم.
خرجت من وارنر براذرز مع شعور بالامتلاء — ليس فقط من الطعام، بل من الدهشة. ومع اقتراب المساء، كانت وجهتي الأخيرة تنتظرني: جزيرة السعديات.
النكهة الثالثة: الهدوء والروح في جزيرة السعديات
بعد يوم صاخب بالألوان والسرعة، بدت
جزيرة السعديات
كصفحة بيضاء تنتظر أن تُكتب عليها كلمة “راحة”. الطريق إليها كان مريحًا، والمشهد يتبدل تدريجيًا من صخب المدينة إلى هدوء البحر.
توقفت عند متحف اللوفر أبوظبي، ذلك المعمار الأبيض الذي يبدو كأنه يطفو على الماء. تحت قبته المخرّمة بالضوء، يمر الزمن ببطء. اللوحات، المنحوتات، القصص القادمة من حضارات بعيدة كلها تتحدث لغة واحدة: الإنسانية.
تأملت لوحة “الفتاة ذات اللؤلؤة”، ووجدت نفسي أفكر كيف استطاعت أبوظبي أن تجمع بين الخيال الذي رأيته في وارنر، والحماس الذي عشته في ياس، وهذا الهدوء الذي يشبه التأمل.
مع غروب الشمس، خرجت إلى الشاطئ القريب من المتحف. الرمال الناعمة، ولون البحر الذهبي، والنسيم الخفيف الذي يلمس وجهك كتحية من الأفق. جلست على الرمال أراقب الأفق، وأبتسم: هكذا يجب أن تُختتم العطلات… بصمت جميل، يترك مساحة للذكريات لتتنفس.
اقرأ المزيد...
أسرة الشهيد يحيى الشوبجي تكرم الشيخ محسن القشم بدرع الوفاء تقديرًا لعطائه الإنساني ومواقفه الوطنية
16 أكتوبر، 2025 ( 8:33 مساءً )
الأستاذ أحمد حميدان .حمداً لله على السلامة
16 أكتوبر، 2025 ( 7:24 مساءً )
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news