دراسة حقوقية تكشف انتهاكات جسيمة بحق الأطفال في اليمن والمقرر الأممي يدعو لإنهاء الإفلات من العقاب
كشفت دراسة حقوقية حديثة صادرة عن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف رصد)، عن حجم الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأطفال في اليمن منذ اندلاع الحرب، مؤكدة أن الأوضاع الإنسانية المتدهورة وانهيار مؤسسات الدولة فاقما معاناة هذه الفئة الأكثر ضعفًا.
وجاء الكشف عن الدراسة خلال ندوة نظمها تحالف رصد بالشراكة مع معهد “دي تي” (DT Institute)، لمناقشة واقع العدالة الانتقالية في اليمن وانعكاساتها على حقوق الأطفال.
وفي الندوة، أكد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحقيقة والعدالة الانتقالية، بيرنارد دوهايهم، أن استمرار الإفلات من العقاب وغياب المساءلة يشكلان «عقبة جوهرية أمام أي عملية عدالة انتقالية ناجحة» في البلاد، داعيًا إلى ضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الخطيرة بحق المدنيين، ولا سيما الأطفال.
وأشاد دوهايهم بجهود تحالف رصد في إعداد الدراسة، واصفًا إياها بأنها «فريدة من نوعها في اليمن»، إذ وثّقت جرائم وانتهاكات بحق الأطفال وقدّمت أدلة وشهادات جديدة تُبرز معاناة الضحايا وتسلّط الضوء على ثغرات المنظومة القضائية المحلية في التعامل مع قضاياهم.
وقال المقرر الأممي إن «الاعتراف والتحقيق ومعاقبة مرتكبي الانتهاكات ضد الأطفال ليس مجرد التزام إنساني، بل شرط أساسي لبناء العدالة وإعادة الثقة في مؤسسات الدولة»، مشيرًا إلى أن النظام القضائي اليمني لا يزال عاجزًا عن محاسبة الجناة، بينما يتعرض الأطفال لانتهاكات متواصلة دون جبر ضرر فعلي أو حماية قانونية كافية.
وأوضح دوهايهم أن مجلس حقوق الإنسان وهيئات الأمم المتحدة ستناقش نتائج هذه الدراسة خلال دورتها المقبلة، مؤكدًا أن حماية الأطفال يجب أن تكون أولوية محورية في مسار العدالة الانتقالية اليمنية، داعيًا إلى إصلاحات قانونية ومؤسسية تضمن منع تكرار الانتهاكات مستقبلاً.
من جانبها، أوضحت الدراسة التي أطلقها تحالف رصد مؤخرًا أنها تُعد من أوسع الدراسات الحقوقية المتخصصة التي تناولت أوضاع الأطفال في سياق النزاع اليمني، حيث وثّقت تجنيد الأطفال بنسبة تجاوزت 88% من إجمالي حالات التجنيد الموثقة، إضافة إلى آلاف الضحايا من الأطفال بين قتيل وجريح جراء العمليات العسكرية والألغام والقصف العشوائي.
كما رصد التقرير تدمير أكثر من ثلاثة آلاف مدرسة منذ بدء الحرب، وحرمان ما يزيد على مليوني طفل من حقهم في التعليم، في حين يعاني عشرات الآلاف من اضطرابات نفسية وصحية خطيرة نتيجة الصدمات المتكررة وسوء الأوضاع المعيشية.
وأكدت الدراسة أن العدالة الانتقالية في اليمن ما تزال مؤجلة، وأن معالجة الانتهاكات بحق الأطفال تتطلب إصلاحًا شاملًا في القوانين والمؤسسات الأمنية والقضائية، وتفعيل آليات المساءلة وجبر الضرر، باعتبار إنصاف الأطفال مدخلًا رئيسيًا لأي مصالحة وطنية حقيقية ومستدامة.
وشدد تحالف رصد في ختام الندوة على أن إنهاء الإفلات من العقاب وضمان محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الأطفال يمثلان أساسًا لأي عملية بناء للسلام في اليمن، داعيًا المجتمع الدولي إلى دعم جهود الرصد والتوثيق، وتمكين منظمات المجتمع المدني من أداء دورها في الدفاع عن حقوق الضحايا ومساندتهم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news