في واقعة أثارت موجةً واسعة من التعاطف والاستنكار بمحافظة إب وسط اليمن، اضطر أحد المواطنين إلى اتخاذ قرارٍ صعب وغير مسبوق: عرض عمارة سكنية كبرى يملكها للبيع، بعد أن تحولت حياته إلى كابوسٍ يومي بسبب مضايقات متكررة من جارٍ مقرب، وتركيب برج اتصالات على سطح العقار دون موافقته.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن المواطن – الذي فضّل عدم الكشف عن هويته – حاول منذ البداية حل الأزمة وديًّا، بل وعرض تعويضًا ماليًّا على الجهة المسؤولة عن تركيب البرج مقابل التراجع عن المشروع، إلا أن طلبه قوبل بالرفض التام، رغم ما يمثله البرج من مخاطر صحية واجتماعية على سكان العمارة والمنطقة المحيطة.
الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد؛ إذ سبق أن أصدر وكيل محافظة إب قرارًا إداريًّا صريحًا يمنع تركيب أي أبراج اتصالات في تلك الحارة السكنية، نظرًا لكثافتها السكانية وطبيعتها السكنية البحتة. لكن القرار، للأسف، بقي حبرًا على ورق، ولم تُتخذ أي خطوات جادة لتنفيذه أو لردع المخالفين.
وبعد استنفاد كل السبل القانونية والإدارية دون جدوى، وجد المواطن نفسه أمام خيارين مرّين: إما الاستمرار في العيش تحت وطأة التوتر اليومي والمخاطر المحتملة، أو التنازل عن ممتلكاته التي بناها بعرق جبينه. فاختار الأخير، معلنًا رسميًّا عن بيع العمارة "ليستريح من معاناة لا ذنب له فيها سوى أنه طالبٌ بحقه".
وأكد أقاربه في تصريحات خاصة أن القرار جاء بعد طول معاناة، مشيرين إلى أن "الرجل حاول كل شيء… ذهب إلى الجهات الرسمية، قدّم شكاوى، تحدث مع الجيران، حتى عرض المال… لكن لا أحد استمع". وأضافوا أن "الاستهانة بقرارات السلطة المحلية وغياب الرقابة حوّلا حياة صاحب العمارة إلى جحيم لا يُطاق".
الواقعة أعادت إلى الواجهة تساؤلاتٍ واسعة حول فعالية الأجهزة الرقابية، واحترام الملكية الخاصة، وتطبيق القرارات الإدارية في مناطق متعددة من اليمن، لا سيما في ظل غياب آليات إنفاذ فعّالة. كما أثارت جدلًا مجتمعيًّا حول حقوق المواطنين في مواجهة مشاريع البنية التحتية التي تُفرض عليهم دون مراعاة لخصوصية مناطقهم أو موافقتهم.
وحتى لحظة كتابة هذا الخبر، لا تزال العمارة معروضة للبيع، بينما ينتظر المواطن – كغيره من المظلومين – أن تُنصفه الجهات المعنية، أو على الأقل أن يجد مكانًا ينعم فيه بالهدوء والكرامة التي حُرم منها في بيته.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news