كل عام، ومع احتفالنا بعيد 14 أكتوبر المجيد، تتجدد فينا ذكرى أليمة؛ ذكرى رحيل فلذة كبدي، شهيد الفخر والبطولة، سالم صالح عبدالله الوعلاني. قال الله سبحانه وتعالى: *وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ*، صدق الله العظيم.
نبذة عن الشهيد البطل
وُلد سالم في عام 1986، في ربوع يافع رصد، أبين، حاملًا في طياته روحًا نقية وقلبًا عامرًا بالإيمان. كان متزوجًا، أبًا لخمسة أبناء؛ ثلاثة أبناء وبنتان، يفيض حياته بروح الأبوة الحانية.
لمحة من سيرته العطرة
طفولته وصفاته
كان الشهيد سالم نموذجًا يُحتذى به؛ مسالمًا كاسمه، داعيًا للسلام، رحيمًا حنونًا، خلوقًا بامتياز. امتزجت فيه كفاءة الشجاعة مع وفاء الإخلاص، وصدق البر، واحترام الكبير، وعطف على الصغير. كان محبوبًا لدى القريب والبعيد، لم يشكُ منه أحد قط. ترسّخ الإيمان في قلبه، فكان مواظبًا على الصلاة وقراءة القرآن منذ صغره. أحب عمل الخير ومساعدة الناس، فترك في نفوس من عرفه أثرًا طيبًا من البراءة والفطرة السليمة.
حاز على شهادات تقديرية تُشهد بحسن سيرته وسلوكه، من مدرسة الحكمي الابتدائية حتى ثانوية رصد، زرع المحبة والأدب والاحترام بين معلميه وزملائه. كان صادقًا واضحًا في حديثه، ذكيًا متفوقًا في دراسته، محبًا للعمل.
نضاله وتضحياته
انضمامه للحراك الجنوبي والمقاومة
مع انطلاق الحراك الجنوبي السلمي، التحق الشهيد سالم بركب النضال، مشاركًا في كل المظاهرات السلمية في ربوع الجنوب. وعندما اجتاح الحوثي والقوى الشمالية الجنوب في 2015، انطلق البطل سالم بقوة وعزم، قاتلًا في جبهات عدن وبله وأبين ضمن قوات المقاومة الجنوبية. بعد التحرير، التحق بقوات العمالقة الجنوبية، متنقلًا بين جبهات الساحل الغربي وشبوة والضالع ويافع، حاملًا المؤهلات والدورات التخصصية التي تلقاها في الداخل والخارج، ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة.
شجاعته في الجبهات
عُرف في ميادين القتال بشجاعته وتميزه بالأخلاق والأدب والصبر. كان دائمًا في الخطوط الأمامية، ضمن سرية الاستطلاع، مباغتًا للعدو، صادًّا تقدمه ببسالة. ربطت قلبه بالجبهة روابط الوفاء، فكان رفيقًا للشهداء، وسابقًا إلى العطاء.
لحظة الفداء
في يوم الجمعة الموافق 14 أكتوبر 2022، وهو يومٌ جمع بين احتفالنا بعيد 14 أكتوبر المجيد وحزنٍ عميق باستشهاد البطل سالم صالح عبدالله الوعلاني. حينها تلقينا خبر رحيل فلذة كبدنا بقلب يعتصر ألمًا، لكن إيماننا بالله وبالقضاء والقدر ظل ثابتًا، نتدبر قول الحق سبحانه: _كلِ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ_.
في ذكراه الثالثة
مع كل احتفال بعيد 14 أكتوبر، يتجدد ألم الفراق، لكن يظل إرث الشهيد سالم حيًا في قلوبنا، رمزًا للتضحية والفداء. نسأل الله أن يرحمه ويغفر له ويسكنه فسيح جناته، وأن يكرم جميع الشهداء الأبرار، ويشفي الجرحى الميامين الذين روت دماؤهم الطاهرة أرض الجنوب دفاعًا عن العرض والأرض، ونصرةً لدين الله.
ختام
في رحيل البطل سالم صالح عبدالله الوعلاني، درسٌ في الإخلاص والشجاعة، ووفاءٌ لنضال الجنوب. وإذ نودع ذكراه بالدمع والحزن، نرفعها أيضًا بالفخر والعزاء، مؤمنين بأن الشهداء أحياء عند ربهم يُرزقون. والحمد لله على كل حال،
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news