أثار إعلان الحكومة اليمنية، مساء الخميس، بدء صرف مرتبات موظفي الدولة في القطاعات المدنية والعسكرية بمناطق سيطرتها في المحافظات المحررة من الحوثيين، بعد نحو خمسة أشهر من التوقف، تفاعلاً واسعاً وردود فعل متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سبأ) عن مصدر حكومي مسؤول تأكيده أن عملية صرف المرتبات المتأخرة بدأت فعلياً، وفق خطة مالية وإدارية شاملة يجري تنفيذها بإشراف مباشر من رئيس مجلس الوزراء، الدكتور سالم صالح بن بريك، وبالتنسيق بين وزارة المالية والبنك المركزي اليمني والجهات ذات العلاقة في القطاع المصرفي المحلي.
وأوضح المصدر أن عملية صرف التعزيزات المالية تشمل موظفي القطاع المدني والمؤسسة العسكرية والأمنية ابتداءً من اليوم الخميس، مشيراً إلى أن الحكومة تعمل، بالتعاون مع البنك المركزي، على تنفيذ خطة متكاملة لضمان انتظام صرف الرواتب شهرياً، وتسوية الأشهر المتأخرة تدريجياً، بالتوازي مع إصلاحات مالية وهيكلية تهدف إلى تحقيق الاستدامة في تمويل المرتبات وتحسين أوضاع موظفي الدولة.
ردود فعل اقتصادية وإعلامية
وفي أولى التعليقات، اعتبر الصحفي الاقتصادي وفيق صالح أن صرف المرتبات المتأخرة يمثل "اختباراً حقيقياً لإصلاحات البنك المركزي اليمني" في الجانب النقدي وضبط استقرار السوق.
وقال صالح إن “الرواتب التي أعلنت الحكومة عن صرفها ستكون مؤشراً مهماً على قدرة البنك المركزي في الحفاظ على استقرار العملة الوطنية بعد ضخ كميات كبيرة من النقد في السوق”، مضيفاً أن “استمرار استقرار سعر الصرف بعد الصرف سيمنح النظام النقدي مناعة قوية ضد أي صدمات مستقبلية، ويعزز نجاح إصلاحات البنك في مواجهة أي اختلالات محتملة”.
في المقابل، قال الصحفي والناشط عمار علي أحمد إن “ما سيتم صرفه هو راتب شهر واحد فقط للمدنيين والعسكريين من المنحة السعودية، وليس من الإيرادات العامة”، معتبراً أن “أزمة المرتبات ستظل قائمة لأن الحكومة ومجلس القيادة أصبحا يعتمدان على المنحة الخارجية دون المضي في إصلاحات مالية حقيقية”.
وأضاف أن “أي دعم خارجي في هذه المرحلة، دون إصلاحات موازية في جانب الإيرادات، يعني عملياً تعطيل مسار الإصلاح المالي”.
تحليل اقتصادي: تأثير محدود على سعر الصرف
من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي وحيد الفودعي أن صرف المرتبات المؤجلة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بسعر الصرف، إذ يؤدي إلى زيادة مؤقتة في حجم السيولة النقدية بيد الأفراد، ما يدفع بعض التجار إلى تحويل جزء منها إلى عملة صعبة لتمويل وارداتهم، وبالتالي قد يرتفع الطلب على الدولار مؤقتاً.
غير أنه استدرك قائلاً: “السؤال الأهم هو: هل سيؤدي صرف المرتبات فعلاً إلى تغيّر في سعر الصرف؟ الجواب: لا”، موضحاً أن ذلك يعود إلى عاملين رئيسيين:
أولاً، أن المرتبات ستُصرف من المنحة السعودية، أي أن العملة الصعبة ستُضخ إلى السوق مقابل سحب ما يعادلها من الريال اليمني من التداول، ثم يُعاد ضخ هذا الريال نفسه كرواتب، وهو ما يعني عدم حدوث توسع فعلي في المعروض النقدي، بل مجرد إعادة تدوير للسيولة القائمة.
وثانياً، أن البنك المركزي اليمني يستهدف حالياً سعراً محدداً للصرف وسيدافع عنه في الأجل القصير لتحقيق الاستقرار النقدي والسعري، وبالتالي لن يتأثر السعر سواء تم صرف المرتبات أم تأخر صرفها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news