سبتمبر وأكتوبر .. توأم الثورة ومجد اليمن الواحد
قبل 31 دقيقة
في الذاكرة الوطنية اليمنية، لا يمكن فصل سبتمبر عن أكتوبر، فهما ليسا مجرد تاريخين على رزنامة، بل روحان توأمان أنجبتهما إرادة شعب واحد رفض القهر والوصاية، وكتب بدمائه ميلاد الجمهورية اليمنية الحرة الأبية.
ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م كانت انتفاضة ضد الاستبداد والإمامة الكهنوتية التي قيدت حرية الإنسان اليمني لعقود طويلة، بينما جاءت ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م من جبال ردفان لتكمل المسيرة وتكسر قيود الاستعمار البريطاني في الجنوب.
اختلف الميدان، لكن الهدف كان واحدًا: تحرير الإنسان اليمني من كل أشكال العبودية والوصاية، وبناء وطن جمهوري موحد.
ومن رحم هاتين الثورتين وُلدت الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م، تتويجًا لنضال أجيال ضحّت بالروح والدم من أجل أن يظل اليمن واحدًا حرًا موحدًا من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه.
لقد أثمرت ثورة أكتوبر نصراً عظيمًا تُوج بيوم الجلاء في 30 نوفمبر 1967م، يوم خرج آخر جندي بريطاني من تراب الجنوب الطاهر. ولم يكن ذلك نهاية المطاف، بل بداية الطريق نحو الوحدة، التي تجسدت بعد عقود من النضال المشترك.
كانت إرادة التحرر واحدة، والمصير واحد، والهوية واحدة — هوية اليمن الجمهوري الكبير.
لكن اليوم، وبعد عقود من الكفاح، يحاول أشباح الماضي أن يعيدوا عقارب الساعة إلى الوراء، وأن يزرعوا بذور الفرقة والانقسام بين شمال وجنوب، بين شرق وغرب، وأن يشوهوا معنى الثورة والوحدة.
تصريحات الانفصال التي يطلقها البعض — وآخرها عيدروس الزبيدي عضو مجلس الرئاسة — تكشف بوضوح مخططًا يسعى لتقسيم اليمن وتفكيك نسيجه الوطني، في خدمة أجندات خارجية لا تريد لهذا الوطن أن ينهض موحدًا ومستقلاً.
فاليمن سبتمبريٌّ اكتوبريٌّ، جمهوري الهوى، عربي العزة، لا يقبل كهنوتًا ولا انفصالًا.
شعبه الذي واجه الإمامة والسلالية في الشمال وطرد الاستعمار من الجنوب، قادر اليوم على أن يواجه كل مشروع صغير يريد تمزيق هويته وتاريخه.
إن الثورة ليست ذكرى سنوية تُحتفى بها بالأناشيد والخطب، بل هي حالة وعي ويقظة مستمرة في ضمير الشعب.
وإن الذين يحاولون اليوم بيع الوطن أو تفكيك وحدته، لن يجدوا إلا شعبًا يثور كما ثار أجداده، ويحمي الجمهورية كما حماها أبطال السبعين والجلاء، ولن تعود عجلة التاريخ إلى الوراء.
اليمن سيظل واحدًا حرًا موحدًا، لا إمامة ولا استعمار، لا كهنوت ولا انفصال.
سيبقى علم الجمهورية اليمنية مرفوعًا فوق جبال صعدة وعدن، فوق تعز وحضرموت، فوق صنعاء والمكلا، رمزًا لوطن أبيٍّ لا يعرف الانقسام ولا الخضوع.
تحيا روح سبتمبر المجيد وأكتوبر العظيم،
وتبقى راية اليمن الجمهوري الموحد خفاقة في وجه كل طامع أو عميل، لأن هذا الوطن لا يُقسم.. ولا يُشترى.. ولا يُكسر.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news