يمن إيكو|ترجمة:
قال محللون إسرائيليون إن رؤية بنيامين نتنياهو حول الاعتماد على الاكتفاء الذاتي لمواجهة العزلة العالمية لا يمكن تطبيقها في إسرائيل، وإن محاولة المضي في هذه الرؤية ستلحق أضرار بالغة بالاقتصاد والأمن الإسرائيليين.
ونشرت المجلة، أمس الثلاثاء، تقريراً رصده وترجمه موقع يمن إيكو، تناولت فيه تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة التي اعترف فيها بعزلة إسرائيل وضرورة أن تصبح الأخيرة مثل (إسبرطة) وتعتمد كليا على “الاكتفاء الذاتي”.
وقالت المجلة إن “هذا اعتراف النادر بالتداعيات الدبلوماسية لحرب إسرائيل في غزة” لافتة إلى أن “خيارات إسرائيل للتعامل مع العزلة الاقتصادية أكثر محدودية مما يُقر به نتنياهو”.
ونقلت المجلة عن أمير مزروش، مستشار الاتصالات الإسرائيلي والمحرر السابق لشؤون التكنولوجيا الإقليمية في صحيفة (وول ستريت جورنال) قوله: “الاكتفاء الذاتي مجرد هراء. من الرائع أن نقول: ‘علينا صنع قنابلنا الخارقة للتحصينات بأنفسنا’. ولكن كيف سنبني المصانع؟ كيف سنوفر لها جميع القطع، على سبيل المثال، للدبابات أو لإنتاج الطائرات المسيرة؟”
وأضاف ميزروش: “لسنا دولة صناعية، إذا كنتم ترغبون في أن يكون لدينا (إسبرطة خارقة) قادرة على الصمود بمفردها وأن تكون قوية للغاية، فهذا البلد غير مصمم لذلك”.
وذكرت المجلة إلى أنه برغم بلوغ صادرات إسرائيل الدفاعية العام الماضي رقما قياسيا (14.8 مليار دولار)، فإن أكثر من نصف عقود الدفاع الإسرائيلية كانت مع أوروبا، التي تمارس الآن ضغوطًا دبلوماسية وتجارية على إسرائيل، ففي منتصف سبتمبر، اقترحت المفوضية الأوروبية تعليق أجزاء من اتفاقية التجارة الحرة المعروفة باسم اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، مع التركيز على السلع بدلاً من الخدمات.
وأضافت: “يُعدّ الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل. وستؤثر الإجراءات الجمركية المقترحة على حوالي 37% من إجمالي صادرات إسرائيل إلى الاتحاد الأوروبي- والتي بلغت قيمتها حوالي 16 مليار يورو (18.7 مليار دولار) في عام 2024 – مما سيفرض تكاليف إضافية تبلغ حوالي 220 مليون يورو (257.7 مليون دولار)، ويتجه الاتحاد الأوروبي أيضًا إلى تعليق دعمه المباشر لمشاريع إسرائيلية مختلفة بقيمة 14 مليون يورو (16.4 مليون دولار).
وأشارت إلى أن “التعاون الدولي، وكذلك الشراكات التجارية والبحثية مع قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي، تتعرض لضغوط متزايدة، ففي يونيو، علّقت جامعة (إيراسموس) في روتردام، هولندا تعاونها البحثي المستقبلي مع ثلاث جامعات إسرائيلية، كما سحبت بعض صناديق التقاعد الأوروبية استثماراتها من شركات إسرائيلية أو شركات دولية تُستخدم منتجاتها في إسرائيل بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، وفي منتصف سبتمبر، رفض ميناء رافينا الإيطالي على البحر الأدرياتيكي دخول شاحنتين، قيل إنهما تحملان متفجرات إلى حيفا شمال إسرائيل، وذلك في ظل تصاعد الاحتجاجات بين عمال الموانئ الإيطاليين ومجموعات عمالية أخرى معارضة للهجوم على غزة، وجاء ذلك في أعقاب إجراءات مماثلة لمنع شحنات الأسلحة إلى إسرائيل من عمال الموانئ في دول أوروبية أخرى، مثل فرنسا والسويد واليونان”.
وقال ميزروش: “تعتمد أنظمة مثل (السهم) و(مقلاع داود) على الإنتاج المشترك الأمريكي الإسرائيلي وسلاسل التوريد متعددة الجنسيات، وتعتمد خطوط الإنتاج على الطاقة والسبائك والإلكترونيات والوقود المستورد.. إن عزل إسرائيل عن الأسواق والمدخلات يعني حرمانها من المجمع الذي ترغب في توسيعه”، مضيفاً: “حتى لو تم بناء هذه المصانع، فمن الجيد أن نتمكن من توفير الإمدادات لها وحمايتها في بلد بحجم نيوجيرسي، محاط بصواريخ وطائرات بدون طيار للعدو”.
ونقلت المجلة عن مايكل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا، قوله إن “الرؤية الإسبارطية لنتنياهو تعكس آراء أقلية من الإسرائيليين، لكنهم هم من يؤثرون بشدة على سياسات الحكومة وأسلوب إدارة الحرب في غزة”.
وأضاف: “إن غالبية الناس في إسرائيل مرعوبون من فكرة كونهم مثل (إسبرطة) دولة معزولة ومنبوذة إلى حد ما، وتعيش دائمًا مرحلة وجودية من الحرب المستمرة”.
وقال إن “حزب الصهيونية الدينية بزعامة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يدعم فكرة الانعزالية لأن هدفه الوحيد هو إنشاء دولة يهودية تضم الأرض من النهر إلى البحر، ويستند هذا الرأي إلى فرضية مفادها أنه يمكن تجاهل الرأي العام العالمي، وأن الانتقادات الدولية، بل وحتى العزلة، ثمنٌ يستحق الدفع لتحقيق رؤية إسرائيل الكبرى”.
وعبر ميلشتاين عن خشيته مما وصفه بـ”موجة تسونامي دولية تقترب من إسرائيل” مشيرا إلى أن “العديد من الإسرائيليين بدأوا يدركون أن هذا لن يقتصر على السياسة والعلاقات الدولية، بل سيلمسونه في حياتهم اليومية، بدءًا من أسعار المواد الغذائية ووصولًا إلى القدرة على مغادرة البلاد”.
وقالت المجلة إن “إسرائيل تستورد تقريبًا كل احتياجاتها من النفط، كما تعتمد اعتمادًا كبيرًا على واردات الغذاء، التي تُشكّل أكثر من 90% من الحبوب والأسماك في البلاد، وأكثر من 80% من البقوليات وزيوت البذور والفول السوداني والمكسرات، وأكثر من 60% من لحوم الأبقار، وفقًا لوزارة الزراعة والأمن الغذائي في البلاد”.
ونقلت المجلة عن مانويل تراجتنبرغ، الباحث في معهد تل أبيب لدراسات الأمن القومي، قوله: “الاقتصاد الإسرائيلي لن يستمر على وضعه الحالي إذا اتجه نحو تقليص علاقاته الاقتصادية مع العالم، ولن تقتصر النتيجة على انخفاض حاد في مستوى المعيشة فحسب، بل ستمتد إلى قدرتنا على الحفاظ على جيشنا وأمننا، وبالطبع جميع خدماتنا الاجتماعية”.
كما نقلت عن أرنون بار-دافيد، رئيس اتحاد العمال الإسرائيلي (الهستدروت) قوله: “لا أريد أن نكون مثل (إسبرطة).. أريد أن أعيش في بلد يستثمر في مستقبل أبنائه وشعبه”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news