تغول استثماري ناعم للإمارات في الموسم السياحي الجديد بسقطرى 

يمن إيكو|تقرير:

دشّنت محافظة أرخبيل سقطرى، اليوم الإثنين، الموسم السياحي الجديد تحت شعار “اكتشف سقطرى”، وسط تزايد الانتقادات المحلية لهيمنة الإمارات على إدارة الفعاليات المصاحبة للموسم، وتفويج السياح من أبو ظبي ودبي إلى الجزيرة، بدون تأشيرة يمنية، وفقاً لما نشرته وسائل إعلام محلية، وتابعه موقع “يمن إيكو”.

وبحسب وكالة الأنباء سبأ التابعة للحكومة اليمنية، فقد بلغ عدد السياح في الفوج الأول الذي استقبله الأرخبيل في أولى الرحلات الجوية 145 سائحاً من مختلف الجنسيات، حيث أوضح مدير مكتب السياحة بالمحافظة أن الموسم الجديد (2025–2026) يهدف إلى تعزيز مكانة سقطرى كوجهة عالمية، مستفيدة من تنوعها الطبيعي وتراثها الثقافي.

ورغم ما يحمله الموسم من آمال لإنعاش الأنشطة الاقتصادية المحلية ودعم المجتمع السقطري، فقد أثار إشراف الإمارات وشركاتها الاستثمارية على تنظيم فعالياته موجة واسعة من الانتقادات، وسط مخاوف من أن تؤدي هذه السيطرة إلى طمس الهوية الثقافية اليمنية للجزيرة وتحويلها إلى وجهة تروّج للثقافة الإماراتية بدلاً من التراث المحلي.

ووجّه ناشطون محليون انتقادات حادة عبر منصات التواصل الاجتماعي، معتبرين أن دخول مئات السياح الأجانب بتأشيرات معظمها إماراتية، عبر ميناء حولاف والمطار يتم بطريقة “فوضوية” وبدون إجراءات رسمية، في ظل ما وصفوه بـ”غياب السيادة اليمنية” على المنافذ البحرية والجوية للأرخبيل، مطالبين بفرض رقابة رسمية على الرحلات السياحية والتجارية الاستثمارية الوافدة.

واتهم ناشطون، من بينهم الصحافي محمد الزويدي، الإمارات بالسيطرة على موارد الجزيرة ومواقعها الحيوية، مشيرين إلى وجود أنشطة تنقيب غير معلنة في بعض المناطق النفطية القديمة، ومنع الأهالي من الاقتراب منها، ما أثار مخاوف من استغلال الثروات الطبيعية خارج الأطر الرسمية.

وتناولت منصة المهرة وسقطرى في تقاريرها جوانب ثقافية واجتماعية أثارتها فعاليات الموسم، ووصفت ما يحدث بأنه “تغوّل استثماري ناعم”، معتبرة أن بعض المظاهر المصاحبة للأنشطة السياحية تتنافى مع العادات المحلية، وتقدّم صورة مشوّهة عن ثقافة المجتمع السقطري.

وأشارت المنصة إلى أن ما يُروّج له تحت عنوان “الانفتاح السياحي” يعكس، في الواقع، “تحوّلاً ثقافياً موجهاً”، إذ تُدار الفعاليات من قبل شركات استثمارية تابعة للإمارات مثل “المثلث الشرقية”، التي تنظم عروضاً فنية وتراثية يصفها المنتقدون بأنها بعيدة عن الموروث اليمني الأصيل.

ويرى مراقبون أن استمرار هذا النمط من الإدارة السياحية، بعيداً عن إشراف الجهات الرسمية اليمنية، يكرّس واقعاً جديداً في سقطرى يتجاوز المجالات الاقتصادية والاستثمارية إلى الهوية الثقافية، عبر تحويل الأنشطة السياحية إلى أداة نفوذ تجاري واستثماري وثقافي، ما يستدعي– وفق خبراء في الشأن الاقتصادي والسياحي– إعادة تنظيم القطاع بما يضمن عوائده للمجتمع المحلي ويحافظ على هوية الجزيرة الوطنية والثقافية.

يذكر أن الإمارات عمدت، منذ سيطرة قوات المجلس الانتقالي، الموالي لها، على أرخبيل سقطرى في يونيو 2020، عبر شركات تابعة لها، إلى بسط نفوذها على كافة القطاعات الاقتصادية والخدمية في الجزيرة اليمنية، كالتجارة والنقل والاتصالات والكهرباء والمياه والمشتقات النفطية والغازية والثروة السمكية والسياحة، بالإضافة إلى تكثيف مساعيها لاستبدال العملة اليمنية بالدرهم الإماراتي، مستغلة في ذلك صمت وتجاهل الحكومة اليمنية.

وفي المجال السياحي عمدت الإمارات خلال المواسم الماضية، عبر وكالات والسفر والسياحة (الشركات المتخصصة في الاستثمار السياحي)، إلى السيطرة على عمليات تفويج السياح من أنحاء العالم بما في ذلك إسرائيل، من أبو ظبي ودبي إلى الجزيرة بتأشيرات إماراتية، وخارج علم الحكومة اليمنية، وفقاً لما أكدته مصادر محلية في الجزيرة.

وأظهرت منصة “رحلات” المتخصصة في السفر والسياحة إعلانات وعروضاً تنافسية تحت شعار “احجز رحلتك من أبو ظبي إلى سقطرى”، عبر شركات ووكالات إماراتية مكاتبها في أبو ظبي، مذيلة الإعلانات والعروض بأن الرحلات إلى سقطرى بدون تأشيرة، كما نبهت إلى ضرورة قطع تذكرة العودة إلى أبو ظبي أيضاً، في تأكيد عل انطلاق وعودة السياح بتأشيراتهم الإماراتية من وإلى سقطرى اليمنية، التي يفترض أن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً هي من تمنح التأشيرة إلى محافظة الأرخبيل.