الحوثيون يشنّون حملات اعتقال واسعة ويكثفون الانتشار الأمني لمنع مظاهر الاحتفال بثورة 26 سبتمبر
شهدت المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي خلال الأيام الماضية حملات اعتقال واسعة النطاق، تزامنت مع انتشار أمني مكثف في الشوارع والأحياء السكنية، في خطوة قالت مصادر محلية إنها تهدف إلى منع أي مظاهر احتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962 التي أطاحت بالنظام الملكي وأعلنت قيام الجمهورية العربية اليمنية.
وقال مواطنون في صنعاء إن الجماعة فرضت حالة استنفار أمني غير مسبوقة يوم الجمعة الماضي، الذي صادف الذكرى الـ63 للثورة، ونشرت مئات من عناصرها المسلحة بلباس عسكري ومدني في الميادين العامة ومداخل المدينة، وأقامت نقاط تفتيش للتحقق من هوية المارة وتفتيش سياراتهم وهواتفهم.
وأكد شهود عيان لـ"العربي الجديد" أن قوات حوثية أوقفت عشرات المواطنين في شوارع العاصمة لمجرد حملهم العلم الوطني أو تشغيلهم أناشيد وطنية، معتبرة تلك التصرفات "مظاهر تحريضية". وتحول العلم اليمني، بحسب الشهادات، إلى "تهمة" تستوجب الملاحقة والاعتقال، في وقتٍ يرى فيه المواطنون أن رفعه هو تعبير رمزي عن تمسكهم بمبادئ الثورة والجمهورية.
وقال الشاب مختار من سكان صنعاء إنه خرج في نزهة عادية مع أصدقائه في يوم الذكرى، ليفاجأ بانتشار كثيف للأطقم العسكرية والمدرعات في كل شارع. وأضاف:
"كانت نقاط التفتيش توقف السيارات وتفتش الهواتف وتسأل المارة عن وجهتهم، في مشهد مخيف لم نعهده من قبل."
وأشار إلى أنه شاهد فتاة تتعرض للضرب من قبل عناصر حوثية لمجرد وضعها العلم الوطني في سيارتها.
وروى المواطن نذير الأسودي حادثة مشابهة، موضحاً أن نقطة تفتيش حوثية أوقفت ابنتيه الطبيبتين أثناء عودتهما من العمل، وقامت الشرطة النسائية بتفتيش هواتفهما وقراءة الرسائل والصور الشخصية. وقال في منشور على
فيسبوك
:
"ما حدث مع بناتي تطور خطير في نظام يدّعي حماية المرأة. عدن إلى البيت وهن يبكين خوفاً، وطلبن الرحيل من صنعاء."
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية موجة من الشهادات والمشاركات التي توثق حالات التفتيش والاعتقال، حيث قالت الشابة ريم الخالد إن عناصر حوثية أوقفتها وفتشت هاتفها دون مبرر، مؤكدة أنها عاشت "لحظات من الرعب" لمجرد مرورها في نقطة تفتيش.
ووفقاً لمصادر حقوقية، طالت حملات الاعتقال العشرات من المواطنين والناشطين والكتاب والمحامين، بينهم الشاعر والكاتب الساخر أوراس الإرياني، والمحامي عبد المجيد صبره، والمسؤول السابق في وزارة الصحة أيمن مدكور، والناشط الإعلامي ماجد زايد، في صنعاء وعدة محافظات أخرى. وتقول المصادر إن العديد من المعتقلين تعرضوا للاختفاء القسري، ولم يتمكن ذووهم من معرفة أماكن احتجازهم أو أسباب اعتقالهم.
وأوضحت منظمة سام للحقوق والحريات في بيان لها بتاريخ 23 سبتمبر، أن ما يجري من انتهاكات بحق الصحافيين والكتاب والنشطاء في مناطق سيطرة الحوثيين يمثل "سياسة ممنهجة لقمع حرية الرأي والتعبير"، مؤكدة أن الجماعة تمارس الإخفاء القسري ضد المعتقلين، وتحرمهم من التواصل مع أسرهم أو توكيل محامين.
وفي السياق ذاته، كشفت منظمة إرادة لمناهضة التعذيب والإخفاء القسري، ومقرها مأرب، عن وجود 1969 شخصاً مخفياً قسراً في سجون الحوثيين، بينهم 203 نساء، مطالبة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتحرك العاجل لإنقاذهم والتحقيق في ملف المعتقلات السرية.
ويرى مراقبون أن تصاعد هذه الحملات يعكس حالة القلق الأمني المتزايد داخل جماعة الحوثي، خاصة مع تزايد النقمة الشعبية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، مؤكدين أن الجماعة باتت تتعامل مع أي مظاهر وطنية أو رموز جمهورية باعتبارها تهديداً لسلطتها القائمة منذ انقلابها على الدولة عام 2014.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news