"المعجزة الأولى".. شهادة للتاريخ ووفاء للشهداء
قبل 5 دقيقة
شاركتُ مؤخرًا في حفل توقيع كتاب الصديق والزميل عادل حسين ضيف الله "المعجزة الأولى: ليلة الثورة ويوم إعلان الجمهورية"، الذي أقيم في المركز الثقافي اليمني بالقاهرة، بالتزامن مع الذكرى الثالثة والستين لثورة سبتمبر الخالدة.
لم يكن هذا الإصدار مجرد عمل أكاديمي أو توثيقي، بل إسهامًا معرفيًا وثقافيًا يضيء واحدة من أعظم لحظات التاريخ اليمني المعاصر إشراقًا وزهوًا، ليلة السادس والعشرين من سبتمبر 1962، يوم إعلان الجمهورية.
لقد شهدت الفعالية حضورًا وازنًا لقيادات سياسية، وقامات ثقافية وفكرية، وطاقات شبابية، وكان للمرأة حضورها الفاعل، في دلالة على أن الثورة ما تزال حاضرة في وعي اليمنيين وضمائرهم على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم.
بذل المؤلف جهدًا مشكورًا في جمع مادته العلمية وترتيبها وصياغتها بلغة رصينة ومراجع موثقة، ليضع بين أيدينا مصدرًا يعيد إلى الأذهان أجواء تلك اللحظة التاريخية التي انتشلت اليمن من عصور الاستبداد والجهل والعزلة.
في سبتمبر المجيد تحققت قفزة في مختلف المجالات الحضارية والتنموية والعلمية والثقافية والاقتصادية، وانتقلت البلاد من الغياب التام عن العالم الخارجي إلى الانفتاح على منجزات العصر ورؤية حياة أخرى تحياها شعوب الأرض. وجاء هذا الكتاب في توقيت دقيق، ليكون وفاءً لدماء الشهداء وجيل الثورة الذين صنعوا التحول الأكبر.
إن صدور هذا العمل في ظل ما يمر به وطننا من ظروف بالغة التعقيد يحمل رسالة واضحة: العودة إلى قيم سبتمبر هي الطريق لإنقاذ اليمن، واستعادة مشروع الدولة، والتمسك بالحرية والعدالة والديمقراطية والتنمية. فسبتمبر لم يكن ثورة على الإمامة فحسب، بل ميلادًا جديدًا ومشروعًا وطنيًا جامعًا ألهم الأجيال المتعاقبة.
والأخ عادل، الذي عرفته منذ الطفولة ورافقته في العمل سنوات طويلة، تربى في بيئة ثورية وجمهورية ونضالية، وهو ما انعكس في وعيه المبكر وإيمانه العميق بمبادئ سبتمبر وحرصه على تخليدها.
وبهذه المناسبة الوطنية الغالية، نترحم بقلوب خاشعة على أرواح شهداء سبتمبر الأبطال الذين قدّموا حياتهم من أجل الحرية والمساواة والعدالة. لقد كانت تضحياتهم الجسيمة بمثابة بعثٍ جديدٍ ورئةٍ تنفّس اليمنيون من خلالها نسائم الحرية، ففتحوا للأجيال أبواب المستقبل الوضاء، وشرعوا في البناء واستعادة الريادة في مختلف المجالات.
إن كتاب "المعجزة الأولى" ليس مجرد سردٍ لوقائع ليلة الثورة ويوم إعلان الجمهورية، بل هو دعوة لاستلهام الدروس واستعادة روح سبتمبر، التي بها وحدها يمكن أن يستعيد اليمن مكانته وتاريخه ودوره المستحق.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news