تمكنت السلطات الأمنية في عدن مؤخرًا من إحباط محاولة تهريب شحنة أسلحة كبيرة كانت متجهة إلى ميناء الحديدة، في واحدة من أكبر عمليات ضبط الأسلحة التي استهدفت مليشيا الحوثي منذ سنوات.
وأكدت مصادر رسمية أن العملية شملت تفتيش 58 حاوية تجارية بوزن يقارب 2500 طن، تضمنت منصات إطلاق ومكونات طائرات مسيّرة ومحركات نفاثة وأجهزة اتصالات ورصد حراري، إضافة إلى معدات تصنيع مسيّرات وأجهزة تشويش وتجسس.
وقال عضو مجلس القيادة الرئاسي نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي المسؤول عن الملف الأمني ومكافحة الإرهاب، عبد الرحمن المحرمي، إن “العملية تكشف أهمية التفتيش الدقيق للمنافذ وقطع طرق التهريب، كما تمثل ضربة موجعة للجماعة التي تعتمد على تهريب الأسلحة عبر الموانئ والخطوط التجارية”.
وذكرت النيابة العامة في عدن أنها باشرت التحقيقات في الواقعة مع تحريز كافة المواد المضبوطة تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية، فيما تواصل الجهات المختصة تتبع مسار الشحنة والجهات المرتبطة بها.
الحديدة بين أهمية استراتيجية ومعاناة يومية
تعد محافظة الحديدة، التي تضم ميناء الحديدة الرئيسي ومينائي الصليف ورأس عيسى، الشريان الاقتصادي الوحيد لمناطق سيطرة الحوثيين. ويشير خبراء إلى أن الجماعة تستخدم الموانئ لاستيراد المواد الأساسية من غذاء ووقود، إضافة إلى تهريب الأسلحة الإيرانية والتقنيات العسكرية المتقدمة التي تعزز قدراتها القتالية.
ومع ذلك، يعاني سكان الحديدة من أوضاع إنسانية صعبة، إذ يعيش الآلاف في فقر مدقع، ويواجهون انقطاعًا مستمرًا للكهرباء والمياه، مع ارتفاع حاد في أسعار الغذاء والوقود. وتقول منظمات محلية إن العائدات المالية للموانئ تُستغل بشكل كامل في تمويل المجهود العسكري للجماعة، ما يحرم السكان من أي استفادة من ثروات محافظتهم.
وأكد باحثون يمنيون أن ميناء الحديدة أصبح خلال السنوات الماضية قاعدة عسكرية متقدمة، تحوي مخازن سلاح ومعسكرات، وتستخدم لشن هجمات على الملاحة الدولية في البحر الأحمر، قرب مضيق باب المندب. وقد تعرض الميناء في الأشهر الأخيرة لغارات جوية متكررة من الطيران الإسرائيلي والأمريكي بهدف تعطيل خطوط التوريد الإيراني، ما زاد من المخاطر اليومية على المدنيين.
أثر تحرير الحديدة على المدنيين والأمن الإقليمي
يشير محللون إلى أن تحرير الحديدة سيؤدي إلى قطع شريان التمويل العسكري للحوثيين، وحرمانهم من الموارد المالية التي يستخدمونها في استمرار الحرب. كما أن استعادة السيطرة على المحافظة ستمكّن السلطات الشرعية من تحسين الخدمات الأساسية للسكان، وتقليل المخاطر التي تواجه المدنيين نتيجة القصف والمعارك المستمرة.
ويضيف الخبراء أن سقوط الحديدة بيد الحكومة الشرعية سيضع الجماعة في موقف ضعيف، يحد من قدرتها على تهديد الملاحة الدولية ويعزلها عن الموارد التي تشكل الأساس في استدامة الانقلاب.
وتظل الحديدة اليوم مركزًا استراتيجيًا بالغ الأهمية، ليس فقط لدورها العسكري والاقتصادي، بل أيضًا لتأثيرها المباشر على حياة أكثر من ثلاثة ملايين شخص يعيشون في المحافظة، الذين يعانون منذ سنوات من تبعات الحرب، والقيود المفروضة على حياتهم اليومية، ونقص الخدمات الأساسية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news