تقرير | “الانتقالي الجنوبي” على خطى الحوثي.. “عنف المكلا” يفتح نافذة على سجله الأسود ضد المرأة

     
بران برس             عدد المشاهدات : 368 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
تقرير | “الانتقالي الجنوبي” على خطى الحوثي.. “عنف المكلا” يفتح نافذة على سجله الأسود ضد المرأة

لم يكن يوم 27 سبتمبر/أيلول 2025م، يومًا عاديًا في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت (شرقي اليمن)، فالحاضرة الساحلية التي عُرفت تاريخيًا بالسلام والتعايش تحوّلت إلى مسرح عنف بعد اقتحام مسلّحي المجلس الانتقالي فعالية نسائية مرخَّصة من السلطة المحلية.

وبحسب مصادر محلية فإن عشرات المسلّحين التابعين للمجلس الانتقالي حاصروا احتفال نسوي نظّمته دائرة المرأة بإصلاح ساحل حضرموت، وأغلقوا أبواب قاعة الاحتفال مانعين المشاركات من الدخول، واعتدوا على بعضهن، مما اضطرهن لنقل الفعالية إلى الخارج. غير أن ذلك لم يمنع استمرار الاعتداء والمضايقات، إذ فرضوا طوقًا أمنيًا على النساء في الشارع، واستقدموا نساءً مزوّدات بالعصيّ والهراوات للاعتداء على النساء المحتفلات.

هذا الاعتداء شكل صدمة للرأي العام، وأثار موجة من الإدانات المحلية والدولية، وصل صداها إلى بيانات دبلوماسية، أبرزها بيان السفارة الأمريكية الذي دعا إلى وقف التجاوزات واحترام الحقوق والحريات وصون مكانة المرأة في المجتمع.

مشرف العنف

حول أسباب الاعتداء، كانت وسائل إعلام محلية قد أفادت بأن مشرف المجلس الانتقالي الجديد على محافظة حضرموت، يحيى غالب الشعيبي، هو من وجّه باقتحام القاعة والاعتداء على النساء المشاركات فيها، ضمن مهمته الهادفة لفرض هيمنة المجلس على الحياة العامة في المحافظة.

والشعيبي، هو من أقرب الأشخاص إلى زعيم الانتقالي عيدروس الزبيدي، الذي كلّفه بالإشراف على المحافظة الساحلية، وكلاهما ينحدران من محافظة الضالع.

ومنذ أغسطس/آب 2019، يسيطر الانتقالي بقيادة الزبيدي على مدينة عدن، المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد، وبعض المحافظات الجنوبية، ويمتلك العديد من القوات العسكرية والأمنية، وجميعها خارج سلطة الدولة.

ومؤخرًا، بدأ الانتقالي في استخدام أداة “المشرف” للسيطرة على المحافظات الجنوبية، خصوصًا التي لا تخضع كليًا لنفوذه كمحافظة حضرموت، وتقع سلطة المشرف فوق سلطة المحافظ وفوق القانون.

وهذا المنصب غير القانوني، سبق أن استخدمته جماعة الحوثي المصنفة عالميًا في قوائم الإرهاب عقب اجتياحها للعاصمة صنعاء أواخر العام 2014، حيث فرضت مشرفيها على كل محافظة ومديرية، ومن خلال هذا المنصب أحكمت سيطرتها على كل المؤسسات وباتت تتحكم بكل صغيرة وكبيرة في الشأن العام والخاص.

ردود فعل ساخطة

لليوم الخامس على التوالي، ما تزال الادانات للاعتداء على الفعالية النسائية تتوالى، وجميعها تحذّر من توجّه الانتقالي لتوسيع دائرة انتهاكاته، وجرّ حضرموت إلى مربع الفوضى والعنف التي تشهدها مدينة عدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد والخاضعة لسيطرته كليًا منذ أغسطس/آب 2019.

أمس الأول، أصدرت الأحزاب والمكونات السياسية، بيانًا أكدت فيه رفضها المطلق لاستخدام القوة لمنع أي نشاط سياسي يهدف إلى التعبير عن المواقف أو نقل معاناة المواطنين في عدن وسائر المدن المحررة. مشددًة على أن التعددية والعمل الحزبي مكفولان بالدستور والقانون، ولا يجوز أن تُواجه الأنشطة المدنية السلمية بالترهيب أو القمع.

وأدانت الأحزاب والمكونات السياسية، في بيانها، الممارسات الخارجة عن القانون، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والمضايقات التي يتعرض لها الصحفيون والناشطون في العاصمة المؤقتة عدن وغيرها، معبرة عن رفضها لكل محاولات تجريف الحياة السياسية في المحافظات الجنوبية لصالح طرف واحد أو لون سياسي بعينه.

وجددت رفضها لمحاولات تكريس الثقافة الشمولية في الحياة السياسية، والتي تجلت في الممارسات والتصريحات الأخيرة لبعض الأطراف عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، مؤكدة أن هذا التوجه الإقصائي الذي يمارس الترهيب الفكري لا يقل خطورة عن العنف المسلح، إذ يمثل تهديدًا مباشرًا لحرية الرأي والعمل السياسي المدني.

وقالت إن هذه الممارسات الإقصائية تمثل خرقًا صريحًا لبنود وأهداف الاتفاقيات والمرجعيات الحاكمة للفترة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة. محذّرة من خطورتها على استقرار المحافظات المحررة.

وفي إطار الردود الدولية، عبّرت السفارة الأمريكية في اليمن، في بيان، عن شعورها بالقلق إزاء مداهمة فعالية نسائية. معتبرة هذا التصرف “يقوض القيم الأساسية لحرية التعبير والتجمع”. مؤكدّة التزامها بدعم الشعب اليمني في سعيه نحو “الحرية والكرامة والعدالة”.

سجلّ أسود وجرائم حرب

منذ هيمنة الانتقالي على مدينة عدن وبعض المحافظات جنوب اليمن، مارس تضييقًا متصاعدًا على المرأة والنشاط النسوي، وصولًا إلى القمع المسلّح. وشهدت السنوات الأخيرة سلسلة اعتداءات، وتحريض طالت ناشطات نسويات، خصوصًا في عدن وحضرموت.

وإلى جانب تقارير فريق الخبراء الدوليين وتقارير فريق خبراء مجلس الأمن المعني باليمن، وثّقت منظمات دولية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش والمرصد الأورومتوسطي جرائم متعددة ارتكبها الانتقالي بحق النساء. 

ووصف فريق الخبراء الدوليين في تقريره الصادر في سبتمبر 2021، انتهاكات الانتقالي بأنها ترقى إلى “جرائم حرب”، بما فيها انتهاكات قائمة على النوع الاجتماعي.

عدن ساعة قمع مفتوحة

خلال السنوات السبع الأخيرة، وثقت منظمات حقوقية محلية عشرات الانتهاكات بحق النساء في مدينة عدن والمناطق الخاضعة لسيطرة الانتقالي، تنوّعت بين القتل والإخفاء والإصابة والمضايقة.

وتصاعدت حدّة الانتهاكات مع خروج النساء في تظاهرات للمطالبة بالكشف عن مصير أبنائهن المختطفين في السجون السرية للمجلس، أو للتعبير عن غضبهن من تدهور الخدمات مع الانهيار المتواصل لأسعار العملة المحلية.

وعلى سبيل المثال: في مارس/آذار 2019، شهدت ساحة العروض بمدينة عدن أولى جرائم الانتقالي ضد المرأة، حيث تعرض تجمع نسائي كان يطالب بالكشف عن مصير أبنائهن المختطفين في سجون المجلس السرّية للضرب بالهراوات، ما أدى إلى إصابة بعضُهن بكسورٍ في اليد.

بعدها بأشهر، وتحديدًا في 30 أغسطس/آب، تعرّض تجمع نسائي آخر للاعتداء، بما فيها إطلاق الرصاص الحيّ، ما أدّى إلى تدافعهنّ وإصابة عددٍ منهن بإصابات متفرّقة.

وفي 26 مايو 2024، وثّقت هيومن رايتس ووتش ضلوع الانتقالي في تهديد موظّفات “اتحاد نساء اليمن” وطردهنّ من مقرّ عملهنّ ومصادرة المكان. بينما طالبت منظمة العفو الدولية سلطات الانتقالي بضمان سلامة مأوى النساء بعد الاستيلاء على مقر اتحاد نساء اليمن.

مايو الأسود

شهدت مدينة عدن في مايو/أيار 2025، تصعيدًا في الانتهاكات ضد المرأة، تزامنًا مع حراك نسائي واسع احتجاجًا على تردي الأوضاع الخدمية والمعيشية، فقد قُوبلت هذه الاحتجاجات بالقمع والعنف من قبل قوات الانتقالي.

سبق هذه الاحتجاجات حملة تحريض منظمة شنها ناشطون موالون للانتقالي، تضمنت خطاب كراهية وتحريضاً ضد المشارِكات. وفي 10 مايو/أيار، نفّذت قوات الانتقالي انتشارًا أمنيًا مكثفًا واستعراض للقوة في ساحة العروض بخور مكسر، بهدف ترهيب المشاركات في وقفة نسوية سلمية للمطالب بتحسين الخدمات الأساسية. واعتبرت منظمة “صحفيات بلا قيود”، هذا التحريض “انتهاكاً لحرية التعبير ويعكس تواطؤاً ضمنياً مع الانتهاك الأمني اللاحق”.

وفي وقفة احتجاجية بساحة العروض في مديرية كريتر، السبت 24 مايو/أيار 2025، أفادت “صحفيات بلا قيود”، بأن مسلّحي الانتقالي، بما فيهم عناصر أمنية نسائية تحمل الهراوات، اعتدت بالضرب باستخدام الهراوات على نحو سبع مشارِكات في الوقفة، وصادرت هواتف أربع مشاركات على الأقل لمنع توثيق الانتهاكات. 

كما وجه عناصر أمنيون الشتائم والإهانات للمتظاهرات، وتم منع العشرات منهن من دخول الساحة، في محاولة لإفشال الوقفة وقمع الحق في التظاهر السلمي. كما فرضت قوات الانتقالي طوقاً أمنياً مشدداً في محيط الساحة مدعوماً بعربات عسكرية لمنع وصول النساء.

وحمل بيان صادر عن الوقفة النسائية بتاريخ 24 مايو/أيار، الجهات المسيطرة في عدن، وفي مقدمتها الانتقالي، المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع، مشدّدًا على ضرورة وقف كافة أشكال الانتهاكات، داعيا إلى محاسبة المتسببين فيها، وضمان حماية النساء والمدنيين، وتوفير بيئة آمنة تحترم الحقوق وتكفل الكرامة الإنسانية.

توثيق دولي

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وصف تعامل الانتقالي مع تظاهرة نسائية في عدن بتاريخ 29 مايو/أيار 2025 بـ“القمع المنهجي”. مؤكدًا اعتداء قوات الانتقالي على التظاهرة بالضرب والسحل والملاحقة.

هيومن رايتس ووتش، وثقت هي الأخرى انتهاكات الانتقالي ضد التظاهرات النسوية في عدن خلال مايو/أيار 2025، معتبرة ما حدث بحق النساء استخدامًا مفرطًا للقوة في تفريق التظاهرات، بما في ذلك إطلاق الرصاص الحيّ في الهواء والاعتداء الجسدي على المشاركات.

 منظمة “صحفيات بلاقيود”، قالت إن “هذه الانتهاكات تعكس تصاعداً خطيراً وممنهجاً”، مضيفة أنها رصدت ووثقت نحو 219 انتهاكًا جسيمًا طالت الاحتجاجات السلمية، والنساء، والأطفال، والمدنيين، والناشطين، والصحفيين، والنازحين خلال الفترة من ديسمبر 2024 وحتى مايو 2025.

وبرز اسم القيادي الانتقالي “أوسان الحنشلي” كمسؤول عن الاعتداء الذي تعرّضن له النساء في مايو– يونيو 2025. 

وطوال الشهر، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مشاهد فيديو توثق حالات القمع، بما فيها مشاهد لتعرّض النساء المحتجات في 24 مايو/أيار لاعتداءٍ، ومشاهد أخرى لتطويق ساحات الاحتجاج وترهيب المشاركات، وجميعها لاقت سخطًا شعبيًا واسعًا، وكشفت عن حجم الانتهاكات واستباحة الانتقالي لحرمة المرأة.

اعتداء جنسي

وفي إطار مسلسل الانتهاكات الممنهجة ضد المرأة، رصدت تقارير حقوقية وصحفية انتهاكات جنسية ارتكبتها التشكيلات الأمنية التابعة للانتقالي، وسط غياب المحاسبة وسيادة الإفلات من العقاب.

ومن أبرزها ما وثّقه فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن المعني باليمن الصادر في يناير 2021، حيث قال إن الفريق حقق في “حالة عنف جنسي مارسه أفراد من قوات الحزام الأمني ضد نازحتين في دار سعد، بعدن”. 

وأضاف أنه “حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2020، وعلى الرغم من تقرير الشرطة الأولي الذي يوثق الحادث ويُحدد المشتبه فيهم بأنهم أعضاء في قوات الأمن، لم يُتخذ أي إجراء قانوني”.

منهجية حوثية

الانتهاكات المتصاعدة ضد المرأة في مدينة عدن، والمناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة الانتقالي، تتطابق في تصاعدها وحدتها ونوعيتها مع سلوك جماعة الحوثي المصنفة عالميًا في قوائم الإرهاب ضد المرأة منذ اجتياحها للعاصمة صنعاء.

ورغم الإدانات المحلية والدولية الواسعة لهذه الانتهاكات التي تهدد حياة المرأة وتصادر حقها في الحرية والحركة والمشاركة في الحياة العامة، إلا أن هذه المليشيات المسلحة شمالي اليمن وجنوبه تواصل انتهاكاتها ضد النساء، ضاربة عرض الحائد بكل المناشدات، والتداعيات الخطيرة لتدهور الحريات المدنية والسياسية في اليمن.

 


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

إحباط تهريب طابعات حديثة للحوثيين مخصّصة لطباعة العملة المزيفة

حشد نت | 780 قراءة 

ضبط أكبر شحنة أسلحة للحوثيين.. 58 حاوية معدات مصانع طائرات مسيرة وأسلحة كانت في طريقها إلى الحديدة (فيديو)

بران برس | 778 قراءة 

عدن.. الأجهزة الأمنية تطيح بخلية حوثية كانت تستهدف الشباب

حشد نت | 664 قراءة 

رئيس “حكومة التحالف” يتعرض للإهانة في الإمارات

الحدث اليوم | 607 قراءة 

تعليق لرئيس كولومبيا يغضب الخارجية اليمنية ويدفعها للتوضيح والمشاط السبب

الموقع بوست | 468 قراءة 

عدن.. الأجهزة الأمنية تضبط خلية حوثية خطيرة كانت تستهدف الشباب

تهامة 24 | 461 قراءة 

هاني البيض: لا الشمال قادر على إقصاء الجنوب ولا الجنوب قادر على تجاوز الشمال

بران برس | 420 قراءة 

بيان جديد للتحالف الإسلامي العسكري بشأن اليمن

المشهد اليمني | 389 قراءة 

تقرير | “الانتقالي الجنوبي” على خطى الحوثي.. “عنف المكلا” يفتح نافذة على سجله الأسود ضد المرأة

بران برس | 368 قراءة 

ضبط أضخم شحنة عسكرية للحوثيين في ميناء عدن تضم طائرات مسيّرة ومعدات لصناعة الأسلحة

تهامة 24 | 360 قراءة