إن أهمية موقع الجنوب الجيو/سياسية وإطلالته على الممرات المائية وحركة سفن الشحن التجاري الدولية وتحكُّمه بالبوابة الجنوبية للبحر الأحمر مضيق باب المندب ومن خلال جزيرة ميون أيضًا ومشاطئته للساحل الإفريقي، ناهيكم عمَّا يتمتع به من ميناء ومطار دوليين مشهود لهما، وثروات نفطية وغازية وذهب ومعادن أخرى في باطن الأرض وعلى سطحها في يابسها ومياهها، وثروة سمكية وزراعية وحيوانية، وساحل جميل وطويل يستهوي السياحة فيما لو امتدت إليه يد النماء وتم الترويج له وفتح الباب للشركات الاستثمارية السياحية العالمية والإقليمية المشهود لها، وبناء مشاريع وخدمات سياحية على امتداده.
إن تلك المقومات ـ وبصورة عامة ـ قد باتت محلاً للأطماع والمصالح، وفي التفاصيل:
هناك من عينيه على عدن عاصمة دولة الجنوب وثغرها الباسم، والتي كانت تسمى ذات يوم بـ ((درة التاج)) لموقعها وما تتمتع به من إطلالة على خليج عدن وبحر العرب، ومقومات أخرى وردت أعلاه، وبمينائها الدولي والذي كان يُعتبر ذات يوم ثاني ميناء في العالم من حيث موقعه وأدائه، تم إخراجه عن جاهزيته قياسًا بسابق عهده لصالح تنشيط موانئ مجاورة، وكذلك هو مطارها الدولي، وفي السياق من عينيه على جزيرة ميون أيضًا.
وهناك من عينيه على شبوة وحضرموت، على ثرواتهما الغازية والنفطية والذهب والمعادن الأخرى، وموانئهما وإطلالتهما على بحر العرب.
ومن عينيه على المهرة وموانئها وما تتمتع به من المقومات الأخرى وإطلالتها على بحر العرب.
ومن عينيه على سقطرى بموقعها على المحيط الهندي وكمحمية طبيعية فريدة ومنطقة سياحية بامتياز، وما حباها الله به من الأشجار الطبية والنادرة كشجرة دم الأخوين، والمياه العذبة والجمال الطبيعي البديع، ومنطقة ساحلية وشبه جبلية في وقت واحد، وهناك من عينيه على هذا وذاك.
على هذا الأساس يمكن فهم التسابق بهدف الحصول على النصيب المريح في اقتسام الكعكة.
وفي السياق يظل التواجد العسكري الخارجي ماثلاً بعدما وفر له الحوثي الغطاء والمبررات، بما هو التواجد في حقيقته يأتي في إطار حرب السيطرة على المياه والسباق على وضع قدم فيها، وبالنظر لأهمية الجنوب كذلك.
إن أهمية ومقومات الجنوب تلك قد جعلته محلاً لأجندة الأطماع والمصالح، بما هي أجندة هكذا سببًا في معاناة شعب الجنوب الحياتية المعيشية والخدمية أيضًا، وبقصد إشغال شعبه ـ شعب الجنوب ـ بأمور حياته اليومية على حساب اهتمامه وتمسكه بهدفه وحقه في (استعادة دولته الواحدة الموحدة من المهرة إلى باب المندب بحدود ما قبل 22 مايو 1990م المتعارف عليها دوليًا)، طالما كان في استعادتها استعادة للسيادة الوطنية والقرار الوطني المستقل والشخصية/الكيان الدولي للجنوب، وصدًا منيعًا لأجندة الأطماع والمصالح.
وعلى هذا الأساس يمكن فهم سياسة التسابق وتضارب المطامع والمصالح ومحاولات تقسيم وتمزيق الجسد الجنوبي الواحد ونسيجه الاجتماعي، من خلال ما روجوا له (مشروع الإقليمين: الشرقي شبوة، حضرموت، المهرة وسقطرى – والغربي عدن، أبين، لحج والضالع).
وعلى هذا الأساس أيضًا يمكن فهم التلاعب بأسعار العملات الأجنبية ارتفاعًا وهبوطًا، والارتفاعات السعرية لكل متطلبات العيش والحياة، وعدم صرف المرتبات (سياسة إفقار وتجويع)، وانقطاع خدمة الكهرباء والماء، وضعف التعليم وتجهيل جيل المستقبل ومحاولة إفساده بالمخدرات، وكذلك ضعف الخدمات الصحية وصحة البيئة قياسًا بسابق عهدها، وانتشار ظاهرة الفساد الإداري والمالي والعبث بالمال العام والاستيلاء على الأراضي وما يتم تداوله عن "الأحواش".
وكذلك تهريب الأسلحة والمخدرات، وكسب وزرع خلايا التجسس والإرهاب التي يتم ضبطها وكشفها بين الحين والآخر، وانتشار وإعادة تموضع عناصر الإرهاب المتخادمة مع قوى التطرف والظلام شرق محافظة أبين، وما تقوم به من الأفعال الإجرامية، وكل ذلك ليس بهدف إزهاق الأرواح البشرية البريئة وحسب، ولكن أيضًا (لخلق حالة عدم استقرار وأن شعب الجنوب غير مهيأ لاستعادة دولته) تحقيقًا لاستمرارية الأطماع والمصالح المرتبطة باستمرار أوضاع هكذا، ولا ريب في ذلك...
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news