بعد أسبوع من الجريمة المروّعة التي طالت حياة افتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة والتحسين بمحافظة تعز، بدأت المدينة اليوم الخميس تستعيد أنفاسها شيئاً فشيئاً، في مشهد يعبّر عن رغبة جماعية في تجاوز الصدمة وفتح صفحة جديدة من الأمل، رغم أن جراح المدينة لا تزال مفتوحة ومطالب العدالة مستمرة.
عودة الحياة من جديد
أعلنت السلطات الأمنية في تعز الأربعاء مقتل المتهم الرئيس في جريمة اغتيال المشهري، المدعو محمد صادق المخلافي، وذلك خلال مواجهته الحملة الأمنية في تبة الوكيل شرقي المدينة.
هذا الإعلان أعاد قدراً من الطمأنينة إلى سكان تعز، حيث عبّر الأهالي عن ارتياحهم لنجاح الحملة في ملاحقة المتورطين، واعتبروا أن ما جرى خطوة أولى على طريق استعادة ثقة الناس بمؤسسات الدولة.
وأفاد مصدر أمني للمهرية نت أن المتهم حاول مهاجمة رجال الأمن بـ3 قنابل أثناء الاشتباك، مما اضطر الحملة الأمنية إلى التعامل معه وقتله ، مشيرا إلى إصابة خمسة من رجال الأمن خلال المهمة.
بدوره، أكد مدير أمن تعز العميد منصور الأكحلي مقتل المتهم الرئيسي في اغتيال المشهري، مشددا في حديث للصحفيين على استمرار الحملة الأمنية في ملاحقة جميع المطلوبين أمنيا في المدينة.
وتم اغتيال المشهري بنحو 20 طلقة اخترقت رأسها أثناء مرورها بسيارتها في جولة سنان وسط مدينة تعز صباح الخميس الماضي، وتحولت الحادثة إلى قضية رأي عام خلقت غضبا واسعا في أرجاء اليمن الذي يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.
إعادة تنظيف المدينة
ومع انحسار أجواء التوتر، عاد عمّال النظافة إلى الشوارع لرفع المخلفات التي تراكمت خلال الأيام الماضية، في صورة بدت كرمزية لعودة الحياة إلى طبيعتها.
وقد أصدر صندوق النظافة والتحسين بياناً أكد فيه استئناف العمل بوتيرة عالية، مشيداً بصمود العمال الذين واصلوا أداء مهامهم رغم الظروف الأمنية الصعبة.
تعيين إيلان عبدالحق
في السياق ذاته، أصدر محافظ تعز نبيل شمسان قراراً بتكليف إيلان عبدالحق قائماً بأعمال مديرة صندوق النظافة، وهي الخطوة التي اعتُبرت استجابة عملية لمتطلبات المرحلة، وتعزيزاً لدور المرأة في المناصب القيادية داخل المحافظة. وقد قوبل القرار بترحيب واسع من الفعاليات المدنية.
وباشرت عبدالحق مهامها منذ مساء الأربعاء ، حيث أشرفت ميدانياً على انطلاق حملات النظافة وإزالة المخلفات من مختلف أحياء وشوارع المدينة، في محاولة لإعادة الحياة إلى طبيعتها والتخفيف من معاناة المواطنين.
تفاؤل ومطالب
ورغم مشاعر الارتياح، يظل التفاؤل حذراً؛ إذ يشدد حقوقيون وفاعلون محليون على ضرورة استكمال التحقيقات في جريمة اغتيال المشهري، وعدم الاكتفاء بمقتل المتهم الأول.
وطالب ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل متكرر الأجهزة الأمنية بمواصلة القبض على بقية المطلوبين وإنزال العقوبات بحق كل المتورطين، حتى تترسخ هيبة القانون وتتحقق العدالة الكاملة، مشيدين في الوقت ذاته بالقبض على عدد من المتهمين بينهم قيادات وشخصيات بارزة.
وتبدو تعز، التي عانت طويلاً من دوامة الاغتيالات والانفلات الأمني أمام اختبار جديد وتساؤل هل تتحول الإجراءات الأخيرة إلى بداية مسار جاد لبناء الثقة بين المواطنين والدولة، أم تبقى مجرد ردة فعل ظرفية؟
وفي انتظار الإجابة، يواصل الناس في المدينة حياتهم اليومية ممسكين بخيط الأمل في غدٍ أكثر أمناً وعدلاً في واحدة من أهم المدن التي توصف بأنها الحالمة وعاصمة الثقافة المدنية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news