زيارة الرئيس عيدروس الزبيدي إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة تمثل منعطفاً تاريخياً حاسماً في مسار القضية الجنوبية، حيث تجسد هذه الزيارة إستراتيجية دبلوماسية متعددة المستويات تهدف إلى توطيد المكانة الدولية للمجلس الانتقالي الجنوبي. فمن الناحية الظاهرية، تظهر الزيارة في إطار المشاركة الرسمية في المحفل الدولي لبحث الأوضاع في اليمن واستعراض جهود تحقيق السلام ومخاطر تدفق الأسلحة والوضع الإنساني الصعب، إلا أن البعد الحقيقي للزيارة يتجاوز هذا الإطار الرسمي إلى آفاق أوسع بكثير.
فالزيارة تشكل فرصة ذهبية لنقل القضية الجنوبية من حيز الملف المحلي والإقليمي إلى الساحة الدولية، حيث يسعى الرئيس الزبيدي إلى تقديم تطلعات شعب الجنوب في استعادة دولته بشكل مباشر أمام قادة العالم وصناع القرار الدولي. كما أن اللقاءات الثنائية المكثفة على هامش أعمال الجمعية العامة مع ممثلي الدول والمنظمات الدولية ستُستخدم لبناء تحالفات دبلوماسية متينة وكسب دعم سياسي مباشر للقضية الجنوبية، وفتح آفاق للتعاون المستقبلي في مجالات الأمن البحري وإعادة الإعمار والتنمية.
وتأتي هذه الزيارة في إطار مسار دبلوماسي طويل يسعى لترسيخ الاعتراف الدولي بالمجلس الانتقالي الجنوبي ككيان سياسي شرعي وحامل لقضية عادلة، حيث يمثل الحضور القوي للرئيس الزبيدي على منصة الأمم المتحدة إعلاناً صريحاً بأن الجنوب لم يعد طرفاً هامشياً يمكن تجاوزه، بل أصبح رقماً صعباً في معادلة الحل السياسي. وهذا الحضور الدولي البارز يعزز الموقف التفاوضي للجنوب ويضغط على الأطراف الأخرى للاعتراف بحقوقه المشروعة.
كما أن التوقيت الذكي للزيارة، في ظل تعقيدات المشهد اليمني والإقليمي، يؤكد حنكة القيادة الجنوبية في استغلال الفرص الدولية لخدمة القضية الجنوبية. فبالإضافة إلى الجانب السياسي، ستركز الزيارة على تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني، حيث ستُطرح قضايا استثمارية مهمة تتعلق بإعادة إعمار الجنوب وتنميته، وحماية الممرات البحرية الدولية التي تمس المصالح العالمية.
وبهذا تكون زيارة الرئيس الزبيدي قد نجحت في تحويل القضية الجنوبية من ملف محلي إلى قضية دولية، مجسدةً إرادة شعب الجنوب في استعادة دولته، ومؤكدةً أن استقرار اليمن والمنطقة لن يتحقق دون حل عادل وشامل للقضية الجنوبية، مما يعزز من فرص الاعتراف الدولي بدولة الجنوب في المدى المنظور.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news