صراع النفوذ في البحر الأحمر: هل الصين أصبحت ترفض البقاء في الهامش بدعم الحوثيين؟

     
شبكة اليمن الاخبارية             عدد المشاهدات : 50 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
صراع النفوذ في البحر الأحمر: هل الصين أصبحت ترفض البقاء في الهامش بدعم الحوثيين؟

مشاهدات

رأى تقرير أمريكي أن الصين أصبحت أكثر جرأة في البحر الأحمر حيث تعمل على توسيع نفوذها، وتلعب دورًا متزايدًا في دعم الحوثيين في اليمن، مما يهدد استقرار الممرات البحرية الحيوية ويضع بكين في مواجهة غير مباشرة مع القوى الغربية.

ويشير تقرير تحليلي لمركز ستيمسون «Stimson» -عن تحول جذري في نهج الصين تجاه أمن البحر الأحمر، حيث انتقلت من الاكتفاء بمراقبة العمليات الغربية إلى التدخل المباشر عبر أدوات غير تقليدية، ودعم غير معلن لجماعة الحوثي.

ووفق التحليل "في حين تظل إيران الراعي العسكري الرئيسي للحوثيين، إلا أن المواد المستوردة من الصين تلعب دورًا متزايدًا في دعم جهودهم الحربية وتعزيز البنية التحتية اللوجستية الحيوية".

في يوليو/تموز، أفادت التقارير أن سفينة حربية صينية أطلقت ليزرًا عسكريًا على طائرة مراقبة ألمانية متعددة المستشعرات كانت تعمل فوق البحر الأحمر ضمن مهمة الأمن البحري التي يقودها الاتحاد الأوروبي والمعروفة باسم عملية أسبيدس.

أثارت هذه الحادثة، التي أجبرت الطائرة على الانسحاب حفاظًا على سلامتها، احتجاجًا حادًا من برلين، وأثارت استياء الحلفاء الغربيين.

ورغم أن بكين قللت من أهمية هذه الحادثة، فإن هذه الحادثة، إلى جانب التعاون الدفاعي الصيني المتنامي مع الحوثيين وإيران، أرسلت رسالة واضحة: هي أن الصين لم تعد راضية بالبقاء على الهامش فيما يتصل بأمن البحر الأحمر.

أشعة ليزر عسكرية

في 2 يوليو/تموز 2025، يُعتقد أن فرقاطة تابعة لبحرية جيش التحرير الشعبي الصيني وجّهت سلاح ليزر نحو طائرة دورية بحرية ألمانية كانت تُحلّق قبالة الساحل اليمني. بعد الحادث، عادت الطائرة بسلام إلى مطار جيبوتي-أمبولي، حيث كانت متمركزة هناك منذ أكتوبر/تشرين الأول 2024 لإجراء مهام استخباراتية ومراقبة واستطلاعية ضمن عملية أسبيدس.

تجدر الإشارة إلى أن الطائرة المستهدفة لم تكن تابعة للقوات المسلحة الألمانية، بل طائرة تابعة لشركة مقاولات، ويقودها طاقم مدني عسكري. وبينما لا يزال حجم الأضرار التي لحقت بالطائرة وطاقمها سريًا، أكدت السلطات الألمانية أن الطائرة استأنفت عمليات الدوريات الروتينية.

رفضت الصين هذه الاتهامات، نافيةً استخدام أشعة ليزر عسكرية لمضايقة الطائرة الألمانية. ولم تكن هذه المرة الأولى التي تتدخل فيها بكين في عمليات طائرة غربية في خليج عدن، لكن آخر حادثة وقعت قبل سنوات. ففي عام ٢٠١٨، أدان البنتاغون الاستهداف المتكرر لطائرة أمريكية من طراز C-130 في معسكر ليمونير، القاعدة العسكرية الأمريكية في جيبوتي.

إقرأ أيضا.. تنافس واشنطن وبكين على النفوذ بالمنطقة منها اليمن.. هل تعود الحرب الباردة؟

تندرج هذه الممارسة ضمن تكتيكات الحرب غير المتكافئة التي تنتهجها القوات المسلحة الصينية، وخاصةً في المناطق المتنازع عليها. ولبكين سجلٌّ حافلٌ بحوادث الليزر العسكرية المشتبه بها التي استهدفت طائرات الدوريات الأمريكية والأسترالية في جنوب شرق آسيا.

تتراوح أسلحة الطاقة الموجهة بين أجهزة تشويش ليزرية منخفضة الطاقة قادرة على إعاقة الأنظمة البصرية أو العين البشرية مؤقتًا، وأنظمة أكثر قوة مثبتة على السفن قادرة على تعطيل أجهزة استشعار معقدة، بل وحتى تدمير أهداف محددة. ومع استئناف طائرات الدورية الألمانية عملياتها بعد الحادث بوقت قصير، يُستنتج أن الفرقاطة الصينية استخدمت نظام ليزر غير قاتل.

وتتمتع هذه التدابير المضادة غير الحركية الناشئة بتطبيقات واسعة النطاق، وتستغلها الصين لتحقيق ثلاثة أغراض رئيسية: ردع الخصوم، وتعطيل العمليات، وإنكار المسؤولية.

أولاً، باستخدام الليزر، تستطيع بكين التعبير عن استيائها من رحلات المراقبة الجوية الأجنبية دون اللجوء إلى إطلاق النار الحي أو أي إجراءات قسرية صريحة أخرى قد تُنذر بإثارة مواجهة عسكرية مباشرة. يُمكّن هذا النهج الصين من تحدي عمليات خصومها في المناطق المتنازع عليها، مع ضمان ضبط التصعيد.

ثانيًا، يُمكن لأشعة الليزر عالية الطاقة تعطيل مهام الاستطلاع من خلال إعاقة أجهزة الاستشعار البصرية والكاميرات وأجهزة الرؤية الليلية على متن الطائرات مؤقتًا، مع تعريض أفراد الطاقم لمخاطر صحية. ومن خلال إضعاف قدرات المراقبة دون اللجوء إلى القوة المميتة، تحصل بكين على وسيلة فعالة ومنخفضة التكلفة لمواجهة المراقبة الأجنبية.

أخيرًا، تُتيح أشعة الليزر إمكانية إنكار المسؤولية. إذ يصعب تحديد حوادث الليزر بدقة لأن أشعتها غير مرئية، وآثارها مؤقتة عادةً. هذا الغموض يجعل من الليزر أداةً فعّالة في المنطقة الرمادية: مُعطّلة بما يكفي لتعقيد العمليات الغربية، لكن يصعب إثباتها في المحافل الدبلوماسية ومواجهتها في مسرح العمليات.

دعم الحوثيين

في 6 أغسطس/آب 2025، أحبطت قوات الحزام الأمني في اليمن، محاولة تهريب رافعات جاهزة صينية الصنع عبر طريق تهريب معروف إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة الحوثيين. وكان من المرجح أن تُستخدم هذه الرافعات لاستبدال البنية التحتية اللوجستية المتضررة جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على الحديدة، ثاني أكبر موانئ اليمن وشريان حيوي لمخزونات أسلحة الحوثيين.

قبل ثلاثة أيام، اعترضت وحدة مكافحة الإرهاب في ميناء عدن شحنة مساعدات قاتلة متجهة إلى الحوثيين على متن سفينة تجارية قادمة من الصين. أُعيد توجيه الشحنة إلى عدن نظرًا لتدهور العمليات في الحديدة، وكانت تتضمن معدات أساسية لإنشاء منشأة لتصنيع الطائرات المسيرة، مثل أنظمة الطاقة، ومكونات التوجيه والمراقبة، بالإضافة إلى قطع تجميع متنوعة.

قبل ذلك بعام، في أغسطس/آب 2024، استولت قوات المقاومة الوطنية، وهي تحالف بقيادة اللواء طارق صالح ويعمل تحت سلطة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، على مركب شراعي في البحر الأحمر يحمل مساعدات عسكرية متجهة إلى الحوثيين.

وشملت الغنيمة أسطوانات غاز هيدروجين صينية الصنع ومكونات تهدف إلى استبدال مصادر الطاقة التقليدية للأنظمة غير المأهولة، مثل محركات الاحتراق أو بطاريات الليثيوم، بخلايا وقود هيدروجينية أفضل أداءً. وقد أبرزت هذه العملية عزم الجماعة المتمردة اليمنية على زيادة تطور ترسانتها من خلال تجربة تقنيات الدفع المتقدمة.

تشير هذه الاعتراضات مجتمعةً إلى نمطين واضحين:

أولًا، مع استمرار تضرر ميناء الحديدة بشدة، يسعى الحوثيون بشكل متزايد إلى إيجاد ممرات تهريب بديلة، حتى لو تطلب ذلك إعادة توجيه الشحنات عبر نقاط دخول أكثر رقابة مثل عدن.

ثانيًا، بينما لا تزال إيران الراعي العسكري الرئيسي للجماعة المسلحة اليمنية، تلعب المعدات الصينية دورًا متناميًا في دعم مجهودها الحربي وتعزيز بنيتها التحتية اللوجستية الحيوية.

لا تزال الأدلة على تورط بكين المباشر في شبكة التهريب المنظمة التي تُزوّد الحوثيين بأنظمة أسلحة متطورة ومكونات أساسية غائبة. ومع ذلك، فإن تسارع وتيرة اعتراض الشحنات المصنعة والقادمة من الصين يثير تساؤلات جدية حول ما إذا كانت الشركات التابعة للدولة تُسهّل، عن علم أو إهمال، نقل المواد ذات الاستخدام المزدوج والعسكري.

العقوبات الأمريكية

وفي 11 سبتمبر/أيلول، فرضت وزارة الخارجية الأميركية عقوبات على مجموعة من الأفراد والكيانات، بما في ذلك العديد من الشركات التي يقع مقرها في الصين، والتي اتهمتها بنقل مكونات عسكرية إلى الحوثيين.

تُبرز اتهامات وزارة الخارجية الأمريكية في أبريل/نيسان 2025 ضد شركة تشانغ غوانغ لتكنولوجيا الأقمار الصناعية، وهي شركة أقمار صناعية تجارية ذات علاقات موثقة مع جيش التحرير الشعبي الصيني، نفس الديناميكية.

وزعمت واشنطن أن الشركة قدمت معلومات استخباراتية جغرافية لدعم حملة الحوثيين ضد الملاحة في البحر الأحمر. رفضت الشركة هذه الاتهامات، لكن التوقيت والنمط يُعززان الشكوك في أن الصين تُعزز حضورها في الصراع بهدوء، حتى وإن كان بشكل غير مباشر.

من المرجح أن الفرقاطة الصينية المشتبه في تنفيذها هجوم الليزر على طائرة الدورية الألمانية كانت جزءًا من قوة المهام البحرية السابعة والأربعين التابعة لبحرية جيش التحرير الشعبي الصيني (NEFT)، وهي مبادرة أمنية بحرية مستقلة أطلقتها بكين عام 2008 لمواجهة القرصنة الصومالية.

ومع انحسار خطر القرصنة في منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، تطورت قوة المهام لتصبح الأداة الرئيسية للصين للحفاظ على وجود بحري مستدام في المياه الإقليمية وتعزيز التعاون العسكري مع إيران.

من الجدير بالذكر أن سفنًا حربية من فرقة NEFT السابعة والأربعين شاركت أيضًا في مارس 2025 في مناورات الحزام الأمني، وهي مناورة سنوية لمكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية تُعقد بشكل مشترك بين إيران وروسيا والصين في خليج عمان منذ عام 2019.

وقد أبرزت هذه المشاركة كيف تحولت فرقة عمل PLAN أو قوة المهام من مهمة دفاعية ضيقة إلى منصة للتوافق الاستراتيجي مع شركاء بكين الجيوسياسيين الرئيسيين، مسلطةً نفوذًا يتجاوز نطاق ولايتها الأصلية بكثير.

إن احتمال مشاركة المقاتلات السطحية الصينية، التي تتدرب إلى جانب إيران وروسيا، في تنسيق عملياتي مع الحوثيين يُعد تطورًا مقلقًا للجهات الفاعلة الإقليمية والدولية على حد سواء. ويزداد هذا القلق باحتمال انضمام سفن حربية حديثة تابعة للبحرية الصينية (PLAN) إلى دورات تدريب فرقة NEFT المستقبلية، بما في ذلك سفن قد تكون مجهزة بأنظمة متطورة مثل سلاح الليزر LY-1 المثبت على السفن والذي كُشف النقاب عنه خلال العرض العسكري في بكين في سبتمبر 2025.

ماذا بعد؟

بالنظر إلى حادثة الليزر، وحظر التكنولوجيا الصينية ذات الاستخدام المزدوج المتجهة إلى الحوثيين، ومزاعم الدعم الاستخباراتي عبر الأقمار الصناعية، فإنها تشير مجتمعةً إلى تحول في موقف الصين البحري.

ومنذ سنوات اكتفت بكين بالانتفاع المجاني من الدوريات الغربية التي أبقت الممرات البحرية مفتوحة، بينما كانت تراقب التحركات البحرية الأمريكية والأوروبية من خلال قوة المهام البحرية التابعة لها.

لم يُغيّر اندلاع الحملة الحوثية ضد الملاحة البحرية في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 هذا النهج في البداية. قرأت الصين أزمة البحر الأحمر في المقام الأول من منظور اقتصادي-أمني: فأعطت الأولوية لتأمين ممر آمن لأسطولها التجاري، عبر اتفاق مع الحوثيين بوساطة إيرانية، كما ورد، ووفرت لهم غطاءً دبلوماسيًا غير مباشر.

بعد مرور ما يقرب من عامين، يبدو أن بكين تجرب أدوات أكثر توسعا لتشكيل ساحة المعركة نفسها، حيث تمزج بين الإنكار المعقول والتمكين العملي للجماعات المسلحة المزعزعة للاستقرار. ما بدا في السابق مجرد إشارة رمزية، قد يتحول الآن إلى تمكين عملي للعمليات القتالية الحوثية، مما يزيد من المخاطر على الأطراف الإقليمية والدولية على حد سواء.

على الرغم من أن الصين، التي تتجنب المخاطرة تقليديا وتخشى التصعيد غير المنضبط، لا تزال من المرجح أن تتحرك بحذر، وتوازن بين مصلحتها في تأمين طرق الشحن البحري وإغراء الاستفادة من أدوات المنطقة الرمادية التي تعقد عملية الإسناد وتؤدي إلى تآكل الوجود البحري الغربي.

ومع ذلك، بالنسبة لبكين، سيزداد صعوبة الحفاظ على هذا التوازن. فالمؤشرات المتزايدة على تنامي الدعم الصيني للحوثيين تُعرّض الصين لتكاليف تتعلق بسمعتها لدى شركائها التجاريين في الخليج، وتُقوّض ادعائها بالحياد في الصراعات الإقليمية، وتُفاقم خطر أن تُؤدي التحركات التكتيكية في المنطقة الرمادية إلى ردود فعل دبلوماسية أو عسكرية أكثر تعقيدًا.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

ورد الان ...اعلان عسكري امريكي بشأن اليمن

جهينة يمن | 1255 قراءة 

عاجل:تعرف على المسؤول الذي وصل تعز وترافقه عشرات الأطقم العسكرية

كريتر سكاي | 814 قراءة 

شرطة تعز تحمّل شقيق حمود المخلافي مسؤولية إفشال مداهمة للقبض على قاتل الدكتورة إفتهان المشهري

حشد نت | 792 قراءة 

منفذ الوديعة الحدودي على صفيح ساخن.. تعثر سيطرة قوات “درع الوطن” رغم الدعم السعودي

موقع الجنوب اليمني | 791 قراءة 

بعد الدعم السعودي.. البنك المركزي يصرح بخصوص المرتبات

العاصفة نيوز | 748 قراءة 

عاجل:اول صورة لشقيق حمود المخلافي الذي منع بالقوة الحملة الامنية من القبض على قاتل افتهان المشهري

جهينة يمن | 739 قراءة 

تصعيد مفاجئ هو الأول لرئيس حكومة عدن يستهدف أسرة العليمي بشكل مباشر

الحدث اليوم | 722 قراءة 

أمريكا تجرد الرئاسي من صلاحياته

العاصفة نيوز | 691 قراءة 

إيران تبعث رسالة رسمية إلى مليشيات الحوثي بشأن العمليات العسكرية.. والأخيرة ترد

المشهد اليمني | 410 قراءة 

الأمير تركي الفيصل: العالم يدخل ”عصر الوحوش” وهذه الدولة هي التهديد الأكبر على المنطقة

المشهد اليمني | 353 قراءة