✍️ موسى العيزقي
شاب يمني آخر عُثر عليه بعد أسبوع من التيه عند الحدود اليمنية السعودية، بين الحياة والموت، وجسده مغطى بالذباب.
هذه المأساة تأتي بعد أشهر قليلة من العثور على جثة لاعب يمني ومعه سبعة شبان آخرين، انتهت رحلتهم وهم يحاولون الدخول إلى السعودية بطريقة غير شرعية.
دفعت الأوضاع الصعبة وتدهور المعيشة كثيرا من شبابنا إلى أن يقفوا بين خيارين أحلاهما مر؛ إما البقاء في واقع خانق بلا أفق، أو الهروب نحو المجهول بحثاً عن فرصة عمل.
أنا شخصياً عملت مبكرا في مجال السفريات والنقل لمدة عشر سنوات تقريبا، وعُرضت عليّ فرص كثيرة للهجرة، خصوصا إلى السعودية؛ لكني كنت دائما أرفض فكرة الاغتراب، ولا أشجع أحدا عليها.
وفجأة جاءت الحرب، واضطررت للنزوح قسرا… مثل مئات اليمنيين الذين دفعتهم الظروف للمغادرة عندها فقط أدركت أن الغربة قد تفرض نفسها عليك حتى لو رفضتها.
ولو عدنا قليلًا للوراء لوجدنا أن الغربة صارت ملازمة لليمني خاصة في كثير من الأرياف صار السفر يغني عن التعليم، فالشاب بالكاد ينهي الإعدادية وبعضهم لا يكمل الثانوية إلا وقد جهزوا له “فيزة عمل” ليسافر إلى السعودية أو غيرها طلبًا للرزق.
أتذكر أنني رأيت شاباً يمنياً وسط حر وزحمة القاهرة، تبدو على ملامحه الغربة والحيرة.. كان يقف في قارعة الطريق بعدما أوصله سائق مصري من المطار، فسألته: “ماذا أتى بك إلى هنا؟” رد ببساطة: “جيت أدور عمل، سمعت أن اليمنيين بالآلاف في مصر”.
وصل بلا خطة، بلا أهل ولا أصحاب… فقط حلم بالرزق.
وفي رمضان الماضي، وأثناء وصولي مطار عدن في ساعة متأخرة من الليل، التقيت بشاب يودّع أحد أقاربه المرضى. أخبرني أنه يعمل ساىق باص ويريد السفر إلى مصر للعمل، وحين عرف أني قادم منها بدأ يسألني عن الوضع هناك وفرص العمل حاولت أقنعه أن يبقى ويبحث عن عمل في اليمن، أن الغربة ليست دائمًا كما يتصورها، لكنه كان مُصرا المهم “أسافر، حتى لو أشتغل ببسطة”.
ومثل هذا الشاب كثيرون… الغربة لم تعد خيارا، بالنسبة لهم بل واقع يفرض نفسه.. بعضهم يسافر بعقل وحذر، وبعضهم يندفع بلا وعي، والفرق بين النجاة والهلاك واضح في كل خطوة.
#موسى_العيزقي
تعليقات الفيس بوك
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news