توالت ردود الفعل، بشأن إطلاق الشراكة الدولية كبرى لدعم وتعزيز قدرات "خفر السواحل اليمنية" في إنفاذ القانون البحري والأمن، في الممرات المائية الحيوية.
واستضافت الرياض أمس الثلاثاء، مؤتمرًا دوليًا رفيع المستوى برعاية المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة، بمشاركة 40 دولة، حيث أُطلقت الشراكة الدولية للأمن البحري في اليمن لتعزيز الأمن البحري في الممرات المائية الحيوية.
وشهد المؤتمر تعهدات بملايين الدولارات في المرحلة الأولى من التمويل الدولي، المخصص لإعادة بناء القدرات المدنية لخفر السواحل اليمني، التي تشمل التدريب والمعدات والدعم المؤسسي ضمن إستراتيجية شاملة تمتد عشر سنوات.
وتركز الشراكة على مواجهة التهريب والقرصنة والاتجار بالبشر في الممرات البحرية اليمنية الحيوية، بما يعزز الاستقرار الإقليمي ويحمي طرق التجارة الدولية.
ويأتي انعقاد المؤتمر في ظل تعرض الملاحة الدولية بالبحر الأحمر وخليج عدن لهجمات متواصلة من قبل الحوثيين، منذ نوفمبر 2023. وتستهدف بالدرجة الأولى سفن الشحن التجاري العالمية، بالتوازي مع استمرار تهريب المخدرات وتدفق الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين.
وحظي مؤتمر الأمن البحري الذي رعته السعودية بترحيب يمني، لكن يبق هناك تساؤلات عن ماهية المخرجات والأهمية من هذا المؤتمر؟ في الوقت الذي تتحدث تقارير دولية من أن غالبية سواحل اليمن تخضع لسيطرة دول إقليمية كالإمارات العربية السعودية وغيرها.
تأمين واحد من أهم الممرات المائية في العالم
وأكد المشاركون في المؤتمر على ضرورة أن تكون المياه والسواحل اليمنية أكثر أمناً بشكل ملموس، عقب إطلاق شراكة دولية كبرى لتعزيز قدرات اليمن في إنفاذ القانون البحري والأمن.
وقال البيان الصادر في ختام المؤتمر، "سيتم إنشاء أمانة خاصة تدار عبر برنامج المساعدة التقني لليمن لتنسيق الجهود الدولية، وضمان وصول الموارد إلى وجهتها المنشودة".
وأضاف "سيحصل خفر السواحل اليمني المشهود له بالمهنية والقيادة الفاعلة والشاملة على دعم موجه يمكنه من تعزيز الرقابة على حدوده البحرية بشكل أكثر كفاءة، مما سيحسن الأمن ويفتح فرصًا اقتصادية لمجتمعات السواحل اليمنية، إلى جانب وأحد من أهم الممرات المائية في العالم.
وأفاد البيان أن هذه الشراكة الدولية تأتي استجابة للتحديات الأمنية البحرية الخطيرة التي تهدد الاستقرار الإقليمي وخطوط التجارة الدولية.
وأشار إلى أن المياه اليمنية صارت ممرًا لعمليات التهريب والقرصنة والاتجار بالبشر ما يقوي أمن اليمن والمجتمع الدولي الذي يعتمد على هذه الممرات الحيوية.
إشراف ورعاية سعودية
وفي السياق ذاته قال السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، إن المؤتمر جاء تأكيدًا للأهمية الإستراتيجية لمنطقة البحر الأحمر على المستويين الإقليمي والدولي.
وأضاف ال جابر في تصريحات صحفية "انطلاقًا من هذه الأهمية، تؤكد المملكة حرصها الثابت على أمن وسلامة هذه المنطقة الحيوية، وضمان حرية الملاحة فيها، بوصفها شريانًا رئيسًا للتجارة العالمية ومحورًا أساسيًا يربط شعوب العالم ويعزز مصالحها المشتركة.
وتابع إن المملكة سعيدة بشراكة العديد من الدول في هذا الإنجاز الهام لما يمثله من أهمية استراتيجية لليمن ومنطقة البحر الاحمر، والتجارة الدولية، للحفاظ على امن البحر الأحمر".
وأردف "السعودية نظمت المؤتمر بالشراكة مع المملكة المتحدة، وقررت دعم خفر السواحل اليمنية بـ 4 مليون دولار فيما ستقدم بقية الدول دعماً فنياً يتعلق بالتدريب والمعدات"، مشيداً بالجهود التي قدمتها قوات خفر السواحل اليمنية رغم الظروف التي تعانيها.
التزام بريطاني بدعم خفر السواحل اليمنية
من جانبها قالت سفير بريطانيا لدى اليمن عبده شريف خلال مشاركتها في المؤتمر "نحن في المملكة المتحدة ملتزمون بدعم خفر السواحل اليمني والحكومة اليمنية.
وأضافت شريف أن تعهدات اليوم التي وصفتها بـ "السخية" تعكس حجم الدعم الدولي لليمن، ونحن ممتنون للمملكة العربية السعودية على دعمها المستمر".
وأكدت أن هذه القدرات المحسّنة ستسهم بشكل مباشر في تعزيز الأمن وتوسيع الفرص الاقتصادية للمجتمعات الساحلية اليمنية، مع حماية واحد من أهم الممرات البحرية في العالم.
وأوضحت أن برنامج الدعم يتضمن توفير تجهيزات تشغيلية ومرافق لوجستية، إلى جانب تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية تستهدف رفع كفاءة الكوادر المتخصصة، وذلك بالتنسيق مع شركاء دوليين.
وأكدت أن هذه الجهود تأتي ضمن مساعي المملكة المتحدة للمساهمة في حماية الممرات البحرية والموانئ اليمنية، وتعزيز قدرات الدولة في مواجهة التحديات الأمنية، بما يضمن بيئة بحرية أكثر استقراراً وأماناً.
اليمن يرحب
إلى ذلك رحب رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي، بإعلان إطلاق شراكة دولية لتنسيق الجهود الرامية إلى دعم قدرات خفر السواحل اليمنية في مواجهة التحديات المتصاعدة لأمن الملاحة البحرية، وفي مقدمتها مكافحة أنشطة التهريب والاتجار غير المشروع بالبشر والأسلحة.
وأشاد العليمي بالدور السعودي والبريطاني باستضافة ورعاية مؤتمر الأمن البحري باليمن. وقال ن هذا المؤتمر يمثل تدشينًا لشراكة نوعية تعزز أمن ممراتنا المائية. وتجديدًا لالتزامنا بمكافحة الإرهاب والتهديدات العابرة للحدود، وحماية مصالح شعبنا، وأمنه القومي”.
وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني
المشارك في المؤتمر، قال إن "المؤتمر يمثل خطوة استراتيجية لتعزيز الشراكة الدولية وصون الأمن البحري، ويمثل استثماراً مباشراً في أمن واستقرار المنطقة بأسرها".
وأشاد بجهود المملكة المتحدة في تأسيس آلية الدعم الفني لليمن التي أُعلن عنها في يناير 2025، والتي تمثل صندوق شراكة يهدف إلى تعزيز الحكومة اليمنية وبناء قدراتها المؤسسية ودعم الاستقرار على المدى الطويل، وانعقاد المؤتمر يأتي كثمرة لهذه الآلية.
وجدد وزير الخارجية الزنداني التزام الحكومة اليمنية الكامل بالعمل مع كافة الشركاء لمواجهة التحديات الراهنة، وتعزيز الاستقرار وحماية المصالح المشتركة.
التحديات التي توجه خفر السواحل اليمنية
وغداة المؤتمر، كشف اللواء خالد القملي، رئيس مصلحة خفر السواحل اليمنية، عن وجود تنسيق وتعاون وثيق مع المملكة العربية السعودية، لا سيما في مجالات تبادل المعلومات والتخطيط العملياتي والتصدي للتهديدات المشتركة.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن القملي قوله إن هذا التعاون يعزز من قدرات خفر السواحل اليمنية على أداء مهامهم، ويجسّد الشراكة الاستراتيجية بين اليمن والسعودية في حماية الأمن البحري والإقليمي.
وأوضح أن أبرز التحديات التي تعترض عملهم تتمثل في ضعف الإمكانات التشغيلية نتيجة شح الموارد، إلى جانب نقص البنية التحتية والمعدات الحديثة، وتوقف مشاريع حيوية، من بينها أنظمة المراقبة الساحلية والرادارات.
وأكد اللواء القملي أن "خفر السواحل اليمنية تواصل أداء مهامها رغم التحديات الكبيرة، من خلال تسيير دوريات بحرية، ورصد تحركات السفن المشبوهة، والمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ، والتصدي لأنشطة التهريب والتسلل غير المشروع".
وأضاف: "كما تعمل على حماية الممرات البحرية الدولية وضمان سلامة الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب، وهي مسؤولية استراتيجية تتجاوز البعد الوطني لتشمل الأمن الإقليمي والدولي".
وأشار رئيس مصلحة خفر السواحل اليمنية إلى أن أبرز التحديات التي تواجههم تتمثل في "ضعف الإمكانات التشغيلية نتيجة شح الموارد، ونقص البنية التحتية والمعدات الحديثة، وتوقف مشاريع حيوية مثل أنظمة المراقبة الساحلية والرادارات".
ولفت إلى أن خفر السواحل يواجه صعوبات في استدامة أعمال الصيانة وتوفير التموين بالوقود وقطع الغيار، وهو ما يحدّ من القدرة على الانتشار البحري والاستجابة السريعة، نتيجة محدودية الميزانية التشغيلية وتدمير البنية التحتية.
وأفاد أن مصلحة خفر السواحل اليمنية في حاجة إلى دعم متكامل يشمل تجهيزات أساسية، منها زوارق كبيرة للدوريات، وأنظمة مراقبة ساحلية، وأجهزة اتصال آمنة، إضافة إلى تطوير البنية التحتية عبر إعادة تأهيل المراكز العملياتية المتقدمة.
وركّز القملي على أهمية تأهيل القدرات البشرية من خلال التدريب المستمر في مجالات إنفاذ القانون البحري، والاعتراض، والإنقاذ، فضلاً عن الدعم التشغيلي وتوفير الوقود وقطع الغيار لضمان الاستدامة، مبيناً أن «هذا الدعم لا يمثل رفاهية، بل ضرورة لحماية أحد أهم الممرات الملاحية في العالم.
في حديثه عن التعاون مع السعودية، أكد اللواء خالد القملي، رئيس مصلحة خفر السواحل اليمنية، وجود تنسيق مستمر مع قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية في مجالات تبادل المعلومات والتخطيط العملياتي والتصدي للتهديدات المشتركة.
كما تطرق اللواء خالد القملي إلى تعاون خفر السواحل اليمنية مع المملكة المتحدة، التي وصفها بـ«الشريك الرئيسي» في بناء القدرات، عبر برامج تدريب وتأهيل شملت مجالات القيادة والعمليات البحرية والأمن البحري، إضافة إلى تخصصات فنية متقدمة.
وأوضح أن "بريطانيا قدمت كذلك دعماً في مجال البنية التحتية وتوفير قطع غيار ومعدات؛ وهو ما يعكس التزامها بدعم خفر السواحل اليمنية، ويشكل استثماراً مباشراً في تعزيز الاستقرار البحري وحماية خطوط الملاحة الدولية".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news