ميناء عدن - مركز صنعاء بعدسة حافظ مكوار
السابق
التالى
حديث عن "وديعة سعودية".. بين مبررات الأزمة المالية ومخاوف تعطيل الإصلاحات
السياسية
-
منذ 5 ساعات
مشاركة
تحليل خاص، نيوزيمن، عمار علي أحمد:
تصاعد الجدل، خلال الساعات الماضية، على مواقع التواصل الاجتماعي حول مزاعم تأجيل السعودية الإعلان عن تقديم وديعة مالية جديدة، تُقدَّر بمليار دولار، إلى البنك المركزي، على خلفية التطورات السياسية الأخيرة.
وزعم ناشطون أن تأجيل الإعلان عن الوديعة جاء إثر التداعيات التي خلفتها القرارات الصادرة، الأربعاء الماضي، عن عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء/ عيدروس الزُبيدي، وما أعقبها من مغادرة رئيس وأعضاء المجلس ورئيس الحكومة تباعًا من العاصمة عدن.
وسرعان ما نفاها ناشطون وصحفيون، واصفين إياها بأنها محاولة مفضوحة لمهاجمة المجلس الانتقالي، مؤكدين موقف السعودية، ومن خلفها الدول المانحة، على ربط تقديم أي منح أو ودائع مالية باستكمال خطة الإصلاحات التي شرعت بها الحكومة والبنك المركزي مؤخرًا.
وبعيدًا عن هذا الجدل حول حقيقة وجود وديعة سعودية من عدمها، إلا أن الثابت هو وجود دعوات متكررة من قبل مجلس القيادة الرئاسي والحكومة إلى الأشقاء في السعودية والإمارات والدول الصديقة والمانحين، بضرورة الحصول على منح أو ودائع مالية لدعم استمرار خطط الإصلاحات.
وتجد هذه الدعوات تأييدًا من قطاع واسع من النخب السياسية والاقتصادية، التي ترى ضرورة الحصول على دعم مالي في هذه المرحلة للمساهمة في التخفيف من الأزمة المالية المستمرة التي تعانيها الحكومة جراء توقف تصدير النفط، والتي تفاقمت مؤخرًا بعجزها عن صرف مرتبات الموظفين والجنود للشهر الثالث على التوالي، في حين تقف الحكومة عاجزة بشكل تام أمام ملف الخدمات، وخاصة توفير الوقود لمحطات الكهرباء.
ورغم منطقية هذه المبررات حول ضرورة حصول الحكومة في هذه المرحلة على وديعة مالية، إلا أنها لا تُلغي المخاوف من تأثير الأمر على سير خطة الإصلاحات التي شرعت بها الحكومة والبنك المركزي منذ نحو شهر ونصف.
بل إن هذه المبررات تُثير الشكوك حول النتائج التي حققتها هذه الإصلاحات؛ فاستمرار عجز الحكومة في دفع المرتبات يُشير بوضوح إلى عدم حدوث أي تغيير في ملف ضبط تحصيل الإيرادات المركزية بالمناطق المحررة، وهو ما يمثل أهم عامل نجاح لخطة الإصلاحات وأهم شرط بالنسبة للمانحين.
ويُثير ذلك المخاوف من أن المطالبة بوديعة مالية قد يُمثل إعلانًا صريحًا بفشل الحكومة في أهم ملف، والمتمثل بتحصيل الإيرادات، الذي يُعد بؤرة الفساد الأبرز داخل الشرعية. بالإضافة إلى أن لجوء الحكومة إلى صرف المرتبات من أي وديعة قد تأتي، يُعد اقتصاديًا صرفًا من مصادر تضخمية، باعتبار أن الوديعة مجرد دين يُقيَّد عليها لحسابها في البنك المركزي.
كما أن الحديث عن صرف المرتبات من وديعة بالعملة الصعبة، عبر بيعها من قبل البنك المركزي في السوق المحلية، يُثير التساؤلات بالنظر إلى ما يعانيه السوق حاليًا من شح في السيولة بالعملة المحلية، وهو أمر أقر به البنك المركزي في اجتماع الأحد الماضي، حيث وعد بالعمل على حله.
ومن جانب آخر، فإن هذه العملية تعني عودة البنك المركزي إلى طرح مزادات بيع العملة الصعبة، وهو أمر يتداخل مع صلب عمل لجنة تنظيم وتمويل الواردات التي يرأسها محافظ البنك.
وكان تشكيل هذه اللجنة أبرز منجز في خطة الإصلاحات، حيث يُعول عليها كأداة رئيسية لضبط أسعار الصرف بيد البنك المركزي، ما يُثير معه المخاوف حول ضمان الاستقرار الذي يشهده حاليًا السوق المصرفي بالمناطق المحررة.
وإلى جانب ما سبق، لا يمكن تجاهل الاتهامات والشكوك التي أثيرت حول طريقة إدارة ومصير الودائع السابقة، خاصة فيما يتعلق بتسخير جزء منها في دفع مرتبات مسؤولي وقيادات الشرعية المقيمين في الخارج بالعملة الصعبة، أو ما يُسميه الناشطون بـ"كشوفات الإعاشة"، التي تواجه حاليًا رفضًا وممانعة واسعة للاستمرار في صرفها.
وفي حين أنه من الصعب دحض مبررات حصول الحكومة على ودائع أو منح مالية، إلا أنه، في المقابل، لا يمكن تجاهل أن أهمية المضي بخطة الإصلاحات تفوق هذه المبررات؛ بل إن النجاح في تنفيذها يقلل من حاجة الحكومة، ومعها المناطق المحررة، إلى تسول أي منحة أو وديعة مالية مستقبلًا.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news