قمة الدوحة… انعطافة استراتيجية لصياغة الأمن العربي والإسلامي في مواجهة الهيمنة والعـ.ـدوان

     
صوت العاصمة             عدد المشاهدات : 40 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
قمة الدوحة… انعطافة استراتيجية لصياغة الأمن العربي والإسلامي في مواجهة الهيمنة والعـ.ـدوان

كتب : ملهم محمود طالب العيفري

قبل ما يزيد على تسع سنوات طرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مبادرة استراتيجية تقضي بإنشاء "نيتو عربي" على غرار حلف شمال الأطلسي (الناتو) غير أن المبادرة طويت في رفوف الانتظار ولو أنها فُعلت اليوم في اجتماع الدوحة العربي–الإسلامي لما تجرأت أي قوة دولية أو إقليمية على الاعتداء على أي قطر عربي.. فاجتماع الدوحة لا يمثل مجرد لقاء بروتوكولي بل يكتسب بعدا استراتيجيا في ظل المتغيرات الجيوسياسية الراهنة بما يفرض على القادة العرب والمسلمين صياغة عقيدة ردع جماعية قائمة على مبادئ الأمن القومي العربي والإسلامي.

إن أي تقاعس عن بلورة استراتيجية أمن جماعي مماثلة لآليات الردع في الناتو، سيُفسح المجال أمام إسرائيل لمواصلة تصعيدها العدواني. ويمكن لهذه الاستراتيجية أن تتضمن حزمة من الإجراءات العقابية منها:

إغلاق المجال الجوي العربي والإسلامي أمام الطيران الإسرائيلي.

حظر الملاحة التجارية والعسكرية الإسرائيلية في الموانئ والمرافئ العربية والإسلامية.

فرض عقوبات اقتصادية وسياسية متدرجة بالتوازي مع الضغط على الولايات المتحدة لوقف دعمها لإسرائيل، عبر مقاطعة السلع الأمريكية وتعليق التبادلات التجارية والعسكرية إذا استمر الدعم غير المشروط للعدوان الإسرائيلي.

إن استمرار الصمت أو الاكتفاء بالبيانات الإنشائية سيُترجم إلى ضوء أخضر لإسرائيل لمزيد من التوسع والتمادي وهو ما يستدعي من قادة العالم العربي والإسلامي، وفي مقدمتهم دول مجلس التعاون الخليجي، تبني موقف استراتيجي موحد يكرس مبدأ الأمن الجماعي الإقليمي ويعزز مفهوم الاستقلال الاستراتيجي بعيدا عن الارتهان لمنظومة التسليح والحماية الأمريكية.

إن إسرائيل رغم ما تمتلكه من قدرات عسكرية ونووية تعاني من أزمة وجودية بنيوية، فهي تدرك أنها كيان وظيفي زُرع في بيئة معادية بطبيعتها؛ العرب توحدهم العروبة بمرتكزاتها: اللغة والدين والتاريخ والجغرافيا الممتدة من المحيط إلى الخليج.. أما دول أمريكا اللاتينية فيجمعها الإرث الإيبيري–اللاتيني من لغة ودين وتجربة مشتركة ضد الهيمنة الاستعمارية والشمالية.. فيما تستند أوروبا إلى جذور حضارية موحدة وحداثة عقلانية، ومصالح اقتصادية وأمنية متجسدة في الاتحاد الأوروبي .. بينما ترتبط دول آسيا الوسطى والقوقاز بروابط عرقية وثقافية ودينية متشابكة وتوحدها ذاكرة الإرث السوفيتي الذي صاغ بنيتها السياسية والاقتصادية.. أما إسرائيل فهي استثناء جيوسياسي في قلب المنطقة إذ لا تمتلك جامعا حضاريا أو تاريخيا مع جيرانها وتبقى كيانا مزروعا في خاصرة الوطن العربي يعيش قلقا وجوديا وأزمة هوية دائمة ويحاول تعويض غربته بالتمدد العدواني والتحالفات الخارجية.

وهذا الإدراك يترجم في سلوكها العدواني الرامي إلى إشعال النزاعات الطائفية والسياسية في محيطها وتفكيك أي إمكانية لقيام تحالف عربي أو إسلامي فاعل.

وعلى الصعيد النووي تتبنى إسرائيل مبدأ الاحتكار الاستراتيجي للتفوق العسكري رافضة السماح لأي دولة إقليمية بتطوير قدرات نووية ردعية وهو ما يفسر ضرباتها المتكررة للمفاعلات في العراق وسوريا وإيران فضلا عن محاولاتها المستمرة لتقويض البرامج النووية المصرية.

ويبقى السؤال الجوهري: لماذا استهدفت إسرائيل قطر؟

فقطر ليست دولة نووية ولا تمتلك ترسانة عسكرية تشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل؛ بل إنها ترتبط بتحالفات أمنية واقتصادية متينة مع الولايات المتحدة ولعبت في مراحل مختلفة دور قناة تواصل غير مباشر في الإقليم.. بل إن الدوحة كانت من أكثر العواصم العربية تعاونا وتنسيقا مع إسرائيل في ملفات متعددة، سياسية واقتصادية وحتى إنسانية، وهو ما يجعل استهدافها يحمل أبعادا سياسية أبعد من مجرد الاعتبارات العسكرية، إنها رسالة صريحة من تل أبيب بأنها تتحرك بمنطق القوة المنفردة دون اكتراث للتحالفات أو الحسابات التقليدية، دون اعتبار للشرعية الدولية أو للخطوط الحمراء التقليدية في محاولة لإعادة رسم موازين القوى الإقليمية وفق منظور إسرائيلي صرف.

ومن ثم لم تعد الاتفاقيات التي أرستها كامب ديفيد أو وادي عربة أو أوسلو كفيلة بتأمين إسرائيل أو تثبيت شرعيتها، فالدولة العبرية باتت تعتمد استراتيجية الردع الوقائي عبر فرض وقائع ميدانية أحادية، تتجاوز السيادة الوطنية للدول وتخرق القوانين الدولية.

إن ما يجري اليوم يعيد فتح ملف الأمن العربي والإسلامي من بوابة جديدة: إما تأسيس منظومة ردع عربية–إسلامية متماسكة تعيد التوازن الاستراتيجي للمنطقة أو البقاء أسرى لهيمنة القوة الإسرائيلية المدعومة أمريكيا، بكل ما يحمله ذلك من مخاطر تفكيك للهوية والسيادة والمصالح العليا للأمة.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

أول ظهور لقاتلة الأطفال الستة وزوجها (صورة)

العاصفة نيوز | 577 قراءة 

وزير الدفاع: المقاومة الوطنية صمام أمان للوطن.. وقادرة على تحرير كل الأراضي

حشد نت | 572 قراءة 

إسرائيل توسّع ضرباتها في اليمن.. تصعيد خطير يُنذر بتفجير الجبهة الإقليمية

مأرب برس | 521 قراءة 

هجوم صنعاء يثير الغضب الدولي: دولة بارزة تكشف موقفها بوضوح

نيوز لاين | 431 قراءة 

رئيس الوزراء سالم بن صالح بن بريك غادر العاصمة المؤقتة عدن متوجها الى السعودية .. مصدر رئاسي يكشف الاسباب ويوضح موقف بن بريك من قرارات اللواء عيدروس الزُبيدي

المشهد الدولي | 430 قراءة 

اغتيـ.ـال قيادي عسـ.ـكري كبير على أيدي مسلحيـ.ـن في هذه المحافظة!

صوت العاصمة | 390 قراءة 

مصيبة الفياغرا !

عدن تايم | 381 قراءة 

أسعار صرف الريال اليمني مقابل السعودي والدولار في صنعاء وعدن ومأرب اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر 2025م

بران برس | 378 قراءة 

ميناء الحديدة يحترق بغارات لطائرات الكيان الاسرائيلي

الميثاق نيوز | 320 قراءة 

عاجل.. دوي انفجارات عنيفة في الحديدة

مأرب برس | 294 قراءة