الجنوب اليمني: خاص
تتصاعد تساؤلات حول مسؤولية المثقفين والكتاب في مواجهة التحولات الجذرية التي تشهدها اليمن، خاصة مع استمرار صمت بعض الشخصيات البارزة أمام ما يُوصف بـ”تجريف الدولة” وانقلاب على الدستور، وتأييد ممارسات تُقوض الشرعية الدولية التي تؤكد على استعادة الدولة اليمنية ووحدة أراضيها.
ومن بين هذه الأصوات، تبرز صورة الكاتب والأكاديمي عادل الشجاع، الذي يُطرح عليه سؤال حاسم: إلى متى هذا الصمت المريب أمام انتهاكات لا تُحصى؟
وأوضح أن الأزمة لم تعد مجرد خلاف سياسي، بل أصبحت تجربة تدميرية تُفجّر نسيج المجتمع من الداخل، حيث لم يُقدم المجلس الانتقالي، منذ تأسيسه، أي مخرجات حقيقية تُذكر في بناء الدولة، سواء من حيث البنية التحتية أو الخدمات الأساسية. فلم يُبنى مستشفى واحد، ولا تم تأسيس مدرسة، ولا تم إنجاز طريق، ولا توجد أي رؤية اقتصادية أو تنموية واضحة، بل اكتفى بالسيطرة على المساحات، وفرض السيطرة الأمنية عبر سجون سرية، وتفاقم ظاهرة الفساد الممنهج.
بينما تؤكد البيانات الصادرة عن منظمات حقوقية دولية، مثل منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، على تزايد عدد المعتقلين السياسيين في مناطق اليمن الجنوبية، دون محاكمات عادلة، وبدون أي محاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان، فإن هذا النموذج يُطرح كنقيض لفكرة الدولة المدنية التي تتعارض مع أبسط مبادئ العدالة والحكم الرشيد.
وأشارت تقارير محلية إلى أن عدد السجون السرية، التي تُستخدم لاحتجاز معارضين سياسيين، قد تزايد بشكل غير مسبوق في مناطق متفرقة من الجنوب، معظمها غير مسجلة لدى أي جهة رسمية.
وأفادت مصادر حكومية ودولية أن المناطق التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي تشهد تدهوراً اقتصادياً متسارعاً، مع تراجع في الخدمات الأساسية، وارتفاع معدلات البطالة، لا سيما بين الشباب، ما يُغذي بيئة من الاستقطاب والعنف، ويعزز من صعوبة أي عملية سياسية شاملة.
وأوضح مراقبون أن الخوف من التصدي لسلطة المجموعات المسلحة، وارتباط بعض القوى السياسية بالجماعات المسلحة، أصبح سبباً رئيسياً في تهميش النهج الوطني، مما يُقلّص من فرص توحيد الرؤى، ويُبقي اليمن عالقاً بين التفكك والانهيار.
في حين تُصرّ الحكومة الشرعية على المضيّ في مسار سياسي يُعيد تأسيس الدولة وفقاً للإطار الدستوري، فإن التحدي الحقيقي يكمن في تجاوز مخاوف التخويف، وبناء مشروع وطني جامع يتجاوز الانقسامات، ويُعيد تأسيس الثقة بين أبناء الشعب، لا من خلال القوة، بل من خلال المساواة، والعدالة، ومحاربة الفساد.
وطالبت مبادرات شعبية ومجتمعية بضرورة إدانة صريحة لكل مشروع يُبنى على تقسيم المجتمع، ودعوة جميع القوى السياسية إلى الانخراط في حوار وطني شفاف، مستندًا إلى المبادئ الدستورية، وتمثيل الجميع، بما في ذلك المكونات الثقافية والدينية والسياسية.
ولا يزال السؤال الأهم مطروحاً: هل يُمكن بناء مستقبل آمن للشباب اليمني دون تفكيك البنى، أو تجاوز تراث الانقسام؟ أم أن الاستمرار في التماهي مع “الواقع” سيُقرّر مصير اليمن للعقود القادمة؟
مرتبط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news