بعد أيام من الغموض والتكهنات، انكشف الستار عن واحدة من أخطر وأغرب القضايا الإنسانية في اليمن: اختطاف المواطنة الأردنية
لانا شكري
، نائبة مدير مكتب منظمة "اليونيسف" في صنعاء، ثم الإفراج عنها في إطار
صفقة تبادل سرية
جرت بين الأردن والحوثيين بعيدًا عن أي إشراف أممي أو إعلان رسمي.
قناة خلفية تتجاوز الأمم المتحدة
مصادر دبلوماسية وأمنية أردنية ويمنية أكدت أن الإفراج عن شكري لم يكن ثمرة ضغوط أممية، كما حاولت بعض الأطراف الإيحاء، بل نتيجة
مفاوضات مباشرة
بين مسؤولين أردنيين وقيادات حوثية.
الوسيط كان شخصية حوثية سابقة شغلت منصبًا دبلوماسيًا قبل انقلاب 2014، واستغل علاقاته القديمة بالأجهزة الأمنية الأردنية لفتح خط اتصال غير رسمي.
الأردن تعامل مع شكري باعتبارها
مواطنة أردنية قبل كونها موظفة أممية
، ما منح الملف بعدًا وطنيًا حساسًا أجبر الحكومة على الدخول في تفاهم مباشر مع الحوثيين.
هبوط نادر لطائرة عسكرية في صنعاء
المشهد الأكثر إثارة كان يوم الخميس الماضي، حين
هبطت طائرة عسكرية تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني في مطار صنعاء الدولي
، لأول مرة منذ سنوات الحرب.
شهود عيان تحدثوا عن إنزال نحو 20 شخصية على متن الطائرة، بينهم الوزير الحوثي السابق هشام شرف، لتبدأ بعدها عملية تبادل غير مسبوقة.
بعد ساعتين فقط، أقلعت الطائرة نفسها وعلى متنها لانا شكري و21 آخرين، بينهم
تسعة جرحى من ضحايا الغارات الإسرائيلية الأخيرة
، إضافة إلى قيادي حوثي سابق وصف وضعه الصحي بـ"الخطير جدًا".
تفاصيل الصفقة: "قيادات عالقة" مقابل "جرحى ومختطفة"
من جانب الحوثيين:
السماح بخروج لانا شكري، والإفراج عن قيادات حوثية عالقة في الأردن بعد خضوعهم لدورات تدريبية عسكرية متقدمة هناك.
من جانب الأردن:
نقل الجرحى لتلقي العلاج، والسماح بخروج شخصية نافذة في حكومة الحوثيين السابقة لم يُكشف عن اسمها.
مصدر أمني أردني رفيع قال:
"الأردن تعامل مع القضية كملف وطني يخص مواطنة أردنية، لا كقضية أممية. لم نساوم على مبادئنا، لكننا استخدمنا كل الوسائل المتاحة لإنقاذ حياتها".
الأمم المتحدة خارج اللعبة.. والحوثيون يستخدمون الإنسانية كورقة تفاوض
المثير أن الأمم المتحدة بدت وكأنها
خارج الصورة تمامًا
. لم تعلن عن دورها في التفاوض، واكتفت ببيان مقتضب قالت فيه إنها "ترحب بسلامة موظفتها".
هذا الصمت فُسر بأنه إقرار ضمني بفقدان المنظمة السيطرة على الملف الإنساني في اليمن، لصالح الحوثيين الذين يحاولون الآن فرض أنفسهم كـ"طرف شرعي في التفاوض" حتى في الملفات الإنسانية.
ردود فعل متباينة
الأردن:
اكتفى ببيان رسمي مقتضب أكد أن "القضية عولجت بالطرق الدبلوماسية المعتادة"، في وقت تشير مصادر داخلية إلى أن تفاصيل الصفقة ستظل سرية ضمن مراجعة أمنية حساسة.
المراقبون:
وصفوا ما حدث بأنه
سابقة خطيرة
قد تفتح الباب أمام الحوثيين لممارسة "دبلوماسية الرهائن"، بحيث تضطر كل دولة للتفاوض المباشر معهم إذا تعرض أحد مواطنيها للخطف.
انعكاسات استراتيجية
هذه ليست مجرد قضية إنسانية، بل
رسالة سياسية مزدوجة
:
الحوثيون يثبتون قدرتهم على فرض قواعد جديدة تتجاوز القوانين الدولية.
الأردن يُظهر براغماتية سياسية بقبوله التفاوض المباشر لإنقاذ مواطنته، ولو كان ذلك خارج الأطر الأممية.
ويبقى السؤال: هل كانت قضية لانا شكري مجرد
حادثة فردية
؟ أم أنها بداية مرحلة جديدة يستخدم فيها الحوثيون ملف المختطفين كـ"سلاح استراتيجي" في صراعهم مع المنطقة والمجتمع الدولي؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news