في ظل دخان التكتم وسياج من السرية، شيعت مليشيا الحوثي، خلال الأيام الماضية، عددًا من أبرز قادتها العسكريين والأمنيين الذين لقوا مصرعهم في قصفٍ إسرائيلي، واستهدف العاصمة صنعاء في 28 أغسطس الماضي.
الضربة أثارت موجة من التساؤلات حول طبيعتها ودقتها العالية، خصوصًا مع استهدافها لعناصر في قلب القيادة الحوثية ورئيس الحكومة الحوثية وعدد من وزرائه، بل وصلت إلى مقربين من زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي نفسه.
مصادر متطابقة أكدت أن القصف تسبب في خسائر بشرية موجعة للجماعة الإرهابية المدعومة من إيران، في وقت تسعى فيه إلى تصوير صورة "القوة والثبات"، بينما الواقع على الأرض يُظهر هشاشة متزايدة في بنيتها الأمنية والعسكرية.
تفاصيل الحادثة: قيادات بارزة تسقط في ضربة واحدة
وفق مصادر محلية وأمنية مطلعة، فإن الضربة الإسرائيلية الدقيقة – التي يُعتقد أنها جاءت رداً على تصاعد الهجمات الحوثية ضد الملاحة الدولية وتهديدات مباشرة لإسرائيل – أسفرت عن مقتل رئيس وزراء الحوثي وعدد من الوزراء اضافة الى خمسة من كبار المسؤولين في هيكل القيادة الحوثية، تم شيعهم بإجراءات سرية مشددة في محافظة صعدة، مع منع كامل للتصوير أو التغطية الإعلامية الرسمية.
ومن أبرز القيادات التي تم تشييعها:
أبومالك المقراني
(منتحل رتبة لواء): مدير مركز القيادة والسيطرة المشتركة الخاصة بالجبهات، ويُعد أحد الأذرع التقنية الرئيسية في العمليات العسكرية الحوثية.
صخر الشرقبي
(منتحل رتبة عميد): مدير مركز القيادة والسيطرة المتقدمة في مكتب رئيس هيئة الأركان العامة للمليشيا، وكان يشرف على الشبكات الاتصالية والاستخباراتية.
يحيى العياني
: مسؤول قسم الاتصالات والنظم في مكتب رئيس هيئة الأركان، ويُنظر إليه كـ"مهندس البنية الرقمية" للقيادة الحوثية.
عبدالملك الحوثي
: المسؤول المالي الأول في مكتب زعيم الجماعة، ويُعتبر من الشخصيات المحورية في إدارة التمويلات غير الشرعية.
محمد صلاح الهادي
(منتحل رتبة لواء): رئيس هيئة الإسناد اللوجستي بوزارة الدفاع الحوثية، وهو المسؤول عن توزيع الذخائر والإمدادات العسكرية.
حسين عبدالكريم الحوثي
: نجل وزير الداخلية في حكومة الحوثيين غير المعترف بها، ما يشير إلى أن الضربة لم تُبقِ حتى على دائرة العائلة المقربة من السلطة.
تكتم حوثي مريب وتضليل إعلامي
رغم خطورة الخسائر، إلا أن المليشيا الحوثية اكتفت بإصدار بيانات مقتضبة، تنسب فيها سقوط بعض "الشهداء" إلى "مواجهات مع القوات الحكومية"، دون أي إشارة إلى القصف الإسرائيلي أو حتى طبيعة الحادث.
هذا التكتم لا يندرج فقط ضمن سياسة التضليل الإعلامي، بل يعكس حالة من الهلع الداخلي وخشية من انهيار معنويات المقاتلين.
"الحوثيون يخفون الحقائق كما يخفون قبور قادتهم" — مصدر أمني يمني
اللافت أن هذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها ضربات دقيقة قيادات حوثية في صنعاء، لكن الجديد هذه المرة هو دقة الاستهداف وارتفاع مستوى الشخصيات المستهدفة، ما يطرح تساؤلات حول مصادر المخابرات التي مكّنت الجهة المنفذة من الوصول إلى مواقع حساسة داخل العاصمة.
تداعيات استراتيجية: هل بدأت ساعة الصفر ضد البنية القيادية للحوثيين؟
الضربة، إن صح نسبتها لإسرائيل، تُعدّ تحولاً استراتيجياً في طبيعة الردود على التهديدات الحوثية. فبعد سنوات من الاكتفاء بالردود الدبلوماسية أو العمليات العسكرية المحدودة، تتجه الأنظار الآن إلى احتمالات تصعيد نوعي يستهدف العمق الحوثي مباشرة.
تحليلات عسكرية تشير إلى أن استهداف مراكز القيادة والسيطرة والاتصالات يُعد "ضربة قاضية" للقدرة التشغيلية للمليشيا، خاصة في ظل اعتمادها الكثيف على شبكات رقمية مركزية لإدارة المعارك والهجمات.
وهذا يفسر لماذا سارعت الجماعة إلى التكتم، خوفًا من انكشاف ضعفها أمام الداخل والخارج.
ما الذي يحدث حقاً في صنعاء؟ وهل نحن أمام بداية انهيار البنية القيادية للحوثيين؟
الأسئلة تتزايد، والحقائق تُحجب. لكن المؤكد أن القصف الأخير لم يكن مجرد عملية استعراض، بل رسالة واضحة:
لا مكان آمن لأي قائد حوثي، سواء في الجبهات أو في مكاتب القيادة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news