شهد اليمن مؤخرا تصاعدًا في ظواهر اجتماعية خطيرة تستهدف الأطفال، تمثلت في تسجيل حالات اختفاء، واعتداءات جسدية، وأحداث عنف مباشر.
هذه الوقائع، التي تنوعت بين مناطق سيطرة الحكومة والحوثيين، تكشف هشاشة الوضع الأمني، وغياب منظومة الحماية المجتمعية، فضلًا عن تداعيات الحرب المستمرة منذ 2015 في بلد يعاني واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية في العالم.
وأثارت مثل هذه الحوادث حالات غضب ومخاوف من قبل اليمنيين في مجتمع محافظ يخشى على أطفاله من ظواهر اجتماعية ونفسية خطيرة.
اختفاء طفلة في عدن
أصدرت شرطة عدن، الثلاثاء، بيانًا حول اختفاء طفلة في منطقة بئر أحمد بمديرية البريقة، مؤكدة أنها تتابع القضية باهتمام بالغ.
وقال البيان إنه فور تلقي البلاغ، باشرت شرطة الشعب، بالتنسيق مع إدارة البحث الجنائي، اتخاذ الإجراءات اللازمة من خلال التحري وجمع المعلومات، ومراجعة الكاميرات، والتنسيق مع أقسام الشرطة في المديريات الأخرى التي قد تتواجد فيها الفتاة.
وأضاف البيان أن المعلومات الأولية للوصول إلى الطفلة متوفرة، لكنه شدد على عدم الإفصاح عنها حفاظًا على سرية الإجراءات وضمان نجاح التحقيقات. وتابع البيان محذرًا من أن أي تداول لمعلومات غير دقيقة قد يؤدي إلى تطورات غير متوقعة، ويعرّض حياة الفتاة للخطر.
كما دعت إدارة أمن عدن وسائل الإعلام والناشطين إلى عدم النشر أو الترويج لأي معلومات غير رسمية، ومنح الأجهزة الأمنية المجال الكامل لأداء مهامها بهدوء وفعالية. وأكد البيان أن القضية تحظى بمتابعة مباشرة من مدير أمن العاصمة عدن، اللواء الركن مطهر علي ناجي الشعيبي، ويتم التعامل معها بأولوية واهتمام بالغين، حرصًا على سلامة الفتاة وضمان الوصول إلى الحقيقة بدقة وشفافية.
ضرب طفلة في إب
وفي محافظة إب الواقعة تحت سيطرة الحوثيين ، أفادت مصادر محلية أن طفلة في الصف الأساسي بمدرسة عبدالرحمن الغافقي بمنطقة السبل تعرضت للضرب من قبل إحدى المعلمات، على خلفية شجار وقع بينها وبين زميلة لها في الصف.
وقالت والدة الطفلة إنها توجهت إلى المدرسة لمساءلة المعلمة عن سبب الاعتداء، غير أن الأخيرة ردّت عليها بلهجة مستفزة.
وأضافت المصادر أن وكيل المدرسة، طه المليكي، رفض الاستماع لشكواها وطلب منها نقل بناتها إلى مدرسة أخرى، مؤكدًا أنه لن يصدّق على أي إجراء ضد المعلمة.
وأشار ناشطون وأهالي المنطقة إلى أن والدة الطفلة تواجه صعوبات في متابعة القضية بسبب غياب أي جهة تعليمية أو حقوقية تقف إلى جانبها، مطالبين مكتب التربية في المحافظة بفتح تحقيق لضمان حماية حقوق الأطفال في المدارس.
تفاصيل حالات اختفاء في تعز
بعد رصد عدد من حالات الاختفاء في تعز وتحولها إلى قضية رأي عام أصدرت شرطة المحافظة بيانا حملت فيه الأسر مسؤولية هذه الحوادث التي قالت إنها نتيجة اختلالات تربوية عائلية وليست حالات خطف.
وقال بيان لشرطة محافظة تعز إن التحقيقات الأخيرة التي أجريت حول عدد من حالات اختفاء الأطفال والفتيات أثبتت عدم وجود أي حالات اختطاف، مشيرةً إلى أن جميع الأطفال والأحداث غادروا منازلهم بمحض إرادتهم.
وأضاف البيان أن الأطفال الثلاثة نبراس مختار، أيمن أمين، وحذيفة نضال غادروا منازلهم بتاريخ 29 أغسطس 2025 بعد اتفاق مسبق بينهم وبدون علم أسرهم، وتوجهوا إلى محافظة عدن متنقلين من عربة لأخرى.
وتابع البيان أن إدارة البحث الجنائي باشرت فور تلقي البلاغ إجراءات البحث والتحري، وتمكنت من إعادة الأطفال إلى أسرهم سالمين، موضحًا أن أسباب هروبهم تعود لقضاء فترات طويلة خارج منازلهم وضعف المتابعة الأسرية.
وقال البيان أيضًا إن التحقيقات المتعلقة بالفتاة (ر. أ. م) التي تقيم جوار جامع الخير في منزل خالها، أظهرت أنها غادرت منزل خالها متجهة إلى منزل إحدى صديقاتها بسبب منعها من استخدام الهاتف، وأضاف أن الفتاة حاولت في البداية إخفاء هويتها لكنها اعترفت لاحقًا بالأسباب التي دفعتها للابتعاد عن منزلها.
وأردف البيان بشأن الطفلة (د. ع. ع) البالغة من العمر 13 عامًا من منطقة الضربة، أن نتائج البحث أظهرت مرور الطفلة أمام مدرستها وهي تحمل كيسًا يحتوي على ملابس، ثم توجهت إلى "فرزة ديلوكس" حيث التقت بالطالبين الحدثين (م. أ. م – 14 عامًا) و(ق. ع. ق – 15 عامًا)، وصعدوا جميعًا على متن حافلة باتجاه الحوبان، مؤكدًا أنه يتم استكمال الإجراءات القانونية وتحديد أماكن تواجدهم.
وأضاف البيان أن التحقيقات المتعلقة بالطفلتين جنى نجيب (8 سنوات) وريهام علي (10 سنوات) أكدت انتقالهما إلى مدينة عدن بحثًا عن مصدر رزق عبر التسول بسبب ظروفهما المعيشية الصعبة، وأن الشرطة أعادت الطفلة ريهام إلى أسرتها وما زالت تتابع الإجراءات لإعادة الطفلة جنى المتواجدة لدى شرطة عدن.
وتابع البيان: "تؤكد قيادة شرطة محافظة تعز أن جميع البلاغات التي تم تداولها مؤخراً كانت مبالغات أو سوء فهم للأحداث، ولم تثبت أي حالة اختطاف، وإنما كانت حالات هروب وفرار نتيجة ضعف الرقابة الأسرية وغياب المتابعة من أولياء الأمور."
ودعت الشرطة تدعو جميع الآباء والأمهات إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه أبنائهم وبناتهم، ومتابعتهم بشكل مستمر، محذرةً من أن أي تقصير في الرقابة أو التوعية قد يؤدي إلى آثار سلبية على مستقبل الأسر والمجتمع.
وتكشف هذه الحالات المتفرقة أن الأطفال في اليمن أصبحوا أكثر عرضة للهروب أو التعرض للعنف، في ظل غياب مظلة حماية رسمية ومجتمعية.
وبينما تواصل الأجهزة الأمنية نفي حالات الاختطاف، تبقى الحقيقة أن تداعيات الحرب والانهيار الاقتصادي وضعف الرقابة الأسرية كلها عوامل تدفع نحو تزايد هذه الظواهر، لتصبح الطفولة الحلقة الأضعف في مشهد إنساني يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news