شهدت الأسواق المصرفية بمناطق الحكومة الشرعية انحسارا كبيرا في سيولة الريال اليمني، ما أدى إلى إغلاق العديد من محلات الصرافة، واضطرار بعضها إلى صرف الحوالات بالعملات الأجنبية، وتوقف أصحاب التحويلات المالية الكبيرة عن استلامها بالريال اليمني لأيام حتى تتوفر العملة.
ويأتي ذلك، بعد أسبوع من المضاربة بين البنوك ومحلات الصرافة، وما تبعها من خفض أسعار العملات الأجنبية من قبلهم أمام الريال اليمني بنسبة وصلت إلى 43.5% عن السعر المحدد من قبل البنك المركزي للعملات الأجنبية(الريال السعودي 425 ريالا للشراء و428 ريالا للبيع) في إطار محاولة لتعافي العملة المحلية بشكل تدريجي. وفقا لمراقبين.
هذا الانخفاض المفاجئ دفع الكثير من المواطنين، خلال يومي السبت والأحد، إلى صرف مدخراتهم من العملات الصعبة بكثافة، قبل أن يعلن البنك المركزي اليمني مساء الأحد تثبيت السعر عند النسبة السابقة ومعاقبة المخالفين لها.
كما كشف البنك المركزي عن تعميم مزور- تم تداوله- لم يصدر منه، تضمن تحديد سعر مصارفة العملات الأجنبية السعودي والدولار (الريال السعودي بحدود 200 ريالا يمنيا للشراء، 205 ريالا للبيع)، الدولار(830 للشراء، 850 للبيع).
كما أهاب البنك على الجميع عدم اعتماد أي تعميم ينشر من تلك الحسابات وأن أي تعميم من البنك يكون من موقعه الرسمي على الإنترنت أو القنوات الإعلامية الرسمية فقط، ومحذرا باتخاذ الإجراءات القانونية لكل من ينتحل قرارات البنك المركزي بالتزوير.
هذه التطورات خلفت أزمة سيولة صعبة بالعملة المحلية، أثر على حركة الأسواق المصرفية والمستفيدين من التحويلات النقدية الكبيرة، وأجبرت العديد من محلات الصرافة على الاعتذار للمواطنين عن صرف الحوالات الكبيرة بالريال اليمني.
وتعليقا على ذلك، يقول الصحفي الاقتصادي وفيق صالح لـ" المهرية نت". إن:" تراجع معروض النقد المحلي في أسواق الصرف مؤخرا، يعود إلى عاملين أساسيين:
- إجراءات البنك المركزي اليمني في عدن: التي تقوم على سياسة نقدية انكماشية بشكل مؤقت عبر تقليص النقد المحلي من الأسواق، بما يساهم في كبح المضاربة بالعملة، وتحقيق ثبات نسبي في سعر الصرف، وتأتي هذه الخطوة ضمن خطوات أخرى للبنك المركزي لتطبيق نظام رقابي صارم يحد من عملية تداول النقد بشكل عشوائي خارج القنوات الرسمية.
- نتيجة ما حدث في الأسبوع الماضي من اندفاع شريحة كبيرة من المواطنين لبيع مدخراتهم من العملة الصعبة إلى منشآت الصرفة بشكل مكثف وسحب السيولة المحلية من محلات ومنشآت الصرافة، واحتفاظهم بها، والتخلص من العملات الصعبة حتى وإن كان صرفها بسعر أقل من قيمتها الحقيقية تحت ضغط الشائعات التي انتشرت خلال الأيام الفائتة.
*كثرة الطلب على الريال
بدوره، يقول مختار عبده شمسان موظف بمحل صرافة بمحافظة تعز إن:" المحل ما يزال يصرف الحوالات بالريال اليمني أو السعودي حسب رغبة العملاء؛ لكن معظم المواطنين يفضلون الريال اليمني، خشية تراجع قيمة العملات الأجنبية".
وأضاف لـ" المهرية نت". أن:" الكثير ممن يمتلكون مدخرات كبيرة بالريال السعودي أو الدولار، يقومون بتحويلها إلى الريال اليمني، كما أن معظم المستفيدين من الحوالات الواردة بالريال السعودي يرفضون استلامها بعملتها الأصلية، ويصرون على استبدالها بالريال اليمني".
وتابع" هذا الإقبال الكبير على العملة المحلية من قبل المواطنين أو العملاء أصحاب الحسابات الذين يسحبون أموالهم أو يصرفون العملات الأجنبية لشراء السلع أو الأراضي، يفاقم أزمة السيولة بالريال اليمني".
واختتم حديثه قائلا:" نحن مستمرون في صرف الحوالات بشكل طبيعي، إلا أننا في بعض الحالات نضطر للاعتذار للعملاء إذا كانت المبالغ كبيرة ولا تتوفرلدينا سيولة كافية بالريال اليمني".
*عجز محلات الصرافة
في ذات السياق، يقول الباحث الاجتماعي حمدي السامعي لـ"المهرية نت" إن:" انحسار سيولة الريال اليمني بشكل كبير، يعود إلى استهلاك محلات الصرافة العملة المحلية لشراء العملات الأجنبية كاملة من المواطنين أثناء انخفاض أسعارها خلال الأيام الماضية".
وأضاف" قبل نحو خمسة أيام كان لدي حوالة نقدية بمقدار 200 ألف ريال يمني، لكنني لم أجد سوى صراف واحد "شركة العواضي" فاتح أبوابه، بينما البقية مضربون".
وتابع" أخبرني الموظف أن المبلغ غير متوفر وعرض أن يصرف لي 30 ألف ريال فقط، أو يصرفها بالريال السعودي، فانتظرت ثلاثة أيام، حتى انتهى الإضراب واستلمت الحوالة كاملة".
وأشار إلى أن " أزمة سيولة الريال اليمني تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين، خاصة وأن التعامل اليومي يتم بالعملة المحلية لشراء الاحتياجات الضرورية وغيرها"، محذرا من أن" غياب الحلول الجادة للسيولة قد يضاعف الأزمة في المستقبل".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news