يمن إيكو|متابعات:
قال طيار حربي أمريكي من مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية (أيزنهاور) إن معركة البحر الأحمر شكلت اختباراً فريداً كشف عن أوجه قصور جوهرية في قدرات وتكتيكات البحرية الأمريكية، وحملها تكاليف باهظة ستعيق قدرتها على خوض صراع كبير على المدى القريب.
وفي مقالة نشرها المعهد البحري الأمريكي، أمس الجمعة، ورصدها وترجمها موقع “يمن إيكو”، تناول الملازم في البحرية الأمريكية ستيفن هولكومب، والذي يقود إحدى مقاتلات (إف-18) التابعة لحاملة الطائرات (ايزنهاور) تحديات معركة البحر الأحمر التي ذكّر بأنها “تعتبر أكبر صراع خاضته البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، والمرة الأولى التي تتعرض فيها سفنها لنيران العدو المباشرة بشكل مستمر منذ عقود”.
أكد هولكومب أن “التدخل الأمريكي في البحر الأحمر شكل ضغطاً هائلاً على القوات البحرية المتمركزة هناك في عام ٢٠٢٤، وكشف عن نقاط قوة وضعف في الأسطول”.
وأشار إلى أنه “في إحدى الحالات، رصدت القوات الأمريكية واعترضت مركبة غير مأهولة تحت الماء، وهي الأولى من نوعها في التاريخ العسكري”.
وأضاف أن “هجمات الحوثيين أجبرت في بعض الأحيان السفن الحربية على استخدام نظام الأسلحة القريبة، أو المدفع مقاس 5 بوصات”.
وقال إن “هذا استنفد موارد كبيرة وتسبب في خسائر فادحة في الأفراد والمعدات”.
وبحسب الطيار الأمريكي فإن “العمليات في البحر الأحمر كشفت أيضاً عن قيود في نطاق عمليات المجموعات الضاربة لحاملات الطائرات، والتي كانت تسعى جاهدةً لتحقيق الاكتفاء الذاتي ودعم نفسها، إلا أن الضغوط المتكررة كشفت عن عجز حرج”.
وأوضح أنه “كان من الصعب على الطائرات المتمركزة على حاملات الطائرات الحصول على معلومات استخباراتية ذات مغزى في منطقة بدون قوات صديقة على الأرض، حيث استخدمت أطقم طائرات (سوبر هورنت) جراب الاستهداف المتقدم بالأشعة تحت الحمراء لتحديد الأهداف على الأرض؛ وهي تقنية مضى عليها عقود من الزمن وتفتقر إلى الدقة اللازمة للاستهداف، ولذلك اعتمدت الأطقم بشكل كبير على أصول الاستخبارات الخارجية، بما في ذلك طائرات (إم كيو-9) بدون طيار، لكن التكامل معها يتطلب خطوة أخرى للتنسيق من خلال شبكة القيادة والتحكم، وكل خطوة إضافية تؤخر وقت الاستهداف”.
وأضاف هولكومب أنه “كان هناك قيد ثانٍ على عمليات المجموعة الضاربة لحاملة الطائرات، يتمثل في تزويد الطائرات بالوقود جواً، فبينما تتمتع المجموعة بالقدرة على تزويد الطائرات بالوقود بفضل طائرات (إف-18) المجهزة بأنظمة التزود بالوقود جواً، فإن كمية الوقود التي يمكن نقلها بين الطائرات محدودة، ويتطلب توفير كمية كافية من الوقود للمقاتلات استخدام طائرات متعددة مزودة بناقلات وقود، وقد يعني هذا تخصيص جزء كبير من الطائرات النفاثة للدور اللوجستي المتمثل في توفير الوقود جواً”.
وأشار إلى أن “الاعتماد على ناقلات القوات الجوية يحد من الاكتفاء الذاتي للمجموعة الضاربة، لا سيما في العمليات التي تجري عبر مسافات طويلة”.
وكان من بين القيود التي واجهتها البحرية الأمريكية في البحر الأحمر أيضاً “صعوبة اكتشاف وتتبع وتدمير الطائرات المسيرة الهجومية الصغيرة أحادية الاتجاه التي يستخدمها الحوثيون، وهي رخيصة الثمن، ومتنقلة، وواسعة الانتشار، وسهلة الإخفاء، وسريعة الإطلاق، ويصعب تحديد موقعها، لكنها قادرة على إحداث أضرار جسيمة ودقيقة”.
ورأى هولكومب أنه “ينبغي على الولايات المتحدة إعطاء الأولوية لتطوير تكنولوجيا مضادة للطائرات بدون طيار منخفضة التكلفة، وبالتالي مستدامة، ومع ذلك، ينبغي على المدى القصير النظر في وضع أصول البحرية الأمريكية بعيداً عن المدى الفعال للطائرات بدون طيار المعادية المعروفة”.
واعتبر الطيار الأمريكي أن “مسألة الإمدادات كانت من بين أكثر المخاوف الاستراتيجية الكبيرة التي كشفتها معركة البحر الأحمر إلحاحاً، فقد استنفدت البحرية في عام 2024 بسرعة الأسلحة الحيوية، وخاصة الصواريخ، وتواجه الخدمة اختناقاً في الإمدادات وهي تسعى إلى تجديد المخزونات”.
وأضاف أن “المدمرات الأمريكية استخدمت أعداداً كبيرة من صواريخ (توماهوك)، متجاوزةً الإنتاج الأمريكي بكثير، وفي يوم واحد فقط، أطلقت القوات البحرية من هذه الصواريخ أكثر مما أنتجته البلاد في العام السابق بأكمله”.
وأشار إلى أن “استخدام مثل هذه الإمدادات يكشف عن عجز مصنعي الدفاع الأمريكيين عن زيادة الإنتاج، فإذا كان التوجيه السياسي الأمريكي يتطلب استخدام مثل هذه الأسلحة، فيجب أن تكون البلاد قادرة على إنتاجها بأعداد كافية”.
وبالإضافة إلى التحديات السابقة، أوضح هولكومب أن “حاملات الطائرات الأمريكية بقيت في البحر لفترات طويلة وتعرضت لهجمات مستمرة، وبينما أثبتت الخدمة قدرتها على تجديد الإمدادات الجارية، فإن حالة المواد ومعنويات الطاقم تتذبذب مع مرور الوقت تحت ضغط مستمر”.
وخلص إلى أن “أزمة البحر الأحمر اختبرت البحرية، وكشفت عن أوجه قصور جوهرية”، معتبراً أن هذه المعركة كانت “فريدةً من نوعها” وقد “تدفع نحو تغييراتٍ واسعةٍ في التكتيكات والمبادئ”.
وأكد أن “التكلفة الباهظة في الذخائر والجاهزية العملياتية بسبب أزمة البحر الأحمر ستعيق القدرة على خوض معركةٍ مُتقدّمةٍ في المحيط الهادئ على المدى القريب”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news