د/ احلام القباطي:
أقسى أنواع الغربة ليست تلك التي تفصلنا عن الأرض، بل التي تفصلنا عن الكرامة والعدالة فوقها.
ليست الغربة دائمًا سفرًا خارج الحدود الجغرافية، بل قد تكون اقتلاعًا نفسيًا ومعنويًا من داخل الوطن نفسه. ففي حين أن *الغربة خارج الوطن* مؤلمة بلا شك، لما تحمله من فَقْدٍ للانتماء والحنين للجذور، إلا أن *الغربة داخل الوطن* أشدّ وطأة، وأعمق أثرًا، لأنها تمسّ *جوهر الكرامة الإنسانية* و*حق المواطن في أن يشعر بالأمان والعدالة والانتماء* على أرضه.
حين يشعر الإنسان بأنه غريبٌ في وطنه، مهمّش، مقهور، أو مهدور الكرامة، فإن ذلك يُعدّ *انتهاكًا صارخًا لحقوقه الأساسية كمواطن*، ويعبّر عن *تفكك العقد الاجتماعي* الذي تقوم عليه الدول المدنية، حيث من المفترض أن تكون الدولة حاضنة للعدالة، لا مولدة للاغتراب.
الغربة داخل الوطن ليست مجرد شعور، بل عرضٌ لخلل عميق في منظومة الحقوق والواجبات.
فالوطن لا يُختزل في خرائط وحدود، بل في *الشعور بالانتماء والعدالة والمساواة*. وإذا فقد المواطن تلك الركائز، يصبح الوطن مجرد مساحة لا تحمل معنى الأمان.
الوطن ليس مجرد مكان، بل شعور أصيل بالأمان والاستقرار والحرية.
هو حيث عيش بكرامة، وتحيا بعفة معيشية* دون أن تمدّ يدك أو تُذلّ من أجل حقّك في الحياة.
*الوطن الحقيقي هو ذاك الذي لا يُشعرك بالغربة وأنت فيه، ولا يُساومك على حريتك وكرامتك مقابل ولائك.*
إنه المساحة التي تُمكِّنك من أن تكون إنسانًا كامل الحقوق، لا تابعًا، ولا طالبَ نجاة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news