بشرى العامري:
لم يعد من المفيد أن ينشغل الرأي العام بنقاشات جانبية حول “كشف الإعاشة” أو عودة هذا المسؤول أو ذاك، فقد تحولت هذه القضايا إلى جدل طويل بلا نتائج، في حين أن الحاجة الملحة تكمن في البحث عن حلول عملية تساهم في استعادة ثقة المواطن بالدولة.
من هنا تبدو الخطوة الأخيرة المتمثلة في انتظام اجتماعات مجلس الوزراء في عدن، وبمشاركة أعضائه كافة، إنجازاً مهماً يستحق الإشادة..
فبعد سنوات من التوقف أو الغياب، عادت المؤسسة التنفيذية لتستعيد حضورها وتنتظم جلساتها، وهو ما يعكس جدية واضحة من رئاسة الحكومة في تفعيل العمل المؤسسي وإحياء دوره..
ورغم أهمية هذا التطور، إلا أن هناك إجراء بسيط وضروري يمكن أن يضاعف من أثر هذه العودة، وهو معالجة أوضاع بعض وكلاء الوزارات والوكلاء المساعدين الذين استقروا في الخارج منذ سنوات، فيما اقتصرت مساهماتهم على الظهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ووصل الحد ببعضهم للتذاكي وايهام الاخرين انهم بعدن يعيشون المعاناة ويمارسون عملهم فيما هم منذ سنوات يتنقلون بين القاهرة واسطنبول والرياض، ويديرون اعمالاُ خاصة، ولا علاقة لهم بما اوكل لهم من منصب اداري.
الادهى أن معظم هذه التعيينات جاءت في الأصل نتيجة محاصصات أو اعتبارات سياسية، فتحولت مع مرور الوقت إلى عبء إداري، بينما ظل العاملون في الداخل يواجهون تحديات حقيقية ويؤدون مهامهم برواتب محدودة، بالعملة المحلية مقارنة بمخصصات بالعملة الصعبة يحصل عليها زملاؤهم في الخارج..
إن إصدار توجيه حكومي واضح بعودة جميع المسؤولين إلى الداخل، أو تسوية أوضاعهم بما يتناسب مع مقتضيات العمل، سيكون خطوة عملية لإعادة الانضباط الإداري، وتعزيز هيبة الدولة، وتخلق بيئة أكثر عدلاً بين الكوادر العاملة.
مثل هذه الخطوات، وإن بدت إجرائية، إلا أنها تمثل في جوهرها مدخلاً أساسياً للإصلاح الإداري، وأحد أهم مفاتيح مكافحة الفساد.
فالإدارة الرشيدة والمنضبطة هي التي تُحاصر الفساد وتمنع تمدده، بينما الفوضى الإدارية تظل بيئة خصبة له.
أما التساؤلات التي تُثار أحياناً حول عودة الإعلاميين أو غيرهم، فهي لا تنتقص من جوهر القضية، فالجميع معنيون بالعمل من الداخل، كل في مجاله، بما يضمن استمرارية المؤسسات ويعزز ثقة الناس بها.
خدمة الوطن مسؤولية مشتركة، تتطلب حضور الجميع في مواقعهم، بعيداً عن الأعذار والمبررات. والرهان الحقيقي على نجاح أي إصلاح يبدأ أولاً من الداخل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news