يفرض البُعد الجغرافي بين إسرائيل واليمن تحديًا لوجستيًا وعملياتيًا فريدًا، إذ تتراوح المسافة بين 1500-2000كم. هذا البُعد لا يمثل تحديًا لقدرات الخصوم على إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة فحسب، بل يفرض أيضًا متطلبات تشغيلية كبيرة على سلاح الجو والبحرية الإسرائيلية.
تنفيذ الغارات على هذا المدى يتطلب منظومة متكاملة من التكتيكات اللوجستية، والمنصات المتقدمة، والجهد الاستخباراتي المستمر لضمان تحقيق الأهداف.
المقاتلات الإسرائيلية التي استهدفت الحديدة قبل أيام قطعت نحو 1900كم، بتكلفة تشغيلية تصل إلى 40 ألف دولار في الساعة للطائرات مثل F-35. هذه التكلفة والوقت اللازم للرحلة يجعل العمليات الجوية محدودة لانها تستغرق على الاقل 5 ساعات بين ذهاب وأيّاب واستعداد للضربة. وتتم في "موجات هجومية" فقط. كما أن المسارات الجوية تمر عبر دول عربية مثل مصر والسودان والسعودية، ما يستدعي تنسيقًا دبلوماسيًا ضمنيًا، محولاً العملية إلى جزء من سياق إقليمي أوسع، لذلك تعبر فوق المياه الدولية في البحر الأحمر (لاتمر بمصر والسودان والسعودية).
تعتمد الضربات الجوية على مقاتلات F-15I وF-35 و F-16I مدعومة بطائرات تزود بالوقود جوًا من طراز KC-707 وKC-46، ما يوسع مداها بشكل كبير، تحلق طائرات التناكر الجوية لنصف المسافة لليمن، وتعمل على خلق محطة جوية تزود المقاتلات بالوقود خلال رحلة الذهاب وتنتظرها لحين العودة.
تُعد هذه العمليات كتدريب عملي واختبارًا لقدرة سلاح الجو على تنفيذ ضربات بعيدة المدى ضد خصوم إقليميين مثل إيران.
تتكامل القدرات الجوية مع البحرية، حيث توفر غواصات دولفين منصة هجومية استراتيجية، قادرة على إطلاق صواريخ كروز بمدى 1500كم من البحر الأحمر، ما يسمح باستهداف الأراضي اليمنية دون عبور مجال جوي لدول أخرى، كذلك على فرقاطات ساعر-6 التي تطلق صواريخ تصل إلى 500كم.
اخبار التغيير برس
الغارات على اليمن ليست مجرد رد على الهجمات الصاروخية والمسيرة، بل تهدف إلى طمأنة الشارع الإسرائيلي وإرسال رسالة ردع لإيران مرة أخرى، وتوفر فرصة لإسرائيل لترسيخ وجود دائم في البحر الأحمر. كذلك هذا الصراع يمنح إسرائيل مبررًا لتوسيع نفوذها العسكري والاستخباراتي في البحر الأحمر وبحجة تأمين الملاحة الدولية.
عمومًا، لو أرادت إسرائيل شن حملة جوية على اليمن مثل حملتها على إيران، سيكلفها ذلك استنزافًا عمليًا واستنزاف بالذخائر، لان المسافة بينها وبين اليمن اكبر بكثير من مسافتها مع إيران، لذلك ستقتصر الضربات الإسرائيلية على موجات هجومية فقط بدون حملة مستمرة.
( من صفحية الخليلة التكتيكية في الفيس بوك - مركز دراسات وأبحاث إستراتيجي عسكري)
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news