العوّاشَةُ وَالإعَاشَةُ: بَيْنَ تَمِيمةِ الحَياةِ وَوثائقِ المَوْتِ البِطِيء

     
صوت العاصمة             عدد المشاهدات : 143 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
العوّاشَةُ وَالإعَاشَةُ: بَيْنَ تَمِيمةِ الحَياةِ وَوثائقِ المَوْتِ البِطِيء

في الذاكرةِ الشعبيّة اليمنيّة، عملتِ الأمهاتُ ما يُسمى العواشة... وهي قطعةٌ ذهب صغيرة على شكل مسمار، تُعلّق في أذن الطفل إذا فقدت الأسرة أبناءها مرارًا... أتذكرها متدلية ببهاء من أذن ياسر صالح عباد، صديق الطفولة اللحجي، ومهما كانت الأسرة ميسورة فثمنها، يجب أن تجمع من الصدقات عن رضى وقناعة وتطوع في الخير.

كانت تميمة بسيطة، رمزًا للحياة، محاولة بريئة لمقاومة الموت بعلامة ذهبية صغيرة، الوهم هنا كان نابعًا من قلب الأم، من خوفها الصادق ومن الأسرة، ومن عجزها أمام قسوة الزمن وعادياته.

لكن في حاضر اليمن، ولد وهم أشد قسوة وأخطر أثرًا: الإعاشة. ليست قطعة ذهب صغيرة تُعلّق في أذن طفل لينجو من الموت، بذلها الناس بسخاء، بل ملايين الدولارات تُعلّق في كشوفات فساد، احُتيل فيها على الناس وأموالهم واخذت دون وجه حق... قوائم طويلة تحمل أسماء لشخصيات لا تعيش في اليمن، وأخرى لا وجود لها أصلًا، لكنها تتقاضى مبالغ ضخمة تحت مسمى "إعاشة".

أي إعاشة هذه؟

هل هي إعاشة للمشردين تحت الخيام؟

هل هي إعاشة للأسر التي تقتات على نصف وجبة في اليوم؟

هل هي إعاشة للأرامل والأيتام الذين أرهقتهم الحرب؟ لا

إنها إعاشة وهمية، إطعام للفاسدين على حساب الجياع.

المفارقة عميقة وموجعة:

في الماضي، كانت العوّاشة وهمًا يحاول أن يحمي الحياة الفردية للطفل، أما اليوم، فـ الإعاشة وهم يسرق الحياة الجماعية لشعب بأكمله.

الأولى كانت تعبيرًا عن خوف الأمهات و رجائهن.. والثانية تعبيرًا عن جشع المتنفذين وفسادهم

لقد صُرفت مليارات على ما سُمّيت "إعاشة"، لكن الواقع أن ما من إعاشة حقيقية وُجدت، وما من فم جائع شُبع، بل تكدست الأموال في الخارج، في الحسابات البنكية والجيوب المنتفخة. وهكذا تحوّل الوهم إلى سياسة، وتحولت "الإعاشة" إلى وثائق موت بطيء لشعب حُرم من حقه في الحياة الكريمة.

إن التاريخ سيحكم بقسوة على من استنزفوا أموال بلد فقير تحت مسمى "الإعاشة"، كما يحكم اليوم بقدر من الحنين والتسامح على خرافة العواشة التي لم تكن سوى محاولة بسيطة لحماية الحياة.

لكن الفرق بين العوّاشة والإعاشة هو الفرق بين وهم بريء ولد من حب، ووهم قذر ولد من فساد.

وفي الأخير، لا يمكن للحياة أن تصان بتمائم الذهب، ولا بكشوفات ضرار وفساد. الحياة تُصان فقط حين يتحول المال العام إلى خبز ودواء وتعليم، لا إلى صفقات وامتيازات وتبذير.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

صدور قرار تعيين عسكري جديد

كريتر سكاي | 584 قراءة 

إجتماع ثلاثي في الرياض برئاسة العليمي

عدن تايم | 498 قراءة 

شبوة...غارات جوية مفاجئة تستهدف منطقة خورة وتخلف ضحايا بينهم قيادات ميدانية

قناة المهرية | 337 قراءة 

القبض على 3 سياح عراة في الأهرامات بعد انتهاكهم القوانين المصرية

العين الثالثة | 304 قراءة 

توتر عسكري بين هذه القوات

كريتر سكاي | 292 قراءة 

مطار صنعاء يقترب من إعادة التشغيل.. تفاهمات وكواليس مسقط 

الأمناء نت | 284 قراءة 

تقرير | عقد من الاستهداف الممنهج.. كيف حوّل الحوثيون العمل الإنساني إلى أداة ابتزاز وتمويل الحرب؟

بران برس | 262 قراءة 

قرار حوثي في صنعاء يجبر جميع المواطنين في مناطقهم على دفع رسوم باهضة ويفجر غضب شعبي

نافذة اليمن | 244 قراءة 

صحابي يمني يخدع أبوبكر الصديق بحيلة ماكرة أضحكت الرسول

المشهد اليمني | 236 قراءة 

أول تحرك للرئيس العليمي بعد امتناع محافظ المهرة توريد الإيرادات لحسابات الحكومة

المشهد اليمني | 223 قراءة