البلاد الآن”- تحليل خاص
محمد العياشي
في تقرير تحليلي لـ “البلاد الان” تشير سلسلة الزيارات الميدانية والاجتماعات التي نفذها وزير الدفاع الفريق الركن دكتور محسن محمد الداعري خلال الأيام الماضية، إلى أن تحركاته لم تكن مجرد تفقد روتيني للمناطق والمحاور العسكرية، بل تحمل في طياتها رسائل سياسية وعسكرية متعددة المستويات.
فحرص الوزير الداعري على زيارة معظم المناطق والمحاور العسكرية الممتدة من مأرب والجوف إلى صعدة وحجة يعكس إرادة القيادة العسكرية العليا في إثبات وجودها المباشر على خطوط المواجهة، وتعزيز ثقة الجنود والمقاومة الشعبية بأن قيادتهم ليست بعيدة عن ميادين القتال، بل تتابع أوضاعهم وتثمن تضحياتهم عن قرب. وفي هذا السياق، ركزت كلمات وزير الدفاع في كل جولة على الإشادة بالروح المعنوية والبطولات التي سطرها المقاتلون، ما يمثل حافزاً معنوياً للمقاتلين في ظل ظروف الحرب الطويلة، كما يحمل إشارة واضحة بأن معركة التحرير ما تزال على رأس أولويات الحكومة.
كما أن تأكيد الوزير على دور المقاومة الشعبية واعتبارها “السند الأول للقوات المسلحة” يمثل رسالة واضحة على أن المعادلة القتالية في اليمن تقوم على تكامل الجيش والمقاومة. هذا الإدراك الرسمي بأهمية المقاومة الشعبية يعكس وعياً بضرورة الحفاظ على هذا الحاضن الشعبي والعسكري الذي شكل قوة ضغط حاسمة في مواجهة الحوثيين.
إلى جانب ذلك، فإن زيارة كلية الطيران والدفاع الجوي وكلية القيادة والأركان حملت بعداً استراتيجياً، حيث تؤكد أن الحرب لا تُخاض فقط بالبندقية، بل أيضاً ببناء الكادر العسكري المؤهل. فإعادة تشغيل الكليات والمعاهد العسكرية تعني المضي في مشروع إعادة بناء جيش وطني محترف، وهو ما يرسخ مفهوم الدولة بعيداً عن المليشيات.
ولا تقتصر رسائل هذه الزيارات على الداخل فحسب، بل تتجاوزها إلى الخارج. ففي الداخل تؤكد التحركات أن القيادة السياسية والعسكرية موحدة خلف هدف إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة، مع التشديد على الانضباط والتأهيل لمواجهة التحديات. أما في الخارج، فقد تضمنت كل جولة تقريباً إشادة بدور تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، ما يعكس حرص الحكومة اليمنية على تثبيت التحالف كركيزة أساسية للصمود العسكري والسياسي في مواجهة الحوثيين.
كما برز البعد الأمني والإداري خلال ترؤس وزير الدفاع اجتماع اللجنة الأمنية بمأرب، حيث شدد على اليقظة الأمنية وحماية المحافظة باعتبارها مركز ثقل سياسي وعسكري. وهذه إشارة إلى أن المعركة ليست فقط عسكرية بل أيضاً إدارة أمنية وتنظيمية لمرحلة ما بعد التحرير.
وجميع الكلمات والأنشطة أكدت على واحدية الهدف المتمثل في إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة والعاصمة صنعاء. هذا التركيز المتكرر يهدف إلى طمأنة الرأي العام الداخلي وإرسال رسالة إلى المجتمع الدولي بأن الشرعية اليمنية تمتلك رؤية واضحة وموحدة للمستقبل.
وبالمجمل، تُظهر جولات وزير الدفاع الأخيرة أن القيادة العسكرية اليمنية تسعى إلى مزج الميدان بالسياسة: رفع الروح المعنوية، تعزيز الشراكة مع المقاومة، تطوير المؤسسات العسكرية، وتثبيت الدعم الإقليمي. وهي رسائل تؤكد أن المعركة ضد الحوثيين ليست مجرد حرب استنزاف، بل خطة متكاملة لبناء الدولة واستعادة مؤسساتها برؤية عسكرية وسياسية متوازية.
تعليقات الفيس بوك
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news