الحوثي .. مشروع إيراني لتفكيك الحياة السياسية
قبل 6 دقيقة
منذ إسقاط مليشيا الحوثي الإرهابية، وكلاء إيران، للعاصمة صنعاء في انقلاب مشؤوم، لم تتوقف الجماعة عن تنفيذ أجندتها في تجريف الحياة السياسية اليمنية، وإقصاء الأحزاب والتنظيمات، وتكريس نظام ولاية الفقيه الإيراني بوجه يمني مزيف. كل يوم يمر تثبت المليشيا أنها آلة قمع وإرهاب، لا تؤمن إلا بالبطش والتخويف، وتستخدم كل صنوف الإرهاب والتنكيل بحق كل من يقف في وجه مخططها الإجرامي ضد اليمن واليمنيين
.
كل ما يقوم به الحوثي اليوم من اختطافات، ومداهمات، ومصادرة لمقار الأحزاب، ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل طويل يستهدف تدمير التعددية السياسية التي عرفها اليمنيون منذ قيام ثورة سبتمبر المجيدة. إنها حملة ممنهجة لتفريغ اليمن من صوته الحر، لتأسيس حكم شمولي على غرار إيران، حيث تُصادر الحرية، ويُسحق أي خصم سياسي تحت شعار الولاء المطلق للولي الفقيه.
الحوثي لا يقبل الشراكة، ولا يعرف الخصم، ولا يحترم وطنًا أو شعبًا. كل أحزاب اليمن بالنسبة له عقبة يجب اقتلاعها، وكل قيادي سياسي معارض هو هدف للاغتيال المعنوي والجسدي. حملات الاختطافات، وتجميد الأنشطة، ومصادرة الحقوق، هي أدواته لإحكام قبضته، ولتحويل اليمن إلى نسخة إيران مصغرة، حيث الانفراد بالساحة هو القانون، والتعددية مجرد ذكرى.
هذا النهج ليس جديدًا على العقلية الإمامية التي أسقطها اليمنيون في سبتمبر 1962، لكنه اليوم أخطر لأنه يُنفذ بدعم إيراني مباشر. المشروع الحوثي هو نسخة يمنية من ولاية الفقيه: الحزب يذوب في الجماعة، الجماعة تذوب في المرشد، والمرشد يتبع طهران، وكل ذلك على حساب سيادة اليمن ووحدته ومستقبله.
شهدنا كيف تحوّل يوم تأسيس الأحزاب إلى مناسبة للقمع والاعتقال، وكيف أُغلقت المقرات ومنعت الاجتماعات، وكيف أصبحت صنعاء محرمة على أي نشاط سياسي حر. حتى أولئك الذين حاولوا التعايش أو المسايرة لم يسلموا من بطشه. الحوثي لا يعرف التسامح، لا يعرف القانون، ولا يعرف الإنسانية. إنه يقف ضد التاريخ، ضد الديمقراطية، وضد كل حلم يمني بالحرية.
إنه انقلاب على كل مكتسبات العمل السياسي التي ناضل اليمنيون عقودًا من أجلها. بعد أن كانت الأحزاب جزءًا من التعددية والديمقراطية الهشة، جاءت مليشيا الحوثي لتعيد البلاد إلى زمن الصوت الواحد، والقرار الواحد، والزعيم الأوحد. دماء الشهداء وتضحيات الأجيال ذهبت هدراً أمام آلة القمع هذه.
اليوم، المعركة ليست دفاعًا عن حزب بعينه، بل دفاعًا عن حق اليمنيين في التعددية، وعن مستقبل وطن يريد أن يعيش حرًا بعيدًا عن وصاية السلالة وأجندة الولي الفقيه. الحوثي يراهن على القمع، لكن الشعب يراهن على ذاكرته التاريخية وإرادته الصلبة.
إن إسقاط مشروع الحوثي ليس مجرد ضرورة سياسية، بل إنقاذ لليمن من أن يصبح مستعمرة إيرانية مقنعة، وحماية لهويته الوطنية والسياسية، ولأحلام ملايين اليمنيين الذين لن يسمحوا بأن تُسرق بلادهم، أو تُختزل حياتهم في طقوس طائفية وشعارات مستوردة. الحوثي يسعى لتغيير التاريخ، لكن التاريخ لن ينسى، والحرية ستنتصر مهما طال الظلام.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news