أثارت مناورة إسرائيلية في البحر الأحمر مخاوف بشأن تفاقم التوتر بالمنطقة. وقال مصدر مصري مسؤول لـآ«الشرق الأوسطآ» إن آ«إعلان إسرائيل القيام بمناورة عسكرية بالبحر الأحمر، في هذا التوقيت الحساس، غرضه الاستفزاز وجر المنطقة لمزيد من التوتر، وهو ما سيؤثر بالقطع على حركة الملاحة الدولية، ويؤثر على سلاسل الإمداد والتجارة العالميةآ».
لكن المصدر أكد أن آ«القاهرة تدرك أن غرض تل أبيب من مثل هذه التصرفات دغدغة مشاعر الرأي العام الداخلي في إسرائيل الغاضب ضد الحكومة، ومن ثم فلا تعدها مصر تهديداً لها، لأن إسرائيل تعلم جيداً القدرات العسكرية المصريةآ».
وحذرت مصر من استمرار آ«عسكرةآ» البحر الأحمر وتداعياته على التجارة العالمية والاقتصاد المصري. وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في تصريحات، نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إن آ«المزيد من (العسكرة) في البحر الأحمر يشكل ضرراً بالغاً بالتجارة العالمية والاقتصاد المصريآ».
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أعلن عن بدء مناورة عسكرية في البحر الأحمر، الثلاثاء، ونقلت صحيفة آ«يديعوت أحرونوتآ» الإسرائيلية عن تقارير أنه آ«خلال المناورة ستلاحظ زيادة في حركة قوات الأمن والسفن في البحرآ». وأضافت الصحيفة أنه آ«لا يوجد أي قلق من وقوع حادث أمنيآ».
تعليقاً على ذلك، قال خبير الأمن القومي المصري اللواء محمد عبد الواحد إنها آ«ليست المناورة الأولى؛ لكن القيام بمثل هذه المناورات أصبح له حساسية كبيرة جداً؛ لأن مصر متأثرة بشدة مما يحدث في البحر الأحمر، من تواجد عسكري دولي، ومن هجمات الحوثيين، مما أدى لانخفاض دخل قناة السويس بشكل غير مسبوق وتغيير السفن التجارية لخط سيرها، مما نتج عنه زيادة تكلفة التجارة العالمية أيضاً، كذلك فإن أي تداعيات في البحر الأحمر تؤثر على حركة السياحة إلى مصر والمنطقةآ».
وأضاف لـآ«الشرق الأوسطآ» أن آ«هذه المناورات في الغالب سوف تزيد من التوتر بالمنطقة؛ لأنها قد تستفز إيران، ومن ثم تزيد هجمات الحوثيين، فتوقيت هذه المناورات حساس جداً وفيه تجرؤ إسرائيلي على استباحة مياه البحر الأحمر بالمخالفة وفيه تحدٍّ لإرادة الدول المشاطئة له، ففي السابق كان هناك حرص عربي على أن تكون المناورات المشتركة بالبحر الأحمر للدول العربية المشاطئة له حتى لا تضم إسرائيل لها، وكانت إسرائيل تقوم بمناوراتها مع الدول الأوروبية أو أميركا لكن بعيداً عن مضيق باب المندب والمناطق الحساسة، أما الآن فأصبحت إسرائيل تتجرأ وهذا بالقطع سيزيد من التوتر ويهدد التجارة العالميةآ».
وكان الجيش الإسرائيلي قد أجرى في بداية يونيو (حزيران) 2022 مناورات جوية وبحرية وبرية في قبرص والبحر الأحمر وفوق البحر المتوسط، في إطار ما قال عنه وقتها إنه استعداد لمختلف السيناريوهات مع إيران آ«بما في ذلك مواجهة أذرعها، لا سيما (حزب الله) عبر محاكاة اجتياح بري للبنانآ».
وأكد جيش الاحتلال الإسرائيلي وقتها أن طواقم من آ«السفن الحاملة للصواريخ وأساطيل الغواصات أكملت تدريباً معقداً وطويلاً في البحر الأحمرآ» عقب انطلاقها من قاعدة عسكرية بحرية في ميناء إيلات.
خبير أمن الممرات الملاحية الدكتور رأفت محمود يرى أن آ«المناورات الأخيرة لإسرائيل لا تعد المناورات الأولى لها؛ بل سبقها عدة مناورات قامت بها في البحر الأحمر، منها ما تقوم به البحرية الإسرائيلية منفردة أو بالاشتراك مع الأسطول الخامس الأميركي، وفي ضوء التغيرات الجيوسياسية الجارية الآن في المنطقة، خاصة في البحر الأحمر، نتيجة التغيرات التي جرت في اليمن والتي أثرت على أمن الملاحة بالبحر الأحمر في المدخل الجنوبي بل والامتداد إلى الجزء الشمالي منه، من خلال الاشتباك الحوثي مع إسرائيل بالقاذفات الصاروخية المستمرة، والتي وإن لم يكن لها تأثيرات قوية على الأمن الإسرائيلي؛ فإنها شكلت تهديداً مستمراً يستدعي التعامل معه، وكان أحد أدوات إسرائيل للتعامل مع هذا التهديد، هو وجود دفاع جوي متقدم لمواجهة تلك الصواريخ الباليستية من خلال زوارق إسرائيلية تنتشر في البحر الأحمرآ».آ
وأوضح لـآ«الشرق الأوسطآ» أنه آ«نظراً لقيام إسرائيل بمناورات بحرية في السابق، فإن هذه المناورات لن تؤدي في حد ذاتها إلى تفاقم التوترات في البحر الأحمر والمنطقة، لكن نظراً لحساسية التوقيت، فإنها قد تكون غطاء لتوجه إسرائيلي تجاه إيران أو اليمن، وبالتالي يمكن اعتبارها جزءاً من منظومة الهجوم الإسرائيلي، مما يفاقم التوترات في المنطقة، خاصة إذا تم الاشتباك معهاآ».
وأضاف محمود: آ«من ناحية أخرى فإن نطاق هذه المناورات وجوارها الجغرافي قد تستهدف إسرائيل من خلالهما إيصال رسائل أمنية وسياسية لدولة ما، وقد تكون هنا مصر في ضوء التوترات بين الطرفين أخيراً؛ فيما يخص ملف تهجير الفلسطينيين، والخطط الإسرائيلية للهجوم على غزة واحتلالها بالكامل، وما قد يؤدي إليه من توترات أمنية مع مصر، وبالتالي فإن هذه التحركات قد تزيد من تعقيد المشهد الأمني في المنطقةآ».
وتشكو الحكومة المصرية من تأثيرات اقتصادية بسبب التوترات في المنطقة، وأكدت في أكثر من مناسبة تأثر إيرادات قناة السويس بالاضطرابات في البحر الأحمر، وهجمات الحوثيين على السفن المارة بمضيق باب المندب منذ نوفمبر 2023. وقالت الحكومة إن آ«خسائر القناة بلغت نحو 7 مليارات دولار العام الماضيآ». (الدولار يساوي 48.4 جنيه في البنوك المصرية).
وأتس أب
طباعة
تويتر
فيس بوك
جوجل بلاس
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news