في ليلة شهدت تطورًا غير مسبوق في المشهد القبلي بمحافظة لحج، تم مساء الثلاثاء الماضي إنهاء صلح قبلي مثير للجدل بين قبيلتي العقارب والمشوشي، برعاية الشيخ طلال بن غازي، حيث تم التحكيم بعد اتهامات صارخة من الجانبين، تراوحت بين الاغتصاب والاختطاف والتشهير السياسي.
اللافت أن الوفد القادم من قبيلة العقارب قدّم "ثمن التحكيم" على شكل عشر سيارات وعشر قطع من السلاح الآلي، مقابل العفو والصفح عن الاتهامات الموجهة لقياديين من قبيلة المشوشي، في ما يُعد تطورًا جديدًا في مفهوم "التحكيم القبلي" في المناطق الجنوبية من اليمن.
تفاصيل الصُلح: التحكيم، العفو، والرسالة السياسية
وقد تم التحكيم في منطقة موصل ووصول، حيث استقبل الوفد القبلي القادم من قبيلة العقارب القائد نصر عاطف المشوشي، في حضور عدد من مشايخ ووجهاء القبائل، وقادة عسكريين من مختلف المناطق.
ووفقاً للوثيقة الرسمية التي وقعتها أطراف الصلح، فقد قدم الوفد العقربى "عشر سيارات وعشر قطع سلاح آلي" كـ "ثمن للتحكيم"، وذلك رداً على ما وصفوه بـ"الإساءة والتشهير" بالشخصيات العقربية، وخاصة الشاب عبدالعليم ناصر الرضامي، الذي اغتيل في وقت سابق على يد مسلحين يُعتقد أنهم تابعون لقبيلة المشوشي.
وثمة اعتراف رسمي من الوفد العقربى ببراءة الشاب عبدالعليم، حيث جاء في نص التحكيم:
"نقر ونؤكد ببراءة عبدالعليم ناصر محمد الرضامي من هذه التهم براءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب."
كما تم التأكيد على براءة القائدين نبيل المشوشي ونصر عاطف المشوشي من الاتهامات الموجهة إليهما، وتم الإعلان عن العفو من قبل الشيخ محمد صالح المشوشي نيابة عن القياديين، تقديراً لحضور مشايخ العقارب ومعهم قادة عسكريين من مناطق متفرقة.
نص التحكيم: بين العدالة والرمزية
وجاء في نص التحكيم، الذي بدأ بـ"بسم الله الرحمن الرحيم"، إشادة بـ"الصفاء والوفاء والتحكيم"، مع التأكيد على أن ما تم تقديمه من معدات عسكرية وآليات "محكمين بها في ديار المشوشي".
وقد شدد الوفد العقربى على أن أي إساءة أو تشهير مستقبلي للشخصيات المذكورة "فلا يمثلون إلا أنفسهم"، مؤكدًا أنهم "يبرؤون إلى الله" من أي تصرفات خارج إطار الصلح.
من حضر التحكيم؟
من جانب قبيلة العقارب، حضر التحكيم كل من:
الشيخ مهدي العقربي
الشيخ عبدالبار عبده
الشيخ علي بن علي الحاج
القائد حمدي شكري
القائد مختار النوبي
رئيس انتقالي لحج وضاح الحالمي
والشيخ جعفر الكعلولي، والشيخ ياسر العزيبي، إلى جانب جمهور واسع من المواطنين.
أما من استقبلهم، فقد شمل كبار الشخصيات من قبيلة المشوشي، ومنهم:
الأمير محمد غالب العفيفي
الشيخ محمد صالح المشوشي
اللواء صالح علي حسن
القائد نبيل المشوشي
القائد نصر المشوشي
القائد محسن الوالي
والقائد جلال الربيعي، إلى جانب عدد من القادة العسكريين والوجهاء.
تحليل وقراءة سياسية: هل التحكيم يعيد الثقة أم يعمق الانقسام؟
يثير هذا الصلح القبلي تساؤلات عديدة حول مستقبل التحكيم القبلي في ظل تصاعد التوترات بين القبائل، خاصة في ظل غياب الدولة والمؤسسات الرسمية. فهل يمثل هذا النوع من التحكيم نموذجًا يمكن البناء عليه في حل الخلافات، أم أنه يعمق الفجوة بين الأطراف ويخلق أنماطًا جديدة من "العدالة المدفوعة"؟
اللافت أن هذا الصلح جاء بحضور عسكري واسع، مما يعكس مدى أهمية هذه القضية على الساحة المحلية، وتأثيرها المحتمل على توازنات القوى في المنطقة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news