يعتبر الوضع الإنساني في اليمن حاليا من بين الأسوأ عالميا وسوف نستعرض أهم المؤشرات الخطيرة لحجم الأزمة الإنسانية وذلك على النحو التالي:
• أكثر من نصف السكان اي حوالي 19.5 مليون إنسان بحاجة عاجلة إلى المساعدات الإنسانية والحماية في عام 2025.
• من انعدام الأمن الغذائي يبلغ حوالي 17 مليون شخص تقريبا بينهم 5.2 مليون في حالات طوارئ أو ما قبل المجاعة، وقد يرتفع العدد إلى 18.1 مليون بين سبتمبر 2025 وفبراير 2026.
• يبلغ عدد النازحين حوالي 4.8 مليون نازح داخليا حتى نهاية 2024 منهم حوالي 80% من النساء والفتيات، وكثير منهم بلا حماية كافية.
• يعاني نحو نصف الأطفال دون الخامسة من التقزم بسبب سوء التغذية ويعاني أكثر من 500,000 طفل من سوء التغذية الحاد و1.8 مليون في حالة سوء تغذية معتدل ويعاني حوالي 1.3 مليون امرأة حامل أو مرضعة من نقص حاد في التغذية.
• انتشار أمراض مائية على نطاق واسع مثل الكوليرا والحصبة.
• تدهور النظام الصحي حيث يقدر 40–45% من المنشآت الصحية إما مدمرة أو غير قادرة على تقديم خدمات أساسية.
• يفتقر ما يقارب 13–15 مليون شخص إلى خدمات المياه والصرف الصحي النظيفة.
• نظام تعليمي شبه منهار حيث آلاف المدارس مدمرة، و4–4.5 مليون طفل خارج المدرسة، مع انتشار زواج الأطفال واستغلال الأطفال وأعمال عنف متعددة.
من تلك الشواهد ندرك فعلا خطورة الأزمة الإنسانية في اليمن واثارها المرعبة على مستقبل البلاد في كل النواحي.
اهم العوامل المؤثرة على تزايد تدهور الوضع الإنساني في اليمن
الوضع الإنساني ليس في أزمة خطيرة فقط ولكنه يزداد تدهورا بشكل متزايد مع طول فترة الازمة في البلد واليكم اهم العوامل المؤثرة على حالة الأزمة وإمكانيات وصولها إلى مراحل أسوأ.
العوامل الداخلية:
• استمرار الصراع المسلح بين الأطراف اليمنية، مما يؤدي إلى تهجير المدنيين وتدمير البنية التحتية.
• انهيار مؤسسات الدولة بما في ذلك القطاع الصحي والخدمات الأساسية.
• انقسام المؤسسات المالية والاقتصادية.
• تفشي الفساد وسوء الإدارة في القطاعات الخدمية والإنسانية.
• شح الموارد المحلية وعجز الحكومة عن توفير رواتب الموظفين وتمويل استيراد السلع الأساسية.
العوامل الخارجية:
• التدخلات الإقليمية والدولية تؤجج النزاع وتعقد جهود الحل السياسي.
• تعقيد عمليات الاستيراد والتصدير خصوصاً في الموانئ والمطارات وبتر سلاسل الإمداد.
• تراجع الدعم الإنساني الدولي بسبب نقص التمويل واهتمام العالم بأزمات أخرى.
• ارتفاع أسعار الغذاء والوقود عالميا بسبب الأزمات الدولية.
• تأثير التغير المناخي والجفاف والفيضانات التي تضر بالأمن الغذائي.
اسباب أزمة تمويل الاستجابة الإنسانية في اليمن:
من اهم الأسباب هي:
• اصيب المانحين بالملل بسبب طول فترة الازمة وتعدد الأزمات العالمية في اوكرانيا وغزة والسودان وسوريا أدى إلى توزع التمويل الدولي وتراجع الأولوية للأزمة اليمنية.
• غياب تقدم الحل السياسي واستمرار النزاع دفع بعض المانحين لتقليص التمويل بحجة أنه لا جدوى من العمل الإغاثي دون حل جذري للصراع.
• استمرار الانقسام في المؤسسات اليمنية يعيق التنسيق الفعال ويقلل من ثقة المانحين.
• انتشار الفساد وضعف الشفافية وبروز مخاوف جدية من سوء استخدام المساعدات أو تسربها إلى أطراف النزاع.
• وجود تقارير دولية عن تلاعب أو تدخلات محلية في توزيع المساعدات.
• تراجع الأولويات السياسية لدى المانحين بسبب تغير السياسات والحكومات وخاصة في الدول الغربية.
• الأزمات الاقتصادية العالمية مثل التضخم العالمي وارتفاع التكاليف التشغيلية.
• غياب الجهود المحلية في الحد من أزمة تمويل الأزمة الإنسانية.
الإمكانيات المتاحة والإجراءات الممكنة لحل أزمة تمويل الأزمة الإنسانية في اليمن:
يمكن استعراض ذلك عبر عدد من المحاور كالتالي:
مصادر التمويل:
• تعبئة التمويل الدولي المبتكر والطارئ عبر اصدار سندات مدعومة بضمانات من الدول المانحة أو المؤسسات المالية الدولية لجمع تمويل مستدام.
• إنشاء صندوق تمويل إقليمي بقيادة دول الخليج والاتحاد الأوروبي مع إعفاءات ضريبية لتشجيع التبرعات.
• استخدام أدوات التمويل المتوافقة مع الشريعة (مثل الصكوك) لجذب تبرعات من المؤسسات الخيرية الإسلامية.
تطوير كفاءة الاستخدام:
• تعزيز الشراكة مع المنظمات المحلية من خلال توجيه 30% من التمويل لمنظمات المجتمع المدني اليمنية لتقليل التكاليف الإدارية وزيادة الوصول للمناطق النائية.
• إنشاء نظام مراقبة مشترك عبر تطبيق منصة رقمية لتتبع المساعدات وضمان الشفافية، بمشاركة الحكومة والمانحين.
• تبني نهج "القطاعات المتكاملة" (مثل دمج الصحة والتغذية) لخفض التكاليف ورفع الفاعلية.
الشفافية والمسألة:
• تفعيل آليات المساءلة عبر ربط الدعم السياسي بالتمويل الإنساني، ومطالبة مجلس الأمن بفرض عقوبات على الأطراف التي تعرقل وصول المساعدات.
• التفاوض مع الولايات المتحدة لإصدار تراخيص خاصة للبنوك اليمنية لتسهيل تحويلات المساعدات رغم العقوبات.
• تعيين مبعوث خاص لليمن في الأمم المتحدة مكلف بحشد الدعم في الدول المانحة الرئيسية.
الاعتماد على الذات اليمني:
• تطبيق إصلاحات مدعومة من صندوق النقد الدولي لاستقرار العملة، تشمل ضخ سيولة أجنبية ومراقبة الأسعار.
• إعادة بناء القطاعات الإنتاجية من خلال استثمار 20% من التمويل الإنساني في مشاريع تحفيز الاقتصاد المحلي في قطاعات الزراعة، مصائد الأسماك) وغيرها.
• تقديم ضمانات ائتمانية من البنك الدولي لاستئناف استيراد الغذاء والدواء.
• إنشاء خلية أزمات مشتركة تضم الأمم المتحدة، الحكومة اليمنية، ومنظمات الإغاثة لتوحيد جهود التوزيع وتجنب الازدواجية.
• استضافة قمة دولية في الرياض أو جينيف لتحديد التزامات التمويل السنوية مسبقاً.
واخيرا نؤكد على أنه لا يمكن فصل حل أزمة التمويل عن العملية السياسية؛ فالتقدم في مفاوضات السلام هو الضامن الوحيد لاستدامة الحلول ويجب الإدراك أن اليمن المستقر والمسالم يعود بالنفع على الجميع.
أن حل الأزمة الإنسانية تتطلب تحولاً جذرياً من النموذج الإغاثي إلى نموذج إنمائي قائم على تمكين المجتمع المحلي.
د. حسين الملعسي
رئيس مؤسسة الرابطة الاقتصادية
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news