المدارس الخاصة.. تجاهل لاستقرار العملة وقرارت مجحفة بحق المواطنين( تقرير خاص )

مع اقتراب العام الدراسي الجديد، هناك إقبال كبير على المدارس الخاصة في عموم اليمن بسبب الإضراب عن التدريس الذي شهدته المدارس الحكومية العام المنصرم، ما دفع أصحاب المدارس الأهلية إلى رفع رسوم التسجيل إلى 100% استغلالًا لكثرة الإقبال.

وعلى الرغم من انخفاض سعر الصرف واستقراره والعمل على تخفيض سعر السلع والخدمات في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، إلا أن المدارس الخاصة في مدينة تعز لم تظهر أي تقبل، ولم تعمل على تخفيض سعر الرسوم المدرسية بما يتناسب مع هبوط سعر الصرف.

ومنذ أيام بدأت المطالبات الشعبية للجهات المعنية بالنظر لهذا الجانب كون الغالبية العظمى من المدارس في المدينة هي مدارس خاصة، نتيجة تهدم وخراب الكثير من المدارس الحكومية بفعل الصراع الدائر في البلاد.

مواطنون وأولياء أمورٍ عبر مواقع التواصل الاجتماعي طالبوا وزراة التربية والتعليم، والحملاتِ الأمنية وضابطي الأسعار إلى الالتفات إلى جانب المدارس الخاصة وحثها على تخفيض سعر الرسوم بما يتناسب مع انخفاض سعر الصرف أسوةً ببقية المحافظات التي أعلنت التخفيض في هذا الجانب قبل أيام.

وكانت جمعية حماية المستهلك، في تعز قد طالبت السلطة المحلية في المحافظة بتفعيل الرقابة والإشراف على الخدمات التعليمية، والقيام بعمليات تفتيش على المدارس الأهلية، وذلك بعد قيام عدد منها بفرض رسوم دراسية جديدة وصلت نسبة زيادتها إلى 100٪ مقارنة بالعام الماضي.

وقالت الجمعية، إن" هذه الزيادات المبالغ فيها -خصوصًا مع تعافي الريال اليمني-،أثقلت كاهل أولياء الأمور وأثرت سلبًا على العملية التعليمية، مطالبةً الجهات المعنية بالتدخل العاجل لضمان العدالة في الرسوم الدراسية".

ويوم أمس أصدر مكتب التربية والتعليم مذكرة تفيد بإلزام المدارس الخاصة بتخفيض 50% من الرسوم المضافة على الطلاب لعام 2025-2026، ما يؤكد أنّ لا تعافي ولا انخفاض في سعر الرسوم الدراسية بما يواكب سعر الصرف.

قرارات مجحفة

بهذا الشأن يقول عمر الحميري، رئيس جمعية حماية المستهلك، : إن" الرسوم الدراسية لها أثر بالغ على ميزانية أولياء أمور الطلاب، فالمواطنون اليوم يعانون من الكثير من الصعوبات في ظل تدني الدخل لديهم، وفي ظل اضطرارهم إلى تسجيل أبنائهم في المدارس الأهلية؛ نتيجة إضراب المدارس الحكومية العام الماضي، وإعلانهم مسبقا عن الإضراب هذا العام".

وأضاف الحميري لـ" المهرية نت" اليوم المواطنون يناشدون بأن تعود المدارس الحكومية إلى عملها حتى يتخفف هذا العب المثقل كواهلهم والمتمثل بالرسوم الدراسية في المدارس الأهلية، والتي ترتفع كل عام بشكل مبالغ فيه".

 وبحسب الحميري فإن الكثير من أولياء الأمور اضطروا لتسجيل أبنائهم في مدارس أهلية قبل شهر من الآن وهذا ما أحدث إقبالًا كبيرا على المدارس الأهلية والتي بدورها استغلت هذا الإقبال الكبير وعملت على زيادة الرسوم الدراسية إلى نسبة 100% أو أكثر تحت مبرر أنه هناك زيادة في قيمة العملة الأجنبية".

وتابع" المدارس الأهلية عملت على رفع الرسوم بهذا الشكل رغم أن نفقات هذه المدارس معظمها لا ترتبط بالعملة الأجنبية، فرواتب المدرسين فيها لا تزال متدنية جدا، وهي أقل من نصف راتب المدرسين في المدارس الحكومية، نحن نتحدث عن 50 ألف ريال تزيد أو تقل".

وأشار إلى أن" هناك الكثير من الاستغلال في هذه المدارس إلا أن حالة الضغط الشديد في الإقبال على المدارس الأهلية وتعطيل المدارس الحكومية أتاح الفرصة أمام هذه المدارس في المزيد من الاستغلال وبالتالي مع تحسن سعر الصرف وتعافي العملة الوطنية مطلع هذا الشهر، هناك مطالبة من قبل أولياء الأمور وبإلحاح شديد في تخفيض الرسوم الدراسية".

وواصل" بناءً على ذلك قمنا في جمعية حماية المستهلك بترجمة هذه المطالب وتقديم مذكرة إلى السلطة المحلية للمطالبة بإلزام المدارس الأهلية بإعادة الرسوم إلى ما كانت عليه العام الماضي أو إلغاء نصف الرسوم المطلوبة هذا العام، تماشيا مع تعافي أسعار الصرف، وهذا المطلب ما زال على طاولة الدراسة ونأمل الاستجابة لهذا المطلب من قبل السلطة المحلية ومكتب التربية والتعليم واللجان المكلفة بضبط الأسعار".

وأكد" الحميري أن هذا المطلب" سيحقق الغاية من عودة المدارس الحكومية للعمل وكذلك ترك المجال للمواطن في تعليم أبنائه دون مزيد من العناء، اليوم الحكومة عملت على إعادة الأمل في قلوب اليمنيين، ولهذا ما نزال نأمل من الجانب التعليمي أن ينشر البهجة في قلوب أولياء الأمور".

ووضح الحميري في حديثه لـ" المهرية نت" أن" مذكرة مكتب التربية التي صدرت اليوم والتي طالبت ملاك المدارس الأهلية بتخفيض 50% من الرسوم المضافة هذا العام لا تحمل أي نوع من خدمة المواطنين بل هذا القرار يعد قرارا مجحفًا بحق المواطن الذي ما كاد يشعر بقليل من الأمن المادي".

وزاد" هذا القرار لا يتناسب إطلاقًا مع مستوى تعافي العملة الوطنية، كما أن صيغة القرار تحاكي أنواع التذاكي والتلاعب اللفظي في تقديم خفض نسبة الرسوم 50% وتحجيمه بعبارة تالية بحصر التخفيض على الزيادة في رسوم هذا العام وليس على كامل الرسوم خلافا لنسبة التعافي وتطلعات المتضررين من هذا الاستغلال".

تلاعبٌ واضح

وعن المذكرة التي أصدرها مكتب التربية والتعليم يقول الصحفي وجدي السالمي" نعبّر عن استغرابنا الشديد من المذكرة الصادرة عن مدير التربية، والتي تضمّنت مغالطة واضحة تنحاز لمصلحة ملاك المدارس الخاصة على حساب المواطنين وأولياء الأمور".

وأضاف" المذكرة تنص على أن التخفيض سيكون من الرسوم المضافة لهذا العام، مع أن العام الدراسي الجديد لم يبدأ بعد، بينما المنطق والعدالة يقتضيان أن يكون التخفيض من الرسوم الفعلية المعتمدة للعام الماضي".

وأشار إلى أن" رسوم العام الماضي كانت 350,000 ريال، والمدارس هذا العام أعلنت زيادة الرسوم لتصبح 450,000 ريال، بمعنى أن الفرق هو 100,000 ريال زيادة، والمذكرة تقترح خصم 50,000 ريال من الزيادة فقط، لتصبح الرسوم 400,000 ريال، وهذا يعني أن الزيادة الفعلية عن العام الماضي ستبقى 50,000 ريال".

وتابع" هذه الصيغة تشرعن الزيادة وتمنحها غطاءً رسميًا بدلًا من إيقافها، وهو ما يشكّل تجاهلًا لمطالب المواطنين وحقوقهم، وانحيازًا واضحًا لمصالح المدارس الخاصة".

ودعا السالمي الجهات المعنية إلى إعادة النظر في هذا القرار، واعتماد تخفيض حقيقي يستند إلى رسوم العام الماضي، حفاظًا على مبدأ العدالة ورفع المعاناة عن الأسر.

حربٌ على التعليم

بدوره يقول المواطن، محمد عبد الكريم( 40 عاما - أحد أبناء مدينة تعز" لم يحدث أي انخفاض في سعر الرسوم الدراسية، فالعام الماضي قمت بتسجيل طفلي في الصف الأول أساسي بـ220 ألفا وكانت تكاليف الكتب 30 ألف ريال وهذا العام مبلغ التسجيل نفسه لم يتغير على الإطلاق".

وأضاف عبد الكريم لـ" المهرية نت" طالبنا المدرسة بالتخفيض بناء على هبوط سعر الصرف لكن لم توجد استجابة حقيقية من المدرسة، أخبرونا أن المدرسة تعمل بهذه الرسوم وأنه إذا لم يعجبنا فعلينا الذهاب لمدرسة أخرى".

وتابع" إذا كان لدي طفل واحد في المدرسة وأنا أشعر بالقلق إزاء ارتفاع أسعار الرسوم فكيف بمن يتملك أكثر من ثلاثة أطفال وجميعهم في مدارس خاصة، أنا أعرف الكثير من الأصدقاء ممن يحاولون اليوم تسجيل أطفالهم في مدارس حكومية هروبا من ظلم التسجيل في المدارس الخاصة".

وتابع" الحقوق لا تعطى بل تنتزع ولهذا يجب على الشعب الخروج في المطالبة بهذا الحق المشروع في نيل التعليم، اليوم التعليم في اليمن أصبح مكلفا لهذه الدرجة بينما هو في الدول الأخرى مجانيا أو شبه مجاني، هذه حرب على العملية التعليمية ومتاجرة بها".

وطالب السلطة المحلية والمكتب التربية والتعليم بإعادة النظر في هذا الجانب، أن يستشعروا المسؤولية تجاه أبناء وطنهم وألا يزيدوا عليهم في الأعباء".