توفي اليوم الجمعة في العاصمة صنعاء الشاعر والناقد اليمني عبدالكريم سالم الحنكي، عن عمر ناهز الخامسة والستين، بعد مسيرة إبداعية ونقدية حافلة، في رحيلٍ باغت الوسط الثقافي كطعنةٍ أخيرة في خاصرة القصيدة.
ونعت الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الفقيد، واصفةً إياه بـ”القامة الإبداعية المتفرّدة”، مؤكدة أن غيابه يمثّل خسارة فادحة للثقافة اليمنية، لما امتاز به من حضور شعري ونقدي أصيل، وانحياز دائم لقضايا الإنسان والوطن والهوية.
وُلد كريم الحنكي في محافظة أبين عام 1960، وتخرّج من جامعة عدن عام 1994 حائزًا على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية وآدابها. تنوّعت مسيرته المهنية بين العمل الأكاديمي والبحثي والثقافي، حيث شغل مناصب تحريرية في عدد من المؤسسات، أبرزها مركز الظفاري للبحوث والدراسات اليمنية، الذي عمل فيه باحثًا وسكرتيرًا لتحرير مجلة “اليمن”. كما شارك في مشاريع للترجمة والتحكيم الأدبي بالتعاون مع مؤسسات ثقافية محلية ودولية.
تميّز الحنكي بلغة شعرية ذات تأمل عميق، مشبعة بالنفس الفلسفي، ومتصالحة مع القلق الوجودي وأسئلة الحياة الكبرى. صدر له ديوانه اللافت «كم الطعنة الآن؟» عام 1995، وهو عمل ترك بصمته الخاصة، وعبّر فيه عن وجع الإنسان اليمني والعربي بأسلوب بالغ الخصوصية. كما ساهم في إعداد مختارات من الشعر الحميني ضمن كتاب «سفينة القلائد الحكمية والفرائد الحمينية»، وكتب دراسات نقدية ومقالات تناولت تحوّلات القصيدة اليمنية وأسئلة الجمال والانتماء.
انشغل الراحل أيضًا بالترجمة الأدبية، خصوصًا من اللغتين الإنجليزية واليابانية، وقدم برامج إذاعية متخصصة، أسهمت في إثراء المشهد الثقافي، وترسيخ حضوره كصوت نقدي وفكري متميز.
مثّل اليمن في عدد من المهرجانات والفعاليات الثقافية العربية والدولية، من بينها مهرجان المربد في بغداد، ومهرجان الشعر العربي في دمشق، إلى جانب مشاركات ثقافية في اليابان والكويت والسعودية. وظل صوته الشعري والنقدي حاضرًا في وجدان القصيدة العربية، بنصه المختلف ورؤيته العميقة.
جمع كريم الحنكي بين القصيدة والنقد والترجمة، وترك إرثًا معرفيًا وإبداعيًا سيظل حيًا في الذاكرة الثقافية اليمنية، ومرجعًا مُلهمًا لأجيال من المبدعين.
وباسم هيئة تحرير موقع بيس هورايزونس، نتقدم بخالص العزاء والمواساة إلى أسرته الكريمة، ورفاقه ومحبيه، وزملائه في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، في هذا المصاب الجلل.
رحل كريم الحنكي… تاركًا دهشة القصيدة منحنية على قبره، والقلق الوجودي يتأمل وجوهنا في مرايا الغياب.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news