كشفت منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان، ومقرها لاهاي بهولندا، عن تصاعد غير مسبوق في حملات الاعتقال التي تنفذها جماعة الحوثي المسلحة ضد المدنيين في محافظة إب، وسط اليمن.
وأكدت المنظمة أن الجماعة اختطفت خلال العامين والنصف الماضيين أكثر من 480 مدنياً، بينهم 7 نساء و51 طفلاً، في واحدة من أوسع موجات القمع المنهجي التي تشهدها المحافظة.
وفي بيان صدر الأربعاء الماضي، أدانت المنظمة ما وصفته بـ”الحملات القمعية والمداهمات الأمنية” التي تطال المدنيين، مشيرة إلى أن محافظة إب كانت من أكثر المحافظات تضرراً من هذه الانتهاكات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
سبع حملات واسعة النطاق
ووفقاً لتقارير راصدي المنظمة، نفذت جماعة الحوثي ما لا يقل عن سبع حملات أمنية واسعة خلال الفترة المذكورة، استهدفت عشرات القرى والأحياء السكنية، رافقتها دوريات ملاحقة يومية تعقبت معارضين أو من يشتبه في رفضهم لسياسات الجماعة.
وسجّل التقرير ذروة هذه الانتهاكات في سبتمبر 2023، عندما اختُطف 95 مدنياً، بينهم 11 طفلاً و6 نساء، تلتها حملة أعنف في سبتمبر 2024 أسفرت عن اختطاف 250 شخصاً، بينهم 24 طفلاً. وشملت هذه الحملات معلمين وطلاباً وأكاديميين وناشطين سياسيين ومجتمعيين، بالإضافة إلى عاملين في المجال الإنساني.
اقتحامات وممارسات قمعية
ووثقت المنظمة أن هذه الحملات ترافقت مع اقتحامات للمنازل والمحال التجارية والمؤسسات، تخللتها اعتداءات جسدية ولفظية، وأعمال ترهيب وصلت إلى حد الإخفاء القسري.
وجغرافيا، توزعت حملات الاعتقال على غالبية مديريات محافظة إب، حيث سجّلت منطقة المشنة أعلى عدد من الحالات بـ64 معتقلاً، تلتها ذي السفال بـ45، ثم ضواحي مدينة إب بـ35، والظهار بـ30، وحزم العدين بـ24 حالة. كما شملت الانتهاكات مناطق السدة، العدين، مذخرة، الشعر، السبرة، والسياني، إلى جانب مركز المحافظة الذي شهد 23 حالة.
سكان إب رهائن القمع
وأشارت رايتس رادار إلى أن المدنيين في إب يعيشون في ظل حالة من الترهيب المستمر، ووصفت سكان المحافظة بأنهم باتوا “رهائن في قبضة الجماعة”، في ظل تصاعد القمع لكل من يرفض الانصياع للنهج الطائفي أو يبدي اعتراضاً على سياساتها.
وتوقف التقرير عند حملة اعتقالات أعقبت فعاليات إحياء ذكرى ثورة 26 سبتمبر 2023، والتي شهدت اختطاف أكثر من 95 شخصاً في غضون أربعة أيام فقط، معظمهم من الطلاب والمعلمين والناشطين، تعرّض عدد منهم للإخفاء القسري والتعذيب.
وفي مايو ويوليو من العام الجاري، نفذت الجماعة حملات اعتقال أعقبت احتفالات عيد الوحدة اليمنية، استهدفت 48 مدنياً، غالبيتهم من الأكاديميين والشخصيات المجتمعية.
استهداف الأكاديميين والحقوقيين
وفي يونيو الماضي، شنت جماعة الحوثي حملة استهدفت معلمين وناشطين في المجال الإنساني في منطقة العدين، حيث تم اقتياد الضحايا إلى سجون سرية، وتعرض بعضهم للضرب والمنع من الزيارات، فيما خضع آخرون لعمليات ابتزاز مالي مقابل الإفراج أو حتى السماح بالتواصل مع أسرهم.
وسجل التقرير اقتحامات ليلية مرعبة نفذها مسلحون حوثيون لمنازل المدنيين، تسببت بحالات هلع في أوساط النساء والأطفال. كما شملت الاعتقالات الأخيرة موظفين في جامعة العلوم والتكنولوجيا، وبنك سبأ، وعدد من الأكاديميين والمحامين.
ومن أبرز المعتقلين الدكتور عبدالحميد المصباحي، الذي تعرض منزله للمداهمة وكُسرت أبوابه وتمت مصادرة أجهزة إلكترونية. وتكرر المشهد مع عائلة الدكتور محمد هادي الفلاحي، الذي اختُطف مع نجله وأودعا في سجون الأمن السياسي.
كما اعتُقل محمد نعمان الخولاني، باحث دكتوراه ومدير مركز الإقراء التابع لجمعية تعليم القرآن الكريم، إضافة إلى الدكتور محمد قائد عقلان، مدير دار القرآن الكريم في منطقة اليهاري.
دعوات للمساءلة والتدخل الأممي
وحذّرت المنظمة من تبعات خطيرة لهذه الانتهاكات على المدى القريب والبعيد، مؤكدة أن جميع المتورطين في جرائم الاعتقال والتعذيب والإخفاء القسري لن يفلتوا من المساءلة القانونية.
ودعت رايتس رادار جماعة الحوثي إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن كافة المعتقلين، ووقف كافة أشكال الملاحقة والاعتقال التعسفي بحق المدنيين.
كما حمّلت قيادة الجماعة المسؤولية الكاملة عن الأضرار الجسدية والنفسية التي لحقت بالمعتقلين، مطالبة المبعوث الأممي إلى اليمن، هانز غروندبرغ، باتخاذ خطوات عاجلة لحماية المدنيين ووقف هذه الانتهاكات الممنهجة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news