أخبار وتقارير
تقرير (الأول) المحرر الاقتصادي:
في تطور لافت يعيد فتح النقاش حول مصداقية الإعلانات التسويقية للشركات الكبرى في ظل التقلبات الاقتصادية الحادة، كشفت حسابات قام بها عدد من المواطنين عن مفارقة صادمة في إعلان شركة "هائل سعيد أنعم" مؤخراً عن تخفيض أسعار الدقيق، مشيرين إلى أن هذا التخفيض لا يعكس واقعاً حقيقياً، بل يُعد في جوهره زيادة حقيقية في سعر المنتج عند حسابه بالعملة الأجنبية.
وأثار الإعلان الذي تباهت به الشركة بوصفه "خطوة لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطن" ردود فعل واسعة بين المتابعين والمواطنين، بعد أن قام مختصون وناشطون اقتصاديون بتحليل الأرقام بناءً على تغيرات سعر صرف الريال اليمني مقابل الريال السعودي، والذي شهد تقلبات حادة في الأشهر الأخيرة.
خدعة الأرقام!
في خضم الهبوط المفاجئ في سعر صرف العملات الأجنبية، سارع بعض التجار إلى إعلان تخفيضات ظاهرية على أسعار بعض السلع، بغية امتصاص الغضب الشعبي وكسب ثقة المستهلك، لكن خلف هذه العناوين الجذّابة، تخفي الأرقام خدعة حسابية مكشوفة لا تنطلي على من يُحسن الجمع والطرح.
لنتأمل معًا أبرز الأمثلة:
سعر كيس الدقيق (وزن 50 كيلوجرامًا)، وهي سلعة أساسية تمس حياة كل أسرة:
قبل التخفيض:
السعر: 60,000 ريال يمني
سعر صرف الريال السعودي حينها: 770 ريالاً
القيمة الفعلية بالسعودي:
84.16 ريالاً
بعد "التخفيض" المعلن:
السعر الجديد: 43,000 ريال يمني (انخفاض بـ 28.3٪)
سعر الصرف الجديد: 425 ريالاً
القيمة الفعلية بالسعودي:
101 ريالاً
النتيجة الصادمة:
رغم إعلان التخفيض، المواطن اليوم يدفع أكثر بـ16.9 ريالاً سعوديًا لكيس الدقيق الواحد، مقارنة بالسعر السابق قبل الانخفاض!
أي أن ما يبدو "تخفيضًا" بالريال اليمني هو في الحقيقة ارتفاع بالعملة الأقوى التي يُحتسب بها الاستيراد والتوريد.
هذه الخدعة ليست مجرد خطأ في التسعير فقد سارت عليه شركات كبرى في السلع الأخرى.
تخفيض وهمي واستغلال التجار!
وصف المواطنون هذه الخطوة بـ"التخفيض الوهمي"، مؤكدين أنها تُعد مناورات تسويقية تُستغل فيها انهيارات سعر الريال اليمني لتقديم صورة زائفة عن دعم المستهلك، في حين أن الأثر الحقيقي يصب في مصلحة الشركة، لا الشعب.
وأشار مراقبون إلى أن مثل هذه الحسابات تكشف عن ثغرة خطيرة في طريقة قياس الأسعار في ظل انهيار العملة، حيث تصبح الأرقام بالعملة المحلية غير معبّرة عن القيمة الحقيقية للسلع، مما يتيح للشركات التلاعب بالإدراك العام للأسعار دون المساس بالربحية.
اتهامات بـ(الاستغلال الممنهج)
وأعرب عدد من المواطنين عن استيائهم من ما وصفوه بـ"الاستغلال الممنهج" لظروف المعيشة الصعبة، مطالبين بضرورة فتح تحقيق في مثل هذه الإعلانات، وفرض رقابة صارمة على الشركات الكبرى، خاصة في قطاعات المواد الغذائية الأساسية.
وأكدوا أن "المواطن البسيط، الذي يعاني من ارتفاع متصاعد في تكاليف المعيشة، لا يرى أي تحسن فعلي في قدرته الشرائية، بل يشعر بزيادة الضغط عليه يوماً بعد يوم، حتى مع ما يُعلن عن تخفيضات".
مطالبات بتدخل عاجل
في المقابل، طالب ناشطون اقتصاديون وحقوقيون الجهات الرقابية المختصة، بما في ذلك وزارة الصناعة والتجارة، وهيئة تنظيم الأسواق، باتخاذ إجراءات عاجلة لضمان شفافية الأسعار، وفرض معايير دقيقة لتقييم أي تخفيضات معلنة، تشمل حساب القيمة الفعلية بالعملات الأجنبية أو السلع الأساسية.
كما دعوا إلى إلزام الشركات الكبرى بنشر بيانات مفصلة عن تغيرات الأسعار مع توضيح سعر الصرف المستخدم في الحساب، وربط أي إعلان عن تخفيضات بمؤشرات اقتصادية موضوعية، لمنع التضليل الإعلامي والتسويقي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news