عن كتاب دليل السراة.. والبحث عن اللحظة الوطنية الجامعة

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 70 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
عن كتاب دليل السراة.. والبحث عن اللحظة الوطنية الجامعة

بروحٍ متوثبة بالأسئلة، تتاخم حدود الشعر والفلسفة، وبأسلوب حواري شيق، وبلغة متخففة من صرامة اليقين وحافلة برشاقة التعبير، يحلق بنا الصديق الشاعر والباحث والإعلامي/ مصطفى راجح في كتابه: دليل السراة في الفن والأدب اليمني – الصادر عن دار أروقة للدراسات والترجمة والنشر – في رحلة ممتعة عبر اشتغال كتابي تقدر مساحته على الورق بـ 350 صفحة، متوزعة على أربعة فصول وتوطئة… منفتحًا في رؤيته على فضاء معرفي إبداعي، يصعب القبض على حدود مساحته وأثره في النفس وأصداءه في الذاكرة.

في الفصل الأول الذي عنوانه: فواتح المطلع… يمضي بنا المؤلف مصطفى راجح في طواف فكري وثقافي أدبي فني مقتدر عبر تسليط إضاءاته التحليلية على موضوعات أدبية وفنية وفكرية عديدة، منها الشعر وماهية الكتابة الشعرية والرواية والقراءة، وعملية التفاعل، الحوار، التواصل والانفصال التي تنوجد بين ذات القارئ والكتاب أثناء القراءة، والعلاقة المتواترة بينهما والمحكومة زمنيًا بنوع الاهتمام ومستوى المعرفة المتغيرة عند كل قراءة، وكذلك الانطباعات والأحاسيس التي تخلفها فينا كل من اللوحة الفنية والصورة الفوتوغرافية، وما يسمى بالأثر الفني للوحة والصورة، حيث فيها نعيد اكتشاف ذواتنا وانفعالاتنا فيها عبر حوارات استنطاقية لما تكتنزه هذه الإبداعات من الجمال وما تمنحه من المتعة والعمق والبساطة وتوثيق الذاكرة.

كما يتعرض لما طرأ وهشم روح عدد من هذه الإبداعات عبر التغيرات الجوهرية وما ألحقته من خدش للتلقائية والبساطة فيها بفعل الاعتماد على التقنيات المعلوماتية والتراكم الكمي الذي تضخه تقنيات الاتصالات والذكاءات الرقمية جراء اعتماد بعض المبدعين والمشتغلين عليها في أعمالهم، وأثرها البالغ على سلب الروح والمعنى للتجربة الإبداعية للمبدع، وخاصة في مجالات عدة، خاصة في مجالي الشعر والرواية، إذ يلاحظ المؤلف أنه على الرغم من التدفق والغزارة في الإنتاج الإصداري خلال العقد الماضي، لكنه يفتقد إلى المعنى والأثر الفني الإنساني الذي يمس روح القارئ، يستوطنه ويحرك إحساسه… وذلك يعود – حسب رأيه – في جزء منه إلى الاعتماد على التقنية الاصطناعية، وجزء آخر إلى غياب التجربة الحياتية لبعض المبدعين أنفسهم، وضعف الحس الجمالي والحساسية الفنية، مما يجعل التكرار والتشابه وطغيان الشكلية وغياب المضامين والتميز والمعنى أحد سمات إصدارات العقد الماضي باستثناءات نادرة…

وفي إطلالته التحليلية والتأملية هذه، يستوقفنا المؤلف أمام الأثر الفني الذي تتركه أعمال القاص محمد عبد الولي، والشاعر عبدالله البردوني، ولوحات هاشم علي، وأرشيف صور الفنان عبدالرحمن الغابري، وقدرتها على محاكاة ذواتنا الصامتة أمامها وانتزاع دهشة أثرها الفني فينا…

في الفصل الثاني من الكتاب، حمل عنوان: بناة الأدب والثقافة، وقد كرّسه المؤلف لتسليط الضوء والاحتفاء بعدد من رموز الثقافة والأدب والفكر والإبداع في اليمن، والذين كانت لهم بصمات وطنية وثقافية وإبداعية، وشكّلوا انحيازًا مبكرًا لليمن الكبير أرضًا وإنسانًا بتنوعها، بعيدًا عن التخندق والتعصب، ولعبوا دورًا في الانتصار لوحدة الوطن الكبير في إبداعاتهم شعورًا ولحنًا وفكرًا، وبشروا بها حتى قبل إعلان الوحدة اليمنية… أمثال: د. عبدالعزيز المقالح، أ. عبدالله البردوني، أ. عمر الجاوي، أ. محمد المساح، أ. هاشم علي، أ. محمد الربادي، أ. أحمد الجابري، أ. عباس الديلمي، أ. عبدالكريم الرازحي، د. حمود العودي، أ. عبدالباري طاهر، أ. عبدالرحمن بجاش، أ. أيوب طارش، أ. محمد الفسيل… وآخرين.

أما الفصل الثالث، فحمل عنوان: وجدان اليمن.. أصواته ونغماته وإيقاعاته، وقد كرّسه المؤلف لتناول الألوان والإيقاعات الغنائية والطربية في اليمن، وتناول بالتحليل والتعريف بأهم الإيقاعات والألوان الغنائية اليمنية، وتوقف أمام عدد من الفنانين والملحنين من شمال الوطن وجنوبه الذين أسهموا في تشكيل وصياغة الأغنية اليمنية والذائقة الموسيقية والتطريب الغنائي، والزوامل، مفردًا الحديث عن اللون الغنائي الصنعاني واللحجي والحضرمي، وأبرز رموز هذه الألوان والإيقاعات من الفنانين والشعراء والملحنين الذين كان لهم دور تأسيسي فيها، وكذلك تناول أهم من اشتهر من الفنانين في كل لون بالقراءة والتحليل والتعمق في تتبع نشأة وتطور كل لون على حدة.

جاء الفصل الرابع بعنوان: خواتم التقفيل، وقد احتوى على عدد من الموضوعات المتنوعة التي تتناول بالنقاش والتحليل المعمق والثري والشيق جملة من القضايا الفنية والإبداعية التي تعكس اقتدارًا وإبداعًا في التعاطي، وتبرز اهتمام المؤلف بالشأن الإبداعي عمومًا، وتلك الخلفية الثقافية والذائقة الفنية والحس الرفيع في التعاطي الخلاق مع الحقل الفني والغنائي تحديدًا.

كتاب يستحق القراءة والإشادة… فقد استطاع المؤلف في مجمله أن يلملم صورة الوطن المتشظي والمنقسم في مرآيا السياسة، ويلتقطه ويجمع شظاياه موحدة في مرآة الفن والإبداع.

تحية للصديق الشاعر والإعلامي والفنان/ مصطفى راجح على هذه الروح وهذا الإنجاز.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

القرار رقم "11 " سيعيد رسم ملامح اليمن الجديد.. ووزير سابق يصفه بـ"الفرصة التاريخية"

نيوز لاين | 500 قراءة 

عيدروس الزبيدي يفجر مفاجأة مدوية بمقترح يلغي دولة الجنوب العربي

نيوز لاين | 442 قراءة 

مأساة على طريق العرقوب في أبين.. النيران تلتهم باص ركاب بالكامل وعدد كبير من الضحايا - صور

المشهد اليمني | 392 قراءة 

إحتراق باص نقل جماعي بمن فيه قادم من السعودية في أبين (صور+الاسماء)

نيوز لاين | 273 قراءة 

مأساة مروعة في أبين.. احتراق باص نقل جماعي ووفاة عشرات الركاب.. صور

نافذة اليمن | 232 قراءة 

الإعلان عن فوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك كأول مسلم يتولى المنصب

يمن ديلي نيوز | 219 قراءة 

فاجعة.. وفاة نحو 40 مواطنا إثر احتراق باص نقل جماعي في أبين

الصحوة نت | 206 قراءة 

شاب يمني يحقق إنجازاً سياسياً في أمريكا ويخلف أول يمني تولى منصب العمدة

نيوز لاين | 198 قراءة 

وزير يمني سابق يؤكد ان القرار رقم 11 سيعيد رسم ملامح اليمن !

يمن فويس | 192 قراءة 

من هو الفائز برئاسة بلدية نيويورك زهران ممداني.. العدو الجديد لترامب؟

اليوم برس | 190 قراءة