في لعبة الاقتصاد :البقاء للاكثر وعيا وليس للاكثر تفاؤلا

     
صوت العاصمة             عدد المشاهدات : 141 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
في لعبة الاقتصاد :البقاء للاكثر وعيا وليس للاكثر تفاؤلا

صوت العاصمة | حافظ الشجيفي

في مشهد يعكس ازمة بنيوية عميقة، تتارجح قيمة الريال اليمني بين صعود مفتعل وهبوط مفاجئ، دون ان يكون لهذا التقلب الحاد اي سند من منطق الاقتصاد او مؤشرات السوق الحقيقية. فالقرارات التي تحكم بها اسعار الصرف اليوم ليست سوى ادوات في يد اطراف سياسية تتحكم بمصادر التمويل وتوجه دفة الاقتصاد وفق اجندات ضيقة، لا علاقة لها بتحسين معيشة المواطن او استقرار البلاد.

وصلت اسعار العملات الاجنبية مقابل الريال اليمني الى مستويات قياسية غير مسبوقة، رغم عدم وجود مبررات اقتصادية تدعم هذا الانفلات، سواء من حيث العرض والطلب، او من حيث السياسات النقدية الفاعلة. والاكثر غرابة ان هذا الارتفاع تبعه هبوط حاد ومفاجئ، دون اي اصلاحات مالية او اجراءات حقيقية لمعالجة الاسباب الجذرية للتضخم، مما يؤكد ان كلا السيناريوهين كانا موجهين من قبل البنك المركزي، كجزء من لعبة سياسية تهدف الى ارهاق المواطن واذلاله.

هذا التلاعب المتعمد يظهر ان الاقتصاد في البلاد قد تحول الى ساحة للمناورات، حيث تستخدم العملة كسلاح لاستنزاف الناس نفسيا وماديا، وجرهم الى دائرة الياس والاحباط. فكلما شعر المواطن بومضة امل، تسحب البساط من تحت قدميه عبر ازمات جديدة تعيده الى نقطة الصفر، بل واسوأ.

ليس من الحكمة ان يندفع المواطنون الى التفاؤل المفرط بهبوط مؤقت في سعر الصرف، فالتجربة اثبتت ان هذه التقلبات تحاك في الغرف المغلقة، وتستخدم كاداة لتمرير صدمات اكبر لاحقا. فالقوى التي تتحكم بسوق العملة اليوم قادرة على قلب المعادلة بين ليلة وضحاها، ليعود الدولار والعملات الاجنبية الى الارتفاع مجددا، وربما بمستويات اعلى، تاركة الناس امام واقع اكثر قسوة، بعد ان استنفدوا ما تبقى من مدخراتهم في محاولات يائسة لمواكبة التقلبات.

هذا النمط من الازمات المدارة يذكرنا ب"اقتصاد الكمائن"، حيث يترك المواطن في حالة ترقب دائم، غير قادر على التخطيط لمستقبله، وغير واثق من اي تحسن عابر. والهدف واضح: ابقاء الشعب في حالة من الانهاك المستمر، حتى يفقد القدرة على المطالبة بحقوقه او مقاومة السياسات المفروضة عليه.

وفي خضم هذه المعركة، يبرز دور الاعلام كمضلل مقصود، لا كمنصف او ناقل للحقيقة. فغالبية الوسائل الاعلامية، باختلاف انتماءاتها، تعمل كبوق للسياسيين، تهول حينا وتهون حينا اخر، حسبما تمليه الاجندات الخفية. والخطورة هنا لا تكمن في تحيز الاعلام فحسب، بل في قدرته على تشكيل وعي الجمهور وتوجيه ردود افعالهم نحو مسارات تخدم اطرافا بعينها.

لذا، فإن الخروج من هذه المصيدة يتطلب وعيا فرديا وجماعيا يقظا.حيث لا يمكن ترك العقول رهينة لخطاب اعلامي معد سلفا، ولا يجوز الثقة بكل ما ينشر دون تمحيص. والحل الوحيد هو اعتماد العقل النقدي، والبحث عن المعلومات من مصادر متنوعة، وقراءة التحولات الاقتصادية بعيدا عن الضجيج الاعلامي المغرض.

القادم قد يكون اكثر قسوة، فمن يحرك خيوط الاقتصاد اليوم لا يهدف الى انقاذ البلاد، بل الى تحويل الشعب الى رهينة في صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل. لذلك، فإن اي هبوط في الاسعار يجب ان يقرا كهدنة مؤقتة، وليس كحل جذري.

الخيار الوحيد المتاح امام الناس هو توخي الحذر، وعدم الانسياق وراء التفاؤل الساذج، والاستعداد لمواجهة المزيد من التحديات. ففي ظل غياب الشفافية وسيادة منطق القوة، لن يكون الاقتصاد سوى وجه اخر للحرب. والبقاء للاكثر وعيا، لا للاكثر تفاؤلا.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مشرف حوثي يعدم أسرة كاملة بدم بارد في صنعاء

حشد نت | 977 قراءة 

توتر في عدن عقب إصرار الانتقالي على رفع علم الانفصال والمحافظ يرفض

الموقع بوست | 934 قراءة 

صحفي جنوبي يوجه نصيحة للمجلس الأنتقالي بالإبتعاد عن هذه الخطوة التي ستقودهم الى الخسارة !

يمن فويس | 836 قراءة 

زلزال في وادي حضرموت... بيان قبلي مفاجئ يقطع "شريان الحياة" عن إخوان اليمن

الناقد برس | 767 قراءة 

تحشيد حوثي كبير صوب جنوب اليمن

عدن حرة | 671 قراءة 

عاجل:وفاة ابرز واكبر القيادات الجنوبية

كريتر سكاي | 646 قراءة 

الطيران الحربي يغزو أجواء حضرموت.. وهذا ما يحدث اليوم

المشهد اليمني | 602 قراءة 

دعوة للزحف نحو غيل بن يمين.. حلف قبائل حضرموت يستعد لهذا الأمر

موقع الأول | 597 قراءة 

السعودية تنفذ حكم الإعدام بحق قاتل قائد قوات التحالف في وادي حضرموت

بوابتي | 523 قراءة 

عاجل:محافظ حضرموت يتحدث عن رحيل قوات الانتقالي

كريتر سكاي | 508 قراءة