تقرير موسع: نهب الحوثيين لإيرادات الدولة – فضيحة جديدة في جمرك ميناء الحديدة
تشهد مؤسسات الدولة اليمنية الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي سلسلة من الانتهاكات والعبث المستمر بالإيرادات العامة، وسط غياب تام للشفافية والمساءلة. وتبرز فضيحة جمرك ميناء الحديدة كمثال صارخ على حجم الفساد المنظم الذي تمارسه هذه الجماعة، حيث كشفت تقارير رسمية عن عملية نهب مالي ضخمة قُدّرت بمليارات الريالات اليمنية.
نهب ممنهج تحت غطاء "المراجعة"
في خطوة نادرة، صدر مؤخرًا تقرير رسمي عن مصلحة الجمارك الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء، أفصح عن وجود تلاعب مالي واسع النطاق في حسابات جمرك ميناء الحديدة. ووفقًا لما تم تداوله عبر منصات التواصل الاجتماعي، أظهرت لجنة المراجعة أن هناك عمليات "تصرف غير مشروع" أدت إلى فقدان مبلغ مالي ضخم يُقدّر بـ 3,616,120,665 ريال يمني.
ويُعد هذا الرقم جزءًا من سلسلة طويلة من الأموال العامة التي يتم الاستيلاء عليها بطرق غير قانونية، في وقت يعاني فيه اليمنيون من أزمة اقتصادية طاحنة وانهيار شبه كامل في الخدمات الأساسية.
محاولة تجميل الصورة... خطوة متأخرة
وفي محاولة لإضفاء شرعية شكلية على هذه الفضيحة، أعلنت مصلحة الجمارك الحوثية عبر وكالة "سبأ" التابعة للجماعة في صنعاء، أنها قامت بإحالة الملف إلى "الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد". ووصفت هذه الخطوة بأنها "سابقة هي الأولى من نوعها"، في محاولة واضحة لتجميل صورة المؤسسة أمام الرأي العام.
لكن الوقائع المتكررة تشير إلى أن مثل هذه الممارسات ليست جديدة على المؤسسات التي تسيطر عليها المليشيا الحوثية، حيث تتكرر حالات الفساد والنهب دون اتخاذ إجراءات رادعة، ما يعزز مناخ الإفلات من العقاب، ويفسح المجال لاستمرار العبث بثروات الدولة.
فساد بنيوي ضمن منظومة الميليشيا
تشير التقارير المحلية والدولية إلى أن ميليشيا الحوثي تعتمد بشكل رئيسي على نهب موارد الدولة لتمويل أنشطتها العسكرية والإدارية. ويتوزع هذا النهب بين قطاعات الجمارك، والضرائب، والإيرادات المحلية، والمساعدات الإنسانية التي يتم الاستيلاء على جزء منها أو توجيهها لخدمة أجندات الجماعة.
ويُعتبر ميناء الحديدة من أهم المنافذ التجارية في اليمن، ويمثل شريانًا اقتصاديًا حيويًا يمر عبره ما يزيد عن 70% من واردات البلاد. ومع وقوع الميناء تحت السيطرة الفعلية للحوثيين، تحوّل إلى مصدر رئيسي لتمويل الجماعة، بعيدًا عن أي رقابة من الحكومة اليمنية الشرعية أو الجهات الدولية.
دعوات للمحاسبة واستعادة الأموال
أثارت هذه الفضيحة الجديدة موجة من الغضب في أوساط الناشطين والإعلاميين اليمنيين، الذين طالبوا المجتمع الدولي والمنظمات الرقابية بتكثيف الضغط على ميليشيا الحوثي للكشف عن حجم الفساد والانتهاكات المالية، والعمل على استعادة الأموال المنهوبة التي تُستخدم في تمويل الحرب بدلًا من تخفيف معاناة المواطنين.
كما طالبوا بتشكيل لجان مستقلة ودولية لمراجعة الحسابات المالية في المناطق الخاضعة للحوثيين، بما يضمن كشف الحقائق كاملة، ووضع حد للفساد المنظم الذي يضرب مؤسسات الدولة في مقتل.
خاتمة:
تمثل قضية التلاعب بحسابات جمرك ميناء الحديدة مجرد نموذج من نماذج النهب المنظم لإيرادات الدولة في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي. وفي ظل غياب المساءلة الحقيقية واستمرار الإفلات من العقاب، فإن مثل هذه الانتهاكات مرشحة للاستمرار، ما لم يتحرك المجتمع الدولي والمكونات اليمنية لوقف هذا النزيف المالي، واستعادة سيادة الدولة على مواردها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news