تتقاطع حكاية شابة إثيوبية مع طريق طويل يسلكه سنويًا عشرات الآلاف من المهاجرين نحو السواحل اليمنية، بحثًا عن عبورٍ يقودهم إلى الخليج وفرصة عمل تغير المصير.
ووفق تقديرات منظمة الهجرة الدولية، يتجاوز عدد العابرين إلى اليمن 200 ألف مهاجر كل عام، أغلبهم قادمون من القرن الأفريقي، وبينهم نساء كثيرات يسافرن بمفردهن ويقعن تحت تهديد الاستغلال والعنف.
وفي سردٍ يوثق جانبًا من المخاطر، عرضت المنظمة حالة شابة في العشرين من عمرها، خرجت ضمن مجموعة تضم أربعة عشر رجلًا وأربع نساء، بعدما تبدلت حياتها عقب وفاة والدها، تاركة قريتها ومدرستها وأيامها البسيطة باتجاه مدينة بوصاصو الصومالية.
قبائل أرحب تُعتصم أمام محافظة عمران احتجاجاً على اختطاف ابنة القتيل حميد منصور ردمان
تعزيزات حوثية تتحرك على 3 جبهات والشرعية ترفع الجاهزية وسط هدنة مهددة
أسعار الذهب في اليمن اليوم الأحد 27-7-2025.. استقرار في عيار 21 والأوقية
وتقول الشابة إنها استسلمت لفكرة الهجرة حين سمعت عن فرص العمل بالخارج، فجمعت المال مع ثلاثٍ من صديقاتها بعد بيع ما تملكه أسرتها من ماعز، وأبلغت والدتها بأنها ستعبر نحو الخليج لتؤمن دخلاً يعين الأسرة.
ومع بداية الرحلة، تبدد الأمل سريعًا عندما فرق المهربون الفتيات في مجموعة منفصلة، واضطُرن للسير أربعة أسابيع عبر الصحراء باتجاه ميناء بوصاصو، حيث تكدّس المهاجرون بانتظار قوارب العبور.
وعند هذه المحطة، انقلب المسار إلى احتجاز وابتزاز، إذ وقعت الشابة في قبضة متاجرين بالبشر طالبوا بمبالغ إضافية، وحين عجزت عن الدفع تعرضت للاعتداء والعنف الجنسي، ضمن نمط تستند إليه شبكات الاستغلال القائمة على الترهيب والقوة.
وبعد هذه الانتهاكات، ساعدها أحد المهربين المتحدثين بلغتها على الصعود إلى قارب متجه إلى اليمن، لتلتقي صديقاتها مجددًا، دون أن تبوح لهن بتفاصيل ما مرت به، وقد غلبت عليهن جميعًا مخاوف المجهول.
وبعد يومين قاسيين في البحر، وصلت المجموعة إلى الساحل، حيث أجبرهم المهربون على القفز من القارب، قبل أن يجدن بعض المساعدة من قرويات يمنيات قدمن طعامًا وملابس، بينما كنّ يظنن أنهن وصلن بالفعل إلى إحدى دول الخليج.
وبين ارتباك الطريق، أوقف رجل يمني سيارته ونقلهن إلى عدن وقدّم لهن مالًا بسيطًا، لتستقبلهن هناك امرأة خاضت التجربة نفسها، ثم ساعدتهن بعد ثلاثة أيام في ترتيب السفر إلى صنعاء أملاً بالحصول على عمل أو دعم.
وعند الوصول إلى العاصمة، تفرقت الصديقات بحثًا عن الرزق، وتعرفت الشابة إلى رجل أوصلها بامرأة إثيوبية وفرت لها مأوى ووظيفة في متجرها، في محاولة لبدء صفحة جديدة.
وبعد أشهر، لاحظت صاحبة المتجر انتفاخ بطن الشابة، فاصطحبتها إلى المستشفى، لتكتشف أنها في الشهر السادس من الحمل، فتنهار باكية بعدما أدركت الأمر، بينما تواصلت الضغوط المالية وجرى نقلها لاحقًا إلى منزل أخت صاحبة المتجر للراحة.
ومع تعقد وضعها، تم إيصالها إلى المنظمة الدولية للهجرة، حيث روت تفاصيل ما خَبّأته منذ مغادرتها بيت أسرتها، من ألم وخوف ورحلة انزلقت إلى الفقدان والاستغلال.
ووضعت الشابة مولودها في نقطة الاستجابة التابعة للمنظمة بصنعاء، ولا تزال –بحسب المنظمة– تتلقى مع طفلها الرعاية الطبية والمشورة والدعم اللازم للحفاظ على كرامتهما، وسط غياب لأوراق الهوية ومخاوف تتعلق بالتعليم والحقوق الأساسية للطفل.
وتقول المنظمة إن نقاط الاستجابة تقدم مساعدات منقذة للحياة وتتيح مساحة للتعافي وتدعم الراغبين في العودة إلى بلدانهم، وهو ما تسعى إليه الشابة اليوم عبر برنامج العودة الإنسانية الطوعية.
وتختتم الشابة رسالتها بتحذير لكل من يفكر بخوض الرحلة نفسها، مؤكدة أنها لو استطاعت لنصحتهم بالعدول، فالثمن من الخوف والألم والخسارة أكبر مما يُحتمل.
المصدر: الشرق الأوسط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news