تشهد العاصمة اليمنية صنعاء، الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، أزمة متصاعدة في القطاع الصحي، بعد أن تسبب صراع داخلي بين قيادات الجماعة حول المناصب والإيرادات، في شلل جزئي داخل مستشفى الثورة العام، أحد أكبر المرافق الطبية في البلاد.
مصادر طبية وناشطون أكدوا أن الخلاف تفجّر بين أحمد غالب الرهوي، رئيس حكومة الحوثيين غير المعترف بها، ووزير الصحة في حكومته عبدالكريم شيبان، إثر إصدار كل طرف قرارًا منفردًا بتعيين رئيس جديد للمستشفى، ما أدى إلى تعطيل العمل في عدة أقسام وتوقف بعضها بشكل كامل عن استقبال المرضى.
ورجّحت المصادر أن النزاع لا علاقة له بتحسين الخدمات أو دعم القطاع الصحي، بل يرتبط بصراع نفوذ على "ختم الإدارة ومفاتيح الإيرادات"، في وقت يعاني فيه المستشفى من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات، مقابل استمرار تحويل إيراداته إلى حسابات مرتبطة بالقيادات الحوثية، أو استخدامها في تمويل الجبهات.
ورغم أن المستشفى يحظى بدعم مالي كبير، إلا أن تلك الأموال – بحسب شهادات أطباء – لا تُترجم إلى رواتب أو تحسين للخدمات، بل يتم حرمان الكادر الطبي من مستحقاته، وفرض رسوم باهظة على المرضى، بما فيها رسوم العمليات الجراحية والتنويم، في ظل أوضاع معيشية متدهورة.
وشهد المستشفى خلال السنوات الأخيرة عدة وقفات احتجاجية نفذها أطباء وممرضون، احتجاجًا على ما وصفوه بـ"النهب المنظم لميزانية المستشفى"، وتهميش الكفاءات، وتعيين موالين للجماعة في مواقع إدارية حساسة. ويتوقع مراقبون أن تمتد هذه الخلافات إلى مستشفيات أخرى خاضعة للحوثيين، كالجمهوري والكويت ومستشفى 48.
وفي سياق متصل، تفاقمت الفوضى داخل الهيئة الصحية في العاصمة، حيث اندلع خلاف منفصل بين رئيس هيئة مستشفى الجمهوري ورئيس هيئة الزكاة الحوثية، عقب رفض الأول تقديم استضافة طبية لأحد أقارب قيادي نافذ في الجماعة.
وبينما تتصاعد حدة الصراع بين الأجنحة الحوثية، حذّرت منظمة "أطباء بلا حدود" من ارتفاع مقلق في حالات الإسهال المائي بمحافظة عمران، والتي تجاوزت 2700 حالة، إضافة إلى تفشي الحصبة في محافظة ذمار، حيث سُجلت 600 إصابة، معظمها بين أطفال دون سن الخامسة.
وأكدت المنظمة أن النظام الصحي في مناطق سيطرة الحوثيين ينهار تدريجيًا، في ظل قيود مشددة على دخول المساعدات والمستلزمات، الأمر الذي ينذر بكارثة إنسانية تهدد حياة آلاف المدنيين، في وقت لا يبدو أن قيادة الجماعة معنية سوى بتقاسم الموارد والنفوذ داخل المؤسسات الصحية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news