صنعاء – خاص
في مقال أدبي ساخر لافت، أعاد الأديب والكاتب اليمني منير طلال تسليط الضوء على واحدة من أكثر الحكايات غرابة في المشهد اليمني، بطلها رجل يُدعى الحسن التهامي، ظهر في جبال ريمة قبل سنوات معلنًا نفسه “المهدي المنتظر”، وسط تضاريس مختلطة بين تهامة والجبال، وتحديدًا في منطقة الحوادل التابعة لمديرية الجعفرية.
ويصف طلال في مقاله، الذي حمل عنوان “المهدي التهامي… صاحب البلاد”، كيف بدأ الحسن دعوته في السعودية قبل أن يُطارد ويعود إلى اليمن، حيث تحصّن في جبال ريمة الوعرة، ليبدأ بتكوين حلقة من الأتباع والمؤمنين برسالته الروحية، التي اتسمت بالسلم واللاعنف.
عندما وصلت أخبار “المهدي” إلى الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، تعامل مع الأمر على محمل الجد، مخافة أن يتحول إلى تمرد مسلح جديد في الجبال، فأرسل حملتين عسكريتين على معقله، انتهت إحداهما بهزيمة ناعمة لقوات الجيش، ما دفعه لإرسال حملة أخرى تمكّنت من اعتقاله دون مواجهة.
لكن المثير في الرواية، كما يسردها طلال، هو أن المهدي التهامي لم يُعامل كخصم سياسي أو متمرد، بل كزعيم روحي دخل إلى قصر الرئاسة بوقار، وقال لصالح:
“أنا لا أعارض حكمك، أنا المهدي… وإذا اعترفت بي، أقرّك رئيسًا للجمهورية.”
ابتسم صالح وأجابه ممازحًا:
“وأنا أبشّرك بأني معترف بك.”
فقال المهدي:
“وأنا أقرّك رئيسًا، وألزم أتباعي بطاعتك.”
وهكذا، وبحسب المقال، خرج المهدي من قصر الرئاسة لا إلى السجن، بل إلى “سوق العطور والشيلان”، حيث بدأ بتوزيع الهدايا من “فل وعود وغتر”، مؤسسًا دعوته بروح صوفية وعطر روحي.
ويضيف طلال مشاهد من انتشار أنصاره داخل اليمن وخارجها، إلى أن اصطدم لاحقًا بالحوثيين الذين طالبوه بالبيعة، لكنه رفض قائلاً:
“أنا المهدي وأنت مجرد متأخر في الظهور.”
فكان مصيره السجن على يد “المهدي المنافس من صعدة”.
المقال الذي يجمع بين السرد التاريخي، والرمزية، والسخرية السياسية، يختتم بنداء ساخر من الكاتب نفسه، يدعو فيه إلى تأسيس رابطة أنصار المهدي التهامي، ويعلن نفسه نائبًا رسميًا للإمام، مخولًا بتوزيع الشيلان وتسجيل الأتباع في “الدفتر الأخضر”، في نقد ضمني لواقع التقديس الديني والسياسي في اليمن.
يذكر أن منير طلال يُعرف بكتاباته الجريئة والناقدة التي تمزج بين الأدب والواقع اليمني، بأسلوب ساخر لا يخلو من ألم دفين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news